تقدم ضياء الدين حسن القاضي مؤرخ وعضو اتحاد العرب، ورئيس لجنة التراث بالمجلس الأعلى للثقافة، بتهنئة الرئيس عبد الفتاح السيسي بمناسبة مرور سبعة أعوام على ثورة 30 يونيو، متمنيًا أن تكون عيدًا قوميًا ليؤاخي كبريات الأعياد القومية الأخرى.
و قال القاضي مخاطبا الرئيس السيسي، إن إنجازاتكم كثيرة وهامة فمهما ذكرت فما سوف أذكره قطرة من بحر التعمير والتشييد والبناء، فكان من الذكاء والفطنة بكم منذ أن توليتم منصبكم أن نظرتم إلى قناة السويس الأم التي افتتحت للملاحة العالمية يوم 17 نوفمبر 1869، على أنها هي الشريان الحيوي الذي يضخ عائدًا جبارًا بل المورد الأساسي، والأول في الميزانية العامة للدولة.
فكرتم في ذلك ولم يمر على توليكم منصبكم الكريم شهران، فكرتم كيف يتم تطوير هذا المرفق الهام، وذلك لمزيد من الدخل وانتهى تفكيركم إلى حفر قناة جديدة فأصدرتم في الخامس من أغسطس 2014 وثيقة لحفر قناة السويس الجديدة، وبالفعل وفي زمن قياسي لم يتجاوز العامين مما أذهل العالم تم افتتاح قناة السويس الجديدة لتتآخي مع القناة الأم.
وأضاف القاضي بمناسبة قناة السويس فكانت ضفتيها مسار اهتمام الرئيس السيسي، إذ أمر بشق عدة أنفاق تمر أسفل القناة من أجل ربط سيناء الحبيبة "أرض الفيروز" بأرض الوادي، حيث أقيمت المشروعات الزراعية والصناعية والتنموية على أرض سيناء التي كانت مهجورة، وبان من المشروعات العملاقة الأخرى الشبكة القومية للطرق والكبارى العلوية، محطات توليد الطاقة، حقل ظهر، قناطر أسيوط الجديدة، مدينة العالمين الجديدة، مزارع الطاقة الشمسية بأسوان، الريف المصري الجديد، العاصمة الإدارية مصر وتابع القاضي المرأة المصرية المعدمة التي ليس لها دخل ثابت وتعيش تحت خط الفقر، هي "هم" الرئيس السيسي الأول فجعل لها معاشا شهريا يحميها "تكافل و كرامة"، أما بالنسبة للعلاقات الخارجية ففي أوج مجدها وموضوع مثل سد النهضة فالمساعي الدبلوماسية جارية على أعلى مستوى لحلها سلميا، وازدادت مصر ثقلا على ثقلها السابق في القارة الإفريقية بتولي الرئيس السيسي رئاسة منظمة الوحدة الإفريقية.
ويقول القاضي فشلت في مقابلة الرئيس جمال عبد الناصر وعمري ثلاثة عشر عاما، و نجحت في مقابلة الرئيس السيسي وعمري ثلاثة وسبعون عاما، فمقابلة القادة و الزعماء أمل كل مواطن وشرف له، وكان من عادة أهل بورسعيد تحمل المشاق من أجل مصافحة الرئيس جمال عبد الناصر عند زيارته لمحبوبته بورسعيد الباسلة والمتكررة رغم حصاره بحرسه الخاص، ففي كل عيد نصر كان يركب سيارته الخاصة المكشوفة التي تمر بشوارع بورسعيد الهامة ببطء نظرًا لامتلائها بالآلاف من الجماهير المندفعة لتحيته، ويقومون بتسلق مقدمه عربته ويصافحونه و يقبلونه ثم يأخذون منديل جاكيتته الأبيض تذكار لتلك المقابلة، والقلة ينجحون في تلك المحاولة والأكثرية يفشلون بسبب يقظة حارسه الخاص الجيار، وكنت أنا أحد من فشل، ففي زيارة الرئيس جمال عبد الناصر لبورسعيد في عيد نصرها 23 ديسمبر 1957، وكان عمري وقتها ثلاثة عشر عامًا، فبعد أن فرغ الرئيس من استعراض طابور العرض العسكري بميدان الشهداء، وتوجه عن طريق الكورنيش إلى استاد بورسعيد لمشاهدة العروض الرياضية لطلبة المدارس، تم إلقاء الخطاب التاريخي وتوجهت طريق الكورنيش ونجحت في تسلق مقدمة سيارته، وكانت المسافة بيني وبينه أقل من نصف متر،
وإذا بحارسه يوقعني أرضًا من فوق العربة فحزنت كل الحزن لعدم مصافحته.
