اعلان
اعلان

"كان المشهد قطعة من الجحيم".. قصة بطل واجه حريق هائل في أحد المخابز بالزقازيق (فيديو وصور)

شاب بطل كافح حريق مخبز فالتهمته النيران بالزقازيق
شاب بطل كافح حريق مخبز فالتهمته النيران بالزقازيق

انتصف النهار وتسارعت حركة المارة في الشارع الذي لا ينام في منطقة القومية بمدينة الزقازيق محافظة الشرقية، لا شيء غير مألوف أو ما يعكر الصفو، حتى شق السكون صوت إنفجار ضخم اهتزت له العقارات ونشر الفزع في لحظات، المارة يهربون يمينًا ويسارًا.. ماذا حدث لا أحد يعلم تحديدًا حتي تعالت أصوات صريخ النسوة في الشارع، ومن نوافذ المنازل القريبة من مخبز قبل أن يتحول المشهد كله لقطعة من الجحيم.

أسرع المارة إلى مصدر دوي الإنفجار، وتبين أنه قادم من داخل مخبز سياحي الذي تصاعدت منه ألسنة اللهب وامتداد النيران منه، لتحاصر المبنى الذي يقع فيه، لتظهر شهامة المصريين ويسرع كل فرد محاولاً إخماد النيران بطريقته وإنقاذ المحاصرين بين النيران.

'محمد محمود عبد الحليم' 18 عاما، هو بطل القصة الذي لم يفكر في الخطر، وأسرع حاملا بيده إسطوانة إطفاء حريق، وجاهد ليطفيء النيران في مقدمة المخبز، قبل أن تخرج ألسنة اللهب للخارج، لكن يبدو أن النار غضبت من الشاب الذي يحاول إخمادها لتلتهم جسده وتصيبه بحروق بنسبة تصل لـ 70 % فيما أصيب 7 آخرين بحروق بسيطة.

الشابالشاب محمد

'أنا مش ندمان علي اللي عملته ده واجب بس أنا خايف مقدرش أقف وأمشي على رجلي تاني,،أنا كنت خايف على الناس، مش زعلان بس صعبان عليا نفسي، خايف من بكرة' كلمات رائعة مليئة بالحزن والحب والإحساس بالخوف على الآخرين قالها الشاب الذي وجد نفسه يرقد على على سرير أبيض داخل العناية المركزة بمستشفى ههيا للحروق منذ أكثر من أسبوع، وهو لا يدري عما إذا كان يستطيع أن يعود إلى حياته الطبيعية قبل الحادثة، أم أن الجانب المظلم سيطغى على مستقبله.

كلمات الابن الذي كاد يدفع حياته ثمنا لشجاعته تخترق قلب والدته التي تجلس بجواره كأنها أسهم مسنونة قبل أن تصل إلى مسامعها، لكن سرعان ما تجمع شتاتها وتلملم جراحها وترسم ضحكة مصطنعة على وجهها، وتردد عبارات تمني لإبنها بالشفاء العاجل وكلها أمل وثقة بأنه سيغادر المستشفى وكأن شيء لم يحدث.

الشابالشاب البطل محمد

'حنان فؤاد شوقي' 42 عاما ربة منزل، والدة الشاب البطل 'محمد' التي صدمتها مشاهد ابنها المحروق، قالت إنها من يوم الحادثة لم تشعر بالراحة وطوال فترة تواجدها مع ابنها تحاول أن ترفع من روحه المعنوية، وأكدت له أنه سيكون بخير ولكي تتغلب على حالته النفسية السيئة تقوم بتشغيل فيديوهات فكاهية له على الهاتف حتى تنتزع الضحكة من بين ألامه'، وتابعت قائلة: ' قلبي بيتقطع على ابني.. وإحنا راضين بقضاء الله وقدره.. وربنا يصبرنا'، مشيرة إلى أنه أصيب بحروق في معظم أنحاء جسده.

وأضافت الأم المكلومة: 'محمد يعمل في محل خضروات وفاكهة منذ عدة سنوات، حيث اعتاد على العمل خاصة في فترات الإجازات من الدراسة لمساعدة والده على تحمل نفقات المعيشة وتوفير نفقات دراسته ومصاريفه الشخصية'، لافتة إلى أنه يدرس بالصف الثالث الثانوي الفني الصناعي.

