قضى 20 عامًا ينتظر قدوم شهر شعبان سنويًا لينفرد داخل غرفتين من منزله البسيط، ويبدأ في تصنيع الفوانيس بأدوات وطرق غريبة من نوعها داخل محافظة قنا، فمن تلفيات الزجاج المكسور التالف يصنع أجمل أشكال لمساجد وفوانيس رمضان، يسهر أيامًا طويلة فقط ليرسم البهجة على وجه أقاربه وجيرانه بتقديم ما يصنعه وعلى نفقته الخاصة كهدايا لهم، رحلة جميلة عاشها ابن قنا الذي وصفه الجميع 'إيديه تتلف في حرير' مع فوانيس رمضان سوف نتعرف عليها السطور التالية.
عاطف محمد إبراهيم منصور، ابن مدينة نقادة، غرب محافظة قنا، يعمل كهربائي بالقاهرة طوال السنة، ويعود لقريته قبل قدوم رمضان بشهر ليمارس عادته الذي بدأها منذ 20 عامًا في صناعة المساجد والفوانيس من الزجاج التالف، أصبح محترفًا في صناعتها واشتهر بها وسط أهالي بلدته الذين ينتظرونه كل رمضان لرؤية ما يصنعه من الفوانيس التي تبهر كل من يراها من جمالها وتنسيقها وجودة صناعتها.
فوانيس رمضان من الزجاج التالف
قال عاطف خلال لقائه مع 'أهل مصر'، إن رحلته مع صناعة الفوانيس جاءت له بالصدفة عندما اشترت شقيقته الصغرى فانوس رمضان منذ 20 عامًا وكان من الخشب فقط ليس له مظهر جمالي، مشيرا إلى أنه حاول إسعادها وصنع فانوس لها من الزجاج التالف فاستغربه الجميع وانبهرو بالفانوس في ذات الوقت، فمن هنا عشق صناعة الفوانيس وأصبحت هواية بالنسبة له، فكان يقوم بتصنيع الفوانيس لكل أسرته وأقاربه خارج المنزل، واستمر هكذا حتى الآن.
وأضاف صانع الفوانيس، أنه منذ ذلك الوقت أصبح عاشق لصناعة الفوانيس وهاوي لها لا يستطيع الامتناع عنها، فسنويًا يستعد قبل رمضان بشهر بتجميع الزجاج التالف والأخشاب وغيرها من الأدوات التي يحتاجها في اكتمال صناعته، لينفرد بهم داخل مخزنه المكون من غرفتين صغيرتين داخل منزله ويمكث بهما ساعات طوال حتى يُكمل الشكل الذي بدأ فيه، مشيرا إلى أن الفانوس يستغرق معه 3 أيام والمسجد أسبوعين، لذلك يسهر طوال الليل في صناعتهم وينام بعد صلاة الفجر ويستيقظ للاستكمال.
وأوضح ابن قنا أنه يرسم الشكل الذي يريد تصنيعه في البداية على ورق ثم عليه يبدأ الصناعة والكتابة عليه، مبينًا أن مهنته كهربائي ساعدته في تصنيع الفوانيس من توصيل وتركيب الأسلاك وتشغيل الإضاءة، ورغم أنه ليس له دخل آخر يساعده في مستلزمات أسرته إلا أنه كان يتقاعس عن عمله في مقابل تصنيع فوانيس رمضان حتى لا تنقطع عادته وفرحة انتظاره من قبل أقاربه فيما يصنعه.
وأشار الشاب عاطف إلى أنه لم يكن لديه هدف وراء صناعة الفوانيس سوى رسم الفرحة على وجوه أسرته وتقديمهم كهدايا لأقاربه وجيرانه، رغم أنه يقوم بشراء الزجاج التالف والأخشاب وكافة الأدوات على نفقته الخاصة إضافة للوقت الذي يقضيه في الصناعة فلم يمل يومًا أو يمتنع عن الصناعة بل كانت هوايته تزداد داخله ولم يفكر في بيع أي فانوس من قبل، سوى هذا العام الذي بدأ بتنفيذ فوانيس وبيعها لكثرة الإقبال عليه والإصرار من قبل الآخرين أنه يستغل هوايته وإيجاد لقمة عيش منها خاصة أن الطلب متزايد عليه.