و تمر الأعوام وتصلني دعوة من اللواء عادل الغضبان محافظ بورسعيد، يوم الأربعاء 28 ديسمبر 2017، وعندما توجه الرئيس للمنصة لإلقاء خطابه وذكر أنه يجب الاهتمام بتاريخ بورسعيد والعمل على تشكيل لجنة لحصر بطولات شعبها عبر العصور، وتدعيم ذلك بإصدار مجموعة من الكتب التاريخية لتكون مرجعا لتلك البطولات، ولتثبيت روح التضحية والبطولة والفداء لدى الشباب من خلال المدرسة، يضاف إلى ذلك إقامة متحف قومي.
كل ذلك كان سببًا في تشجيعي على أن استأذن الرئيس السيسي، بأن يسمح لي بالحديث عن كل ذلك، ورفعت عصاي ثم يدي وقلت للرئيس تسمح لي أجيلك فقال بأدبه "أنا أجيلك لغاية عندك"، فقلت اسمحلى في تقبيلك و معانقتك بالنيابة عن كل بورسعيدي، فسمح لي بالحديث فقلت له صاحب الفخامة أحيطم علمًا أن في محافظة بورسعيد مجلس أعلى للثقافة، اللجنة الأولى المنبثقة منه لجنة التاريخ والتراث التي أتشرف برئاستها، وأنني باعتباري مؤرخًا وعضوًا في اتحاد المؤرخين العرب وعضوًا في الجمعية المصرية للدراسات التاريخية بالقاهرة، أعددت حتى الآن ثماني كتب تتحدث عن تاريخ بورسعيد بالكامل بداية من الحضارات التي كانت تحيط ببورسعيد ونهاية بالحروب التي دارت على أرضها وفيها التفاصيل وتفاصيل التفاصيل، أما بالنسبة للمتحف فسبق أن طالبت محافظ بورسعيد، بإعادة المتحف الذي كان موجود أسفل المسلة "متحف النصر"، و كان يحكي تاريخ بورسعيد بالكامل بالمعلومة والصورة والوثيقة، و من أن فرغ حتى توجهت إليه وأديت له التحية مرتان كما لو كنت ألبس الملابس العسكرية والثانية كما لو كنت ألبس المدنية، ووقفت أمامه في وضح وانتباه وقلت فخامتكم رجعتني شباب تاني، رجعتني برغم سني الآن 73 عامًا، رجعتنى لأكتوبر 73 ثم هتفت تحيا مصر ثلاث مرات، و تعانقت معه عناقا كله حب و إخلاص.
و على إثر زيارة الرئيس وعودته إلى القاهرة، تم إصدار قرار رقم 338 لسنة 2017 بتشكيل لجان على مستوى محافظات القنال، بأن تتولى مهمة توثيق بطولات شعب مدن القنال، وعلى ضوء ذلك أصدر اللواء عادل الغضبان محافظ بورسعيد القرار رقم 193 لسنة 2017 بتشكيل لجنة على رأسها المؤرخ ضياء القاضي لرصد و تسجيل تاريخ نضال شعب بورسعيد، مقسمة إلى حقبات كل حقبة تمثل عقد من الزمان وبالفعل أنجزت اللجنة هذا العمل في زمن قياسي، وسلم للدكتورة فينوس فؤاد ممثلة في وزارة الثقافة في اللجنة، وبالرغم من مرور عامين لا يعلم عضو اللجنة ما تم حتى الآن في العمل المقدم منها، وتم الكتابة للأديبة سكينة فؤاد، وأعدت مقالا عن هذا الموضوع ناشدت فيه الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، بالتدخل لطبعه على نفقة الوزارة، ونشر بجريدة الأهرام 20 أكتوبر 2019 تحت عنوان "لبورسعيد وللقناة ولمصر كلها".