الشابالشاب

وتابعت أم البطل حديثها: 'ابني عايش في حاله.. وراجل من صغره'، مشيرة إلى أن لديها 3 أبناء غير محمد وهم فتاة تكبره، واثنين أصغر منه بعدة سنوات، موضحة أن ابنها محمد كان يذهب لعمله منذ السادسة صباحا ويعود بحلول المساء ويتقاضى أجر 60 جنيه يوميًا.

واستطردت الأم بعد مسح دموع غافلتها: 'محمد كان حلمه أنه يتطوع في القوات المسلحة، وجاء هذا الحادث ليضيع هذا الحلم إلى الأبد'، وبنبرة صوت حزينة طالبت الأم المكلومة وزارة الصحة بتوفير الرعاية الصحية اللازمة له خاصة أن علاج الحروق يحتاج لتكاليف باهظة، وقالت: 'كل الأدوية متوفرة في العناية المركزة ولكن إذا تقرر خروجه واحتجازه بقسم عادي هنتحمل شراء الأدوية والعلاج غالي'.

الشابالشاب محمد مع أصحابه

وفي السياق نفسه قالت سمية علي، إحدى السكان العقار المواجه للحريق: 'كنت أجلس مع أسرتي داخل المنزل، وفجأة سمعنا دوي إنفجار شديد حتى أن العمارات اهتزت بسببه، واعتقدنا أنه في البداية أنه ربما يكون زلزال ثم أسرعنا ناحية نافذة وبلكونة لمعرفة ما حدث ثم فوجئنا باندلاع حريق في مخبز يقع بالقرب من العمارة التي نسكن فيها'.

وأصافت ربة المنزل: 'الموقف كان مفزع، وحاولت تمالك أعصابي واتصلت بالحماية المدنية لإخماد الحريق'، مشيرة إلى أنه قبل أن تأتي الحماية المدنية حاول بعض الشباب العاملين في المحلات والأهالي إطفاء النيران باستخدام طفايات حريق وهو ما أدى لإصابتهم وكان من بينهم 'محمد' الذي أصيب بإصابات خطرة، مشيرة إلى أنه يتصف بالسمعة الحسنة ودماثة الخلق ومحبوبا من جميع السكان،لافتة إلى أنه اعتاد على توصيل طلبات 'الخضروات والفاكهة ' لهم ، وتابعت: 'جميعنا نشعر بالحزن لما حدث له .. ونرجو الله عز وجل أن يتم شفائه وألا يؤثر عليه الحريق بشكل سلبي'.

الشابالشاب محمد

وتابع 'طارق جمال الدين' طالب بالصف الثالث الثانوي قائلاً: 'الحريق امتد خارج المحل لمسافة نحو مترين أو أكثر وأثناء تواجد' محمد' وآخرين لإطفاء الحريق طالتهم النيران وكان محمد أكثر المتضررين'، لافتا إلى أن طفلين شقيقين أصيبا أيضا أحدهما بالوجه والذراعين والآخر بالذراعين. وأوضح طارق أن الطفلين كانا يحاولان إخماد الحريق برفقة والدهما حيث أحضروا نحو 3 طفايات لإخماد الحريق إلا أن انفجار اسطوانة بوتاجاز داخل المخبز أدت لزيادة حدة اندلاع النيران.

وقالت الحاجة أمينة علي مستأجرة محل الخضروات الذي يعمل به الشاب المصاب 'محمد' إنه فور عمله باندلاع الحريق أخذ طفاية الحريق من المحل وتوجه ناحية المخبز للمشاركة في الإطفاء، مضيفة أن من أكثر الشباب خلقًا واحترامًا وبارًا بوالديه، ومضت قائلة: 'محمد نور عيننا.. لو أعرف اللي هيحصله كنت قفلت عليه باب المحل ومخلتوش يطلع.. هو جري ملحقتوش ..كان خايف على الناس.. ربنا يلطف بيه'.

الشابالشاب البطل

وطالب أهالي القرية الدكتور ممدوح غراب محافظ الشرقية بمساعدة محمد بتوفير وظيفة له تتناسب مع حالته التي سيكون عليها إذا قدر له الشفاء وتجاوز مرحلة الخطر.

وتلقت غرفة الأزمات والكوارث بديوان عام محافظة الشرقية بلاغاً بنشوب حريق في أحد المخابز بمنطقة 'القومية'، على بعد أمتار قليلة من مبنى المحافظة، حيث يتم الدفع الفوري بسيارات الدفاع المدني والإطفاء للسيطرة على الحريق، وكذلك تم الدفع بعدد من سيارات الإسعاف، لنقل المصابين الـ 8 إلى مركز الحروق.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
بايدن: دول عربية مستعدة للاعتراف بإسرائيل