تعد محافظة الغربية أحد القلاع الحصينة التي تحمل بين جدرانها شواهد مازالت راسخة على مر الزمان، تسيطر على جنباتها، معالم التاريخ، لتثبت أنها قديمة قدم الزمن، كانت ديدوسيا، مقر الكهنة والنبلاء، ومقر حكم فرعون الأقليم، تزينت بعدد من جواهر العصور والحقب الماضية، حيث كانت ملتقى كافة أجناس العالم، ودخلتها كافة الديانات، حيث تمركز الكهنة والتجار فى ميدان البركة 'سوق حبوب البرسيم، بينما بنى اليهود خوختهم، وأقام الأمير جاويش مسجده فى قلب سوق اللبن، ولأنه كان من افخم حكام الأقليم، وأكثرهم ثراء بنى حمام على الطراز المملوكى، يدخله يومى الثلاثاء والجمعة للاستحمام والتطيب، ويتركه مفتوح للعامة باقى أيام الأسبوع، إلا أنه مع مرور الزمن وتعاقب الأجيال، تهدمت أجزاء منه، وتحولت المغاطس لأحواض رثة، متهالكة، حتى أن شبكة المياه مازالت قائمة من السبعينات.
آخر آثار المماليك بالمحلة الكبرى
يقول رفعت الهورينى، أحد قاطنى ميدان سوق اللبن: أنشأ هذا الحمام الأمير ساويش محى زاد 'جاويش' أحد حكام المماليك، وذلك عام 1100ه/1688م، أى أن ذلك الحمام مازال يعمل على مدار 331 عام، حيث يعد من الآثار النادرة، التي تمارس العمل التي أنشئت من أجله.
آخر آثار المماليك بالمحلة الكبرى
وأكد أبو القاسم، أحد المواطنين، أن ذلك الحمام من ضمن الآثار الإسلامية بمدينة المحلة الكبرى بقرار رقم 243 لعام 2000 ونشر بجريدة الوقائع المصرية، حيث يقع الحمام بشارع المتولى بالقرب من مسجد الطريني الكبير 'المتولى'، يتم الدخول للحمام من باب واحد مطل على مسجد المتولى وإلى اليسار، حيث يوجد مصطبة كاستراحة وإلى اليمين حجرة بوفيه وفى الجهه الجنوبيه مكتب التحصيل وبداخله دولاب مخزن.
آخر آثار المماليك بالمحلة الكبرى
وأضاف أبو القاسم: يشمل الحمام على عدد من المغاطس ومستوقد تم هدمه، وهو ما يخل بقانون الآثار، واستعيض عنه بغلايات حديثة لرفع البخار الساخن إلى المغطس.
آخر آثار المماليك بالمحلة الكبرى
وتابعت أم كريم، أحد المترددات على المكان: مازال الحمام يعمل بشكل يومى فترة صباحية للنساء حتى الخامسة عصرا، ومسائية للرجال تبدأ من السابعة، وتتراوح أسعار الجلسات من 50 حتى 100 جنيه، على حسب اختلاف الجلسة، العروس تدفع إكرامية وتختلف جلستها من تكبيس وتكيس وبخار حار وغيرها من الطقوس الخاصة، والمثير من الفتيات الصغيرات اعتدنا زيارته كنوع من الاحتفال والفلكلور، حيث تم الاستغناء عن تلك الحمامات العتيقة بالـ'سبا'، فالمتولى'سبا' الغلابة.
آخر آثار المماليك بالمحلة الكبرى
وأضافت 'أم مريم' أحد الزائرات: اعتدت المجئ مع أمى وجدتى، كل أسبوع، ومع مشاغل الحياة، أصبحت الزيارة شهرية، حيث كانت تجتمع السيدات على حافة المغطس، وهو ذلك الحوض المليء بالمياه الساخنة، يتدفق منه البخار ليعم أرجاء المكان، السيدات كانت تجتمع للتحدث والتندر والاستشفاء، ومنهن من كانت تجدد زينتها وتتجمل، وخاصة العرائس، فكل مرة كنا نأتي يصادف وجود عروس، تحتفل بها السيدات الأكبر سناً، ويبدأن فى نصحها، وتزينها حتى تنتهى جلستها.
آخر آثار المماليك بالمحلة الكبرى
واستطردت كلماتها قائلة: لكن المكان أصبح مخيف، حيث يظهر سوء حالة الطابق الثانى للحمام من خلال تحطم النوافذ وتهشمها، وكذلك السقف الخاص بالطابق وجدرانه، أما جدران الحمام بصورة عامة تحتاج إلى الترميم حيث أنها تتعرض بصورة دائمة من الداخل لبخار الماء، وهو الأمر الذى أثر عليها، وتساقط القشرة الخارجية، في ظل غياب نقطة الآثار المطلة على الحمام.
آخر آثار المماليك بالمحلة الكبرى
وفى ذات السياق يقول رسمى عبدالمنصف: حدث للحمام بعض التغييرات على يد مستأجره، والذي استأجره من الأوقاف، بما يتنافى مع قانون الأثار، بعدم هدم أو تغير ملامح أثره، لذلك فإنه يحتاج إلى عملية ترميم للحفاظ عليه وإعادته إلى حالته الأصلية حيث يعد المثل الوحيد الباقى من هذا النوع على الطراز المملوكى بالمحلة؛ وإيجاره السنوي 7 جنيهات فقط لا غير، فلما نتركه يسقط من أجل مبلغ زهيد.
آخر آثار المماليك بالمحلة الكبرى
وعلى صعيد متصل يقول'محمد البرنس' مستأجر المكان: تقدمت بعدد ليس بقليل من الشكاوى لمديرية الأوقاف، ووزارة الآثار، لانقاذنا وترميم ذلك المكان التاريخي، منعا لسقوطه، إلا أن كافة الطلبات قوبلت بالرفض، حتى عرضت ترميمه على نفقتي الخاصة، هددونى بالسجن، فالمغطس متهالك والمصاطب متهشمة، الجدران الرئيسية سقطت طبقت الترميم، كل ما أطلبه هو إنقاذ المكان من الدمار، فهو تابع للدولة، والتى لابد وأن تحافظ على ممتلكاتها.
آخر آثار المماليك بالمحلة الكبرى
آخر آثار المماليك بالمحلة الكبرى
آخر آثار المماليك بالمحلة الكبرى