رغم كونها مدينة قبل آلاف السنين، إلا أنها تضاهى فى تصميمها المدن الحديثة في التنظيم والتقسيم، فعند التجول بها تجد نفسك في زمن قديم به حياة يومية لما تحتوية على كم هائل من الجرار، التي لم يفتح بعضها لمعرفة ما بداخلها، لكن سكانها تركوها وكأن ذلك اليوم هو أمس.
إنها المدينة المفقودة تحت الرمال، والتي تحمل اسم 'صعود آتون'، في أحضان جبال البر الغربي للأقصر، والتي يعود تاريخها إلى عهد الملك أمنحتب الثالث، وقد استمر استخدام المدينة من قبل توت عنخ آمون منذ 3 آلاف عام قبل الميلاد، والتي تعد ثاني أضخم اكتشاف أثري بعد مقبرة الملك توت عنخ أمون.
المدينة الذهبية المفقودة بالأقصر
اكتشاف تلك المدينة الرائعة، جاء صدفة لأن العمل بدأ في هذه المنطقة للبحث عن المعبد الجنائزي الخاص بالملك توت عنخ آمون، لأنه تم العثور على معبدي كل من 'حورمحب' والملك 'آي' من قبل.
وعثرت البعثة المصرية على أكبر مدينة على الإطلاق في مصر، والتي أسسها أحد أعظم حكام مصر وهو الملك 'أمنحتب الثالث'، الملك التاسع من الأسرة الـ18، الذي حكم مصر من عام 1391 حتى 1353 ق.م، بمشاركة ابنه ووريث عرشه أمنحتب الرابع ' إخناتون' آخر 8 سنوات من عهده.
وتعد المدينة هي أكبر مستوطنة إدارية وصناعية في عصر الإمبراطورية المصرية غرب الأقصر، حيث عثر بالمدينة على منازل يصل ارتفاع بعض جدرانها إلى نحو 3 أمتار ومقسمة إلى شوارع، وتم الكشف عن جزء من المدينة يمتد غربا، بينما يعد دير المدينة جزء من المدينة.
وتستمر أعمال التنقيب من قِبل الأثريين، حتى تتيح لهم الفرصة بالوصول إلى طبقة النشاط الأصلية للمدينة، حيث تم الكشف عن معلومات ستغير التاريخ وتعطي نظرة ثاقبة فريدة عن عائلة توت عنخ آمون، كما ستقدم فهما أعمق للحياة اليومية للمصريين القدماء، من حيث أسلوب بناء وديكورات المنازل والأدوات التي استخدموها وكيفية تنظيم العمل.
المدينة الذهبية المفقودة
وأكد الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أنه تم الكشف عن ثلث المنطقة فقط حتى الآن، وستواصل البعثة أعمال التنقيب، بما في ذلك المنطقة التي تم تحديدها على أنها الموقع المحتمل لمعبد توت عنخ آمون الجنائزي.
وأوضح أن أعمال التنقيب بدأت منذ سبتمبر 2020، وفي غضون أسابيع، بدأت تشكيلات من الطوب اللبن بالظهور في جميع الاتجاهات، وكانت دهشة البعثة الكبيرة، حينما اكتشفت أن الموقع هو مدينة كبيرة في حالة جيدة من الحفظ، بجدران شبه مكتملة، وغرف مليئة بأدوات الحياة اليومية، وقد بقيت الطبقات الأثرية على حالها منذ آلاف السنين، وتركها السكان القدماء كأنما رحلوا عنها بالأمس.
المدينة المفقودة في الأقصر
وبدأت البعثة المصرية العمل في هذه المنطقة، بحثا عن معبد توت عنخ آمون الجنائزي، وكان الملك آي، خليفة توت عنخ آمون، هو من قام ببناء معبده على موقع تم تجاوره لاحقًا، على جانبه الجنوبي بمعبد رمسيس الثالث في مدينة هابو.
وكان الهدف الأول للبعثة تحديد تاريخ هذه المدينة، حيث تم العثور على نقوش هيروغليفية على أغطية خزفية لأواني النبيذ، وتوضح المراجع التاريخية أن المدينة كانت تتألف من 3 قصور ملكية للملك أمنحتب الثالث، بالإضافة إلى المركز الإداري والصناعي للإمبراطورية.
المدينة الذهبية المفقودة
وأكدت الاكتشافات الأثرية تاريخ المدينة، مثل الخواتم والجعارين والأواني الفخارية الملونة والطوب اللبن، الذي يحمل أختام خرطوش الملك أمنحتب الثالث، وبعد 7 أشهر فقط من التنقيب، تم الكشف عن عدة مناطق أحياء بتلك المدينة.
