وثّق آثار العدوان ومشاهده المأساوية التي تسبب فيها القصف الذي شهدته المدينة والمدنيين وترك أدلة حقيقية وشهادات حق التقطتها عدسة كاميرته، فقد سجّل أبناء بورسعيد بحروف من نور قصص لبطولات التصدي فى مواجهة العدوان الثلاثى على بورسعيد، وضربوا مثالا رائعا فى المقاومة الشعبية لذلك العدوان، ولكن هناك قصة مختلفة قام بدورها بطل 'أوروبى' وهو المصور الإيطالي ايتورى موسكاتيلى من الجاليات الأوربية التى كانت تعيش فى بورسعيد وتغافلها شباب المدينة عن الذكر ولم يعرفوا حكايتهم وارتباطهم بالمدينة.
بورسعيد كانت دائما مدينة العالم المدينة 'الكوزمو بلاتينية' أي التي يعيش فيها الكل بسلام وتتعايش فيها كل الديانات والجنسيات والحضارات واللغات دون تمييز؛ وهناك أبطال شاركوا البورسعيدية فى حرب 1956 أثناء العدوان الثلاثي على المدينة الباسلة الذي شنته 'إنجلترا، فرنسا، إسرائيل '، والغريب أنهم من جنسيات أوربية، والدي كان منهم المصور الفوتوغرافي وحارس مرمى النادى المصرى الأسبق 'ايتورى موسكاتيلى'.
موسكاتيلي الإيطالي
ولد Ettore Moscatelle يوم ٢ أبريل ١٩١٦ فى مدينة بورسعيد لعائلة من أصل إيطالي وهي إحدى العائلات التي استقرت فى المدينة بعد افتتاح قناة السويس.
نشأ منذ الصغر يهوى ممارسة لعبة كرة القدم حيث كان لاعبا ماهرا واستعراضيا منذ أواخر الثلاثينات وحتى نهاية الأربعينات باستثناء فترة الاعتقال (1940/1945)، مارس لعب كرة القدم كحارس مرمى محترف فانضم في بادئ الأمر إلى فريق Virtus ثم انتقل بعد ذلك إلى النادي المصري الرياضي، وفي ذاك التوقيت كان قد ذاع صيته وأصبح ذو شعبية كبيرة، حصد مع النادي المصري عدة بطولات منها بطولة دوري القناة لعدة أعوام متتالية، كما حقق النادي المصري المركز الثاني في بطولة كأس مصر عام 1945 وعام 1947 أثناء الحرب العالمية الثانية و ضمن التدابير المتخذة لحماية المصالح البريطانية ضد الإيطاليين الذين ولدوا و يعيشون في مصر تم اعتقاله لمدة 4 سنوات و نصف من سنة ١٩٤٠ وحتى سنة ١٩٤٥ في معسكر الاعتقال بمدينة فايد بالإسماعيلية.
تزوج موسكاتيلى من Maria Massa إيطالية الجنسية من مواليد بورسعيد، وأنجب منها ابنتهما الوحيدة anna فى وقت مبكر من الخمسينات بدأ نشاطه كمصور فعمل كمراسل للصحف المصرية مثل Le Journal d'Égypte و في نفس التوقيت افتتح الأستوديو الخاص به 'فوتو ليدو موسكاتيلي '، والذى أصبح مشهورا فى وقت قصير ومقصد هام لكل سكان بورسعيد، وكان يقع في شارع قايد باك رقم ٦ في الدور الأرضي للعمارة.التي كان يقطن بها في عام 1956، في أعقاب العدوان الثلاثي، تمكن بكل براعة و شجاعة من توثيق آثار العدوان مشاهده المأساوية التي تسبب فيها القصف الذي شهدته المدينة والمدنيين من أهلها لنا ترك أدلة حقيقية وشهادات حق التقطتها عدسة كاميرته من بين آثار الدمار والأنقاض التي تسببت فيها الحرب وويلاتها.
ولأنهم يعرفون جنسيته الإيطالية فتركوه يتجول فى كل مكان بالمدينة التى أصبحت أنقاضا ولم يدركوا أنه يوثق انتهاكاتهم بكاميرته.
وبعد أزمة قناة السويس ١٩٥٦ وأثناء مقابلة تليفزيونية وصفه مذيع التليفزيون المصري بأنه كان يمثل 'الضمير الأوروبي' فى بداية الستينات، تم تعيينه المصور الرسمي لمحافظة بورسعيد، وبمناسبة مرور ١٠ سنوات على العدوان الثلاثي أصدرت السلطات المصرية كتابا تذكاريا يضم مجموعة من أهم صوره وبعض هذه الصور ما زالت موجودة في المتحف الحربي في بورسعيد إلى الآن، ومنها صور حصدت جوائز لعمق معناها الإنساني عاش في بورسعيد حتى بداية السبعينات إلى أن غادر إلى إيطاليا، واستقر في روما.
وبالرغم من مغادرته إلى إيطاليا إلا أنه كان حريصا على زيارة بورسعيد (مسقط رأسه) كل عام ليلتقي بالأصدقاء استمرت زياراته إلى المدينة حتى أواخر الثمانينات، في ١٣ نوفمبر ٢٠٠٠. فى روما أيطاليا رحل عن عالمنا Ettore Moscatelli هذا الإيطالي الذي سطر تاريخه بحروف من ذهب في النادي المصري الرياضي وترك بصمته في كل بيت من بيوت بورسعيد في صورة التقطها بعدسة كاميرته.
موسكاتيلي الإيطالي