نجل المراجع القانونى لقرار تأميم القناة يروي كواليس مناقشة والده رسالة الدكتوراه في باريس

الدكتور على الحفناوى
الدكتور على الحفناوى

روى علي الحفناوي نجل أول مستشار قانوني لقرار تأميم قناة السويس الدكتور مصطفى الحفناوي أيام الراحل جمال عبد الناصر، عن مناقشة والده لرسالة الدكتوراة أمام لجنة جامعة السوربون بباريس في 5 يونيو سنة 1951، برئاسة القانونى العالمى 'جيلبرت جيدل'.

وأوضح 'الحفناوي'، أن الجدال كان كبيرًا بين والده ولجنة المناقشة حتى استطاع أن يحصل على درجة الدكتوراه بتقدير جيد جدًا، وأن القانونى العالمي 'جيلبرت جيدل' أثناء المناقشة توقف للحظات وقال: 'والآن اسمع مني ما لا يرضيك كيف استبحت لنفسك أن تنعت الفرنسي العظيم "فرديناند ديلسبس" بأوصاف لا تليق، وما ينبغي أن تدنس بها رسالتك الرائعة هذه إنني أطالبك بحذف تلك العبارات'.

وأجاب الحفناوى: 'إني متمسك بها؛ وإنها ليست من صياغتي، وإنما وردت في أسباب الحكم بالسجن خمس سنوات ضد فرديناند ديلسبس في قضية قناة بنما، وصدر هذا الحكم من محكمة جنايات السين في باريس، آخر أيام ديلسبس؛ وبعد مأساة قناة السويس، وطعن في الحكم بالنقض، ورفض الطعن باستثناء وقف تنفيذ العقوبة البدنية ضد ديلسبس، لأنه كان طاعنا في السن، وتجاوز عمره الثمانين عامًا'.

ومن جانبه، تابع 'جيدل': 'بي ضعف لهذا الفرنسي العظيم الذي لو أنصفته فرنسا لأقامت له تمثالا في كل ميناء، وبسبب ضعفي هذا أصر على رجائي إياك أن تحذف تلك النعوت '.

الراحل الدكتور على الحفناوىالراحل الدكتور على الحفناوى

وسأله الحفناوى: "هل يسمح سيادة الرئيس لمواطن مصري أن يكون به ضعف لوطنه المجني عليه؟"، وفي هذه اللحظات جاء دوى تصفيق حار من المصرين الذين كانوا حاضرين المناقشة، وشاركهم غير المصريين؛ وعلى الفور تراجع الفرنسي قائلًا: "أنا فرنسي وأنت مصري، ومن يدري ماذا كنت لأقول لو أنني مصري؟".

وأضاف نجل الحفناوى، أن المسألة كانت مصير شركة قناة السويس، بعد أن بين الحفناوى بالرسالة بطلان عقد الالتزام وانعدامه، إضافة إلى الفضائح التي تورطت فيها الشركة ومخالفاتها وجرائمها التي لا تحصى، مستندا إلى ملفات الشركة التي ذُكرت أرقامها في هوامش الرسالة،

ولم يطق 'جيدل'، أن يقرأ دعوة الطالب واتخذ إجراءات فورية لذلك، وفي المدة الباقية حتى يوم ١٦ من نوفمبر سنة ١٩٦٨م، واعتبار هذه المدة مرحلة انتقال إلى أخر ما ذكره في رسالته بهذا الخصوص.

وأشار إلى أن جيدل أعلن وزملائه أنهم لا يقبلون الحلول التي عرضها في هذا المسألة، ومطلوب منه أن يقترح حل آخر، وأن يحاول التوفيق بين مصالح مصر التي يدافع عنها وبين بقاء الشركة واستمرارها، ورد الحفناوى على الفور إنه ليس لديه أي حل آخر.

وقال جيدل: 'إن قريعة العالم الشاب الذي كتب هذه الرسالة، لا يعجز عن اقتراح حلًا آخر يكون معتدلا وتقبله الهيئة'، وشفع ذلك بتهديد في لغة مهذبة قائلا: 'إنك باقتراحك الحالي ستعرض وطنك لمتاعب جسيمة؛ والدول صاحبة المصالح لن تترككم تسيرون في الطريق الذي تدعو إليه'.

واستطرد نجل الحفناوي فى حديثه قائلًا بأن والده تحدث اليهم بكل ثقة وقال: 'يبدو لي أنكم أخطأتم فهمي، وتصورتم أني مجرد طالب يبحث هنا عن درجة علمية، درجة دكتور في القانون، وأبادر فأعلن أني متنازل عن درجة الدكتوراه في القانون، فما أنا لست بحاجة إليها، إنني في مصر محام لدى محكمة النقض، وهنا في باريس مستشار سفارة، ومعنى ذلك أني وصلت في سلم عملي إلى آخر المراحل، فلا حاجة لي إلى لقب دكتور في القانون، وأعرض الحلول التي أراها، وإن لم تقبل فإني سأطوي الملف، وأترك باريس، وأذهب إلى بلد آخر فيه منابر حرة لأستعملها'.

وتابع: 'أنه سمع في هذه اللحظة دوى صوت جيدل وهو ينادي قائلا: 'إن جامعة باريس كانت دائما وأبدا منبر الأحرار الذين يعرضون منه قضايا الحرية، ونحن نعتز بهذا، ونرحب بك اليوم، كما رحبنا بغيرك، وسنرحب دائما بطلاب الحرية والاستقلال'.

وبعد مناقشة التى استمرت خمس ساعات ونصف، وبعد المداولة التى استمرت خمسة دقائق، أعلن جيلبرت جيدل باسم جامعة السوربون بباريس بمنح درجة الدكتوراة للطالب مصطفى الحفناوى بتقدير جيد جدا مع تهنئة هيئة التحكيم.

WhatsApp
Telegram