وفي الجزء الجنوبي عُثر على المخبز ومنطقة الطهي، وأماكن إعداد الطعام كاملة مع الأفران وأواني التخزين الفخارية، والذي كان يخدم عددًا كبيرًا من العمال والموظفين، أما المنطقة الثانية، والتي تم الكشف عنها جزئيًا وهي تمثل الحي الإداري والسكني حيث تضم وحدات أكبر ذات تنظيم جيد، وهذه المنطقة مسيجة بجدار متعرج، مع نقطة دخول واحدة فقط تؤدي إلى ممرات داخلية ومناطق سكنية، وهذا المدخل الوحيد يجعلنا نعتقد أنه كان نوعًا من الأمن حيث القدرة على التحكم في الدخول والخروج إلى المناطق المغلقة.
المدينة الذهبية المفقودة
وتعتبر تلك الجدران المتعرجة، من العناصر المعمارية النادرة في العمارة المصرية القديمة، وقد استخدمت بشكل أساسي في نهاية الأسرة الـ18.
وعن المنطقة الثالثة التي تم اكتشافها، لفت وزيري أنها ورشة عمل تضم بإحدى جهاتها منطقة إنتاج الطوب اللبن، المستخدم لبناء المعابد والملحقات، ويحتوي الطوب على أختام تحمل خرطوش الملك أمنحتب الثالث (نب ماعت رع)، وتم اكتشاف عدد كبير من قوالب الصب الخاصة بإنتاج التمائم والعناصر الزخرفية الدقيقة، وهذا دليل آخر على النشاط الواسع في المدينة لإنتاج زخارف كل من المعابد والمقابر.
المدينة الفرعونية المفقودة
وأضاف أن البعثة البعثة بمناطق الحفائر، من العثور على العديد من الأدوات المستخدمة في النشاط الصناعي، مثل أعمال الغزل والنسيج، كما تم اكتشاف ركام المعادن والزجاج، لكن المنطقة الرئيسية لمثل هذا النشاط لم يتم اكتشافها بعد.
ومن الغريب في هذه المدينة والذي يصيب الزائر بالدهشة، هو العثور على دفنتين غير مألوفتين لبقرة أو ثور داخل إحدى الغرف، ومازال البحث جار لتحديد طبيعة والغرض من هذه الدفنات، كما تم العثور على دفنة لشخص بذراعيه ممدودتين إلى جانبه، وبقايا حبل ملفوف حول ركبتيه، ويعد موقع ووضع هذا الهيكل العظمي غريب نوعًا ما.
المدينة الذهبية المفقودة
وتابع وزيري: 'لكن الأدهش في ذلك الأمر، أنه تم العثور على إناء يحتوي على جالونين من اللحم المجفف أو المسلوق، يزنا حوالي 10 كجم، ويحمل نقوش قيمة والتي تم ترجمتها إلى السنة 37، لحوم مسلوقة لعيد حب سد الثالث من جزارة حظيرة 'خع' التي صنعها الجزار إيوي'.
وتلك المعلومات القيمة حتى هذه اللحظة، لا تعطينا فقط اسمي شخصين كانا يعيشان ويعملان في المدينة، بل يؤكدان أن المدينة كانت نشطة وتحدد زمن مشاركة الملك أمنحتب الثالث مع ابنه أخناتون.
المدينة المفقودة بالأقصر
وأفاد وزيري، أنه وُجد في المدينة الفرعونية المفقودة نص منقوش على طبعة ختم، يقرأ 'جم با أتون' أي مقاطعة أتون الساطع، وهذا اسم معبد بناه الملك أخناتون بالكرنك، كما تم الكشف عن مقبرة كبيرة لم يتم تحديد مداها بعد، كما اكتشفت البعثة مجموعة من المقابر المنحوتة في الصخور بأحجام مختلفة والتي يمكن الوصول إليها من خلال سلالم منحوتة في الصخر، وهناك سمة مشتركة لبناء المقابر في وادي الملوك ووادي النبلاء، فالعمل مازال جاريا وتتوقع البعثة الكشف عن مقابر لم تمسها يد مليئة بالكنوز.
ومن المقرر أن يتم عقد مؤتمر صحفي بالبر الغربي، لمحافظة الأقصر، للإعلان بشكل رسمي عن المدينة الذهبية المفقودة بمدينة هابو، وذلك في تمام الساعة التاسعة صباحا غدا السبت.
المدينة الذهبية المفقودة
المدينة الذهبية المفقودة
المدينة الذهبية المفقودة
المدينة المفقودة بالأقصر
المدينة الذهبية المفقودة
المدينة الذهبية المفقودة
المدينة الذهبية المفقودة
المدينة الذهبية المفقودة
المدينة الذهبية المفقودة
المدينة الذهبية المفقودة
المدينة الذهبية المفقودة
المدينة الذهبية المفقودة
المدينة المفقودة بالأقصر
المدينة الذهبية المفقودة
تابعوا آخر أهل مصر على Google News
