تزامنا مع قرب الاحتفال بعيد الأضحى المبارك، تشهد محالّ 'الترزية' رواجا كبيرا، حيث يحرص أبناء الصعيد على تفصيل جلباب جديد يحتفل به في العيد، فهذه العادة لم تغيرها الأزياء العصرية التي وصلت الأقصر، وظل ملمحا يوميا أينما وليت الوجهة في الأقصر تجده أمامك.
محمد طلب عبدالدايم، 68 عاما، أقدم وأشهر حائك للجلباب الصعيدي بمدينة إسنا بشارع الجامع الكبير، يعمل في مقر عمله بين الأقمشة لتفصيل وحياكة مختلف أنواع الجلاليب الصعيدي، على مدار أكثر من 40 عاما.
يقول 'طلب' إن الجلباب الصعيدي يختلف باختلاف جغرافية القرية أو المركز، فلكل قرية أو منطقة جلباب باسم معين وثوب وقماش وقصة، ويمتاز بالخياطة اليدوية، وهو ما يتطلب وقتا أطول وسعرا أعلى، ويسعى لارتدائه جميع الفئات العمرية ويفتخرون به، فهو يشعرهم بالهيبة.
“يصنع الجلباب الواحد بحوالي 3 أمتار إلى 3. 5 متر من القماش، ثم يتم أخذ مقاسات على الطول والعرض والأكمام، ومن ثم نشرع في قصها وخياطتها، فالجلابية عبارة عن 'ألقب' الذي يضبط الجلباب من الأعلى في منطقة الرقبة، وملفوف بقطان حسب لون القماش، وجيب ساعة في الجانب الأعلى أسفل الكتف الأيمن، وسيلتين وهما جيب أيمن وآخر أيسر على جانبي الجلابية أو سيالة واحدة وفتحة للتهوية تكون في الجانب الأيسر لها”، هكذا يوضح عبد الدايم عن مراحل تصنيع الثوب.
ويضيف 'طلب'، أن حياكة الجلابية الواحدة تستغرق ما بين يومين أو ثلاثة، لكن أغلب الخياطين يعملون عليها لمدة 10 أيام، بينما يعد تفصيل جلباب الشتاء أصعب في الخياطة، لأن القماش يكون في الغالب من الصوف، وبالتالي ترتفع التكلفة بعكس القماش القطن.
ويعدد 'طلب' أشهر أنواع الجلاليب الصعيدي، وهى قيطان سكة حديد، الصوف الثقيل، العباسي، البلدي، نصف ياقة، سعودي، عماني، كويتي”، ولكل نوع مميزاته وصفاته الخاصة به، ويبلغ متوسط سعر تفصيل الجلابية 150جنيها.
ويؤكد أن الجلباب تعرض في فترة ما إلى الاندثار مع الرواج السياحي في الأقصر، وارتفاع نسبة التعليم، لكن ما لبثت أن عاد الشباب إلى ارتداء الجلباب الصعيدي مرة أخرى.
ويذكر أشهر خياطي الجلباب الصعيدي أبرز أنواع الأقمشة التي يتم استخدامها لتفصيل الجلباب، وهى “السلكة، السيتيا، الكشمير، القولت” وهي من أفخم الأنواع، ومن بعدهم تأتي الأقمشة الضعيفة، وتكون اختيارات الأقمشة على حسب إمكانيات ورغبة الزبون، لكن أكثر الأقمشة طلبا هي “القولت” لأنها إيطالي وتعيش لفترات طويلة، مشيرا إلى أن حياكة الجلباب الصعيدي اختلفت عن ما كانت عليه قديما فالجلباب قديما كان يتكون من الأكمام التي كان يطلق عليها اسم الشمسية، وكان عرض الكم الواحد فيها يتراوح بين 40:45 سم، ولكن حاليا أصحبت الأكمام أضيق، فصار الواحد منها يصل من 23 لـ25 سم، إضافة إلى أن الجلباب قديما كان يمتاز بذيل واسع، ولكن حاليا اختلف الأمر فأصبح الذيل أضيق عما قبل، فالجلباب في طريقه إلى التطوير كما حدث سابقا ومازال يحدث فهي عادة صعيدية لا يمكن أن تندثر، خصوصا في موسم الأفراح والأعياد.
تابعوا آخر أهل مصر على Google News
