تخطى نصف العقد الثامن من عمره، يفترش أحد الأرصفة بقلب المدينة العمالية، منكبا على قطعة من السجاد الصوف، والتى تكبره ببضع أعوام، بيده إبره وخيوط صوف، من إنتاج شركة مصر للغزل والنسيج، وباليد الأخرى سلاح كتر، منهمك فى إصلاح ما به من تلف، إنه الأسطى 'عمر الفخرانى' أقدم رفا لإصلاح السجاد يدويا فى الغربية وقد يكون آخرهم فى مصر ككل.
وقال الفخراني لـ'أهل مصر': 'أعمل بتلك المهمة منذ عام 1962، حيث كانت مصانع شركة مصر للغزل والنسيج وصناعة السجاد اليدوى، مقصد كل ذي ذوق رفيع، حيث يعد من أقدم المصانع بالجمهورية، وذاع صيته بسبب العمالة الماهرة وجودة التصنيع، حيث كنت أتقاضى حين ذاك 2 تعريفة كيومية للعمل داخل المصنع، إلا أن الرئيس عبد الناصر، أمر بزيادة اليومية لـ25 قرشًَا عقب زيارته للمصنع، وأصحابه بالإنتاج'.
وأضاف 'الفخرانى'، لـ'أهل مصر': 'حتى أنه أمر بزيادة مساحة المصنع ليتحول لـ20 صالة بدلا من 4 صالات، ففكرت فى الزواج بعد ذلك وتكوين أسرة، حتى رزقنى الله بأولادي الثلاثة، والذين علمتهم المهنة، إلا أنهم لم يستمروا فيها كثيرا على الرغم من كونها مربحة بصورة كبيرة، إلا أنها تحتاج للصبر وقوة بديهة، وعلى الرغم من انتشار ماكينات السرفلة فى عدة مصانع بالمحلة، إلا أن الرفا اليدوي هي الأساس ولا يمكن الاستغناء عنها فى إصلاح عيوب السجاد، وأتحدى أي شخص يمكن أن يفرق بين الرفا اليدوي والرفا على الماكينات'.
وأشار إلى أن هذه المهنة نادرا ما يعمل فيها خاصة الرفا اليدوية، مبينا أنه عمل بها منذ عام 1962، وتفوق على زملائه فى العمل داخل المصنع حيث تحتاج إلى سرعة البديهة والتعامل السريع مع الإبرة، مضيفا أنه خرج على المعاش منذ سنوات ويتقاضى معاش 95 جنيها من مصنع سجاد المحلة، ورفض الجلوس فى المنزل، وأصر على العمل بمهنته، فيخرج يوميا ويجلس على الرصيف ويأتيه الزبائن لإصلاح السجاد الخاص بهم.
وتابع 'الفخرانى': 'تعلمت الصبر والمثابرة فى تلك المهنة، وتعلمت رفع مقاسات سجاد المساجد والكنائس، وتحديد اتجاه القبلة دون الحاجة لبوصلة، واختتم كلماته قائلا: 'سأظل أعمل بتلك المهنة حتى يتوفاني الله، لإحياء تراث سجاد المحلة النادر، وإصلاح ما أتلفه الزمن'.
تابعوا آخر أهل مصر على Google News
