طرقت الباب ففُتح، لأجد طفلة تسحب قدمها اليمنى من الأعلى للأسفل، بعدما أحكمتها في مقبض الباب ليفتح، لتعود بها وتستوي قدميها الاثنتان على 'بلاط' شقتهم وتقول 'أنا رحمة'.
رحمة من ذوي الهمم
تجلس رحمة عزت عبد الله، 6 سنوات، إحدى طالبات الدمج، وأمامها ألوانها المبهجة، وكراساتها ذات الأشكال الشجرية الجميلة، وتضع بين أنامل قدمها القلم تلو الآخر لتنتهي سريعا من تلوين وتجميل رسوماتها.
بعد وصولها للعام السادس، قامت أسرتها بتقديم أوراق التحاقها بالتعليم، لتصبح في الصف الأول الابتدائي بمدرسة مدينة فارس وتبدأ رحلة اكتشاف مواهبها في الرسم والتذوق الإبداعي بعدما رأتها معلمتها ونظرت إلى معجزتها في تمكنها من الرسم والتلوين بقدميها.
لم تمنع 'رحمة' إعاقتها من ممارسة الرسم والتلوين، وأصبحت تقدم رسومات تحدت فيها إرادتها وإعاقتها، لتُصبح رائدة ذوي الهمم بمدرستها لتصبح نموذج مختلف يحتذى به في صغر سنها، فهي تساعد والدتها في ترتيب وتنظيف منزلهم وتقوم بما يتكاسل عنه غيرها من الأطفال الأسوياء.
رحمة من ذوي الهمم
رحمة تريد رؤية الرئيس السيسي
'إيدي هي رجلي بعرف أعمل كل حاجة أحسن من أي حد'.. كانت أول كلمات رحمة لـ'أهل مصر'، وتعليقًا على سؤال.. بتعرفي ترسمي برجلك؟.
لم تتركني رحمة للحديث بمفردي، فبادرتني: 'معاك موبايل يلا صورني.. عايزة أشوف الرئيس السيسي علشان أسلم عليه، وبشوفه في التلفزيون وبحبه أوي'.
رحمة من ذوي الهمم
'ربنا خالق كل شيء، خلق ابنتي بدون ذراعين، لكن تمتلك موهبة الإبداع الفني والرسم واختيار و تنسيق الألوان، وسعيدة وفخورة بابنتي وانتظر مستقبلها الكبير'، بكبرياء وثقة كبيرة، نطقت هبة مصطفى مطر، والدة رحمة، بهذه الكلمات عن ابنتها لـ'أهل مصر'.
وتضيف هبة: 'ابنتي تفعل كل شيء بقدميها فتساعدني في ترتيب البيت وتجهيز الأكل وترسم وتلون وتأكل بنفسها، ودائمًا أدعمها فمنذ صغرها وهي متفوقة وذكية، وتفعل كل شيء بقدميها'.
تتابع الأم 'رغم أن موهبة رحمة، ظهرت لديها منذ صغرها، إلا أن القدر جعلها تدخل دائرة التذوق الإبداعي للأسرة، فأنا أعمل في مجال الديكورات، ووالدها أيضًا مهندس معماري'.
رحمة من ذوي الهمم
وتشير والدة رحمة، إلى أن لديها ابنتين رحمة وردينا، الأولى متفوقة منذ صغرها، ولدت بدون ذراعيها وخلال رحلتها بها مع الطب والأطباء أكدوا أنه من الممكن أن يكون هناك حل وذرع ذراعين لطفلتها، لكنه ليس قبل 6 سنوات، ومن وقت ولادتها وهي تعيش على هذا الأمل.
والدة رحمة: أطالب بعلاج ابنتي
وتطالب هبة، وزيرة الصحة، الدكتورة هالة زايد بالنظر إلى طفلتها، وإلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، قائلة: 'الريس والدنا وأخونا جميعًا، وأطفالنا أطفاله، وأطلب منه التوصية على طفلتي فأريد علاجها وذرع ذراعين لها، ولا يتوفر ذلك إلا في الخارج وبمبالغ كبيرة لا نستطيع توفيرها'.
رحمة من ذوي الهمم
معاناة والدتها
تقول الأم، لـ'أهل مصر'، إن طفلتها تخرج إلى الشارع لتلعب وتلهو مع الأطفال الصغار لكنها كثيرا ما تواجه تنمر وجمل قاسية، 'فين إيديكي – شكلك وحش – إيديكي مقطوعة'، مطالبة المجلس القومي للمرأة، ومنصات الإعلام بضرورة بث الثقافة وقبول الآخر بجميع هيئاته وأشكاله، وأن يكون هناك مواد دراسية تدرس في المدارس للطلاب تشدد على أهمية احترام الآخر وعدم التنمر به.
وتبين أنها كانت دائمًا تواجه مشكلة في التحاق ابنتها للمدرسة، فالمدارس الخاصة جميعها في الفيوم رفضت انضمام رحمة لهم، لأنها من ذوي الهمم، لكن مدرستها الحالية قبلت بحالتها، وهي مدرسة حكومية'. رحمة من ذوي الهمم