لا حيلة لها، فقيرة، عاجزة، ومريضة، تبغى من الدنيا أن ترى نور الشمس من نافذة بيتها البسيط، الكائن في إحدى قرى محافظة الشرقية، أمنيتها الوحيدة أن تستطيع الوقوف من جديد، وأن تمشي على قدميها، كي لا تسأل الناس عونهم وتتجنب شفقتهم عليها، مات عنها زوجها، وتزوجت فتاتها، والتحق نجلها الأكبر بالجيش، وبقي طفلها ذو العشر سنوات ونيسها، إلا أنه عاجز عن خدمتها، وتكالب عليها الفقر والمرض فزادوا ضَعفها ضِعفًا، وما زالت تُعاني الشلل النصفي، منذ 6 سنوات مضت.
'علية' امرأة تخطت الأربعين من العمر بـ 5 سنوات، تقيم بعزبة التونسي التابعة لمركز أبو كبير بمحافظة الشرقية، تروي مأساتها:'منذ 6 سنوات تعرضت لحادث سقوط من أعلى سطح منزلي ذو الطابق الواحد المرتفع نحو 4 أمتار، وشخّص الأطباء حالتي بكسر في فقرات العمود الفقري، وكذلك كدمات بالنخاع الشوكي، أدت إلى شلل نصفي'.
مأساة سيدة بالشرقية
وتابعت: 'أجريت جراحة بمستشفى الأحرار العام، لتثبيت الفقرات وغادرت المستشفى وأنا قعيدة عاجزة، لكن لم يتركني زوجي الرجل البسيط قبل وفاته، الرجل ذو الأجر الزهيد، وأنفق أخر جنيها معه، حصيلة راتبه من عمله بالأجر اليومي، حتى أنه سافر بي للقاهرة، لأحد الأطباء المهرة والمشهورين هناك، والذي بدوره أعطاني الأمل من جديد، بأنني سأقف على قدماي وأرى الشارع وأستطيع المشي مرة أخرى، وذلك من خلال زرع 'الخلايا الجزعية'.
وأكملت حديثها بصوت منكسر وعيون تنهمر من الدموع:'كنت بحاجة لفحوصات تكلفَتها نحو 3 آلاف جنيه، فقررنا التوقف لأننا لا نملك هذا المبلغ القليل، علما بأننا تفاجئنا بأن تكلفة العلاج ستتخطى نحو 80 ألف جنيه، هذا بالإضافة للمتابعة بعد (زرع الخلايا الجزعية)، مع أخصائي علاج طبيعي، لعمل جلسات علاج للساقين، انكسر قلبي وكتم زوجي ألم عجزه في قلبه، ولم نستكمل رحلة العلاج التي انتهت قبل بدئها'.
مأساة سيدة بالشرقية
وتضيف 'عليّة' قائلة :'تهاجمني كل المشاعر السلبية، من ذل وعجز وامتهان، ولم أعد أقوى على الصبر، فأنا عاجزة عن الحركة، كما أنني أعاني من شلل نصفي أفقدني الإحساس بالجزء السفلي، لذا أتعايش بالقسطرة للتبول، وأدعو جيراني بإرسال طفلي لهم، للإستعانة بهم لمساعدتي، كما لم أملك كرسيا متحركا، يساعدني على التنقل، فأظل منتظرة بالساعات لحين قدوم طفلي ليجلب لي كوب الماء'.
وبقلب متمزق أضافت 'عليّة': 'ابنتي المتزوجة تزورني يوم في الأسبوع لتقوم بخدمتي، وهى تعيش مع زوجها وسط عائلته ولا أود أن أفسد حياتها، فقط أريد كرسي متحرك يساعدني على خدمة نفسي والتنقل بالمنزل، كما أن ليّ علاج تكلفته 1000 جنيه، يتكفل به أهلي وأقاربي، وأشعر بالألم لأنني أحملهم فوق طاقتهم في ظل الظروف التي يعانيها الجميع، ولا أملك قوت يومي ولا دوائي'.
مأساة سيدة بالشرقية
وناشدت الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، قائلة: 'العجز والمرض والفقر ذلّوني، كن سبب في شفائي'، كما ناشدت أيضًا جميع المسؤولين بمساعدتها لإجراء عملية زرع الخلايا الجزعية، وتوفير كرسي متحرك كهربائي، حيث أنها هزيلة لا تقوى على تحريك الكرسي اليدوي، مختتمة حديثها قائلة: 'في انتظار فرج الله قريبا، لأن سنوات صبري طالت، وما زلت لم أفقد الأمل، بأن أسير على قدمي وارى نور الشارع، وأخدم نفسي وأجنب الناس أعبائي'.