فرحة عارمة غمرت منزل 'سميرة حسن عبده الدمك' الأم المثالية لمحافظة بورسعيد، بعد إعلان اختيارها ضمن الأمهات المثاليات على مستوى محافظات الجمهورية، اليوم السبت، ليكون ذلك عِوضًا لها عن سنوات طوال من الكفاح والكدِّ والتعبِ من أجل تربية وتعليم أبنائها.
وتروي الدكتورة شيرويت جوان ابنة الأم المثالية لمحافظة بورسعيد، لـ'أهل مصر' قصة كفاح وجهاد والدتها لتفوز بلقب الأم المثالية لعام ٢٠٢١، قائلة: 'قدمت لوالدتي فى مسابقة الأم المثالية هذا العام، لأنها تستحق التكريم فهي حقًا مثالية، كرمناها أنا وشقيقي بحصولنا على درجات علمية كبيرة، ويأتي هذا التكريم ليكون بمثابة عِوضًا عن سنوات المعاناة التي عاشتها من أجلنا'، مضيفة: 'والدتي لعبت دور البطولة في حياتنا، لتعْبُر بنا إلى بر الأمان في ظل الظروف العصيبة التي كانت تمر بها، مستعينة بالصبر والعمل والإيمان وحسن الظن بالله تعالى، فكان المولى تبارك وتعالى خير مُعين فوقفت صامدة في مهب الريح، إلى أن استطاعت الوصول بنا إلى بر النجاة'.الأم المثالية ببورسعيد
وتُوضّح ابنة الأم المثالية: 'أمي مدير حسابات البريد المصري (بالمعاش)، تبلغ من العمر 69 عامًا، وتزوجت من أبي الشيخ محمود جوان مدير عام بالإدارة المركزية لمنطقة بورسعيد الأزهرية (بالمعاش)، وكان أبي راتبه متواضع فوقفت بجانبه لإتمام بيت الزوجية وامتدت هذه المساعدة طيلة الحياة، لمواكبة المصاريف المعيشية إلى أن رزقها الله بشقيقتي (شاهندا) إلا أن فرحتها بالابنة الأولى لم تكتمل، فقد تأخرت في الحركة والنطق وتألمت أمي لمرض شقيقتى كثيرًا بعد توقيع الكشوفات الطبية، وتبين أنها تعاني من تخلف عقلي مزمن منذ ولادتها نتيجة ضغط جهاز الشفاط على مركز التخاطب والحركة بالمخ'.
وتُضيف: 'تكبدت أمي الكثير من مصروفات العلاج، وجلسات التخاطب والعلاج الطبيعي، وتعديل السلوك، ثم رزقها الله بي وبشقيقى محمد، فتولّت رعايتنا وتربيتنا وتعليمنا، فحصلت على درجة دكتوراه الفلسفة في أصول التربية، تخصص إدارة تعليمية بتقدير ممتاز، وحصل شقيقى 34 عامًا، على بكالوريوس الهندسة الميكانيكية، تخصص طاقة بتقدير عام جيد جدًا بترتيب الأول على دفعته، لنعوض والدتنا عن لحظات التعب والشقاء التي عاشتها من أجل وصولنا لتلك المراحل التعليمية'.
الأم المثالية ببورسعيد
وتُتابع 'شيرويت': 'في إحدى فترات حياتنا أصيب أبي بنسبة عجز بالعمود الفقري، إثر حادث سيارة بطريق إسماعيلية القاهرة، مما أثر سلبًا على حركته وعمله، إلا أن أمي أنفقت الكثير محاولة منها في علاجه، إلى أن تحسنت حالته الصحية واستقرت وعاد إلى عمله'، متابعة: 'اتسمت أمي بالصلابة والقوة في معظم المواقف، رغم حاجتها للسند والمعين، فكانت تقوم بدور الأب والأم معا وتعاملنا بكل حنان أغلب الوقت، وبشدة وقسوة في أحيان أخرى إذا تطلب الأمر منها ذلك'.
وواصلت: 'أمي كانت تواصل الليل بالنهار لتذاكر لنا، وسهرت على راحتنا وعلاجنا، وتحاملت على نفسها وظلت تنفق علينا بإرادة قوية، قهرت الواقع القدري لتصل بنا إلى أعلى المراكز العلمية والعملية، وبذلت أنا وأخواتي قصارى جهدنا لنحقق لأمي الحلم، الذي طال انتظاره فكما قررت أمي تحقق حلمها فينا وبنا، أصبح كذلك مبلغ همنا هو إسعادها بتفوقنا الدراسي وتميزنا علميا طيلة دراستنا وعمليا'.
ولفتت إلى أنها والدتها اجتهدت وكافحت معهم على حساب صحتها، حتى توفر لنا حياة كريمة ولم تكلّ حتى تلبي لنا كل متطلباتنا، من 'مصاريف مدارس وكليات، وكتب، وكورسات، وملابس أعياد، ومواسم'، بنفسٍ راضية مطمئنة بأن الله معها، وتابعت قائلة: 'ثم أصيبت أمي بسرطان على الكلى اليسرى، الأمر الذي أصبح من الضروري إجراء عملية لاستئصالها بالكامل، ورغم كل ذلك لم ينقطع عطاؤها ولم ينضب، ثم بعد ذلك تفرغت أمي لتجهيزنا، فتزوج أخي بطبية كريمة الخلق ومن أصل طيب'.
واختتمت ابنة الأم المثالية حديثها، قائلة: 'قد تتعجبون من قراءتكم لبعض ملامح كفاح والدتي، وتعتقدون أنها ضربا من الخيال، إلا أنها نسجت قصتها من خيوط المعاناة، فهي ما عانقت اليأس يومًا، لأنها توكلت على رب كريم وفوضت أمرها إليه وحده'.