عند النظر في وجهها للوهلة الأولى، تظنها سيدة مسنة لا تقوى على العمل، بحكم التجاعيد الذي رسمتها الأيام على وجهها، إلا أنها عندما تهب واقفة لاستقلال دراجتها البخارية 'التروسيكل'، تظهر تلك السيدة القوية من العدم، قائلة كنت أحمل البطيخ وغيره من الفاكهة مع زوجى لتوفير أجرة عامل، حتى عرفني التجار فى السوق، فالتروسيكل مصدر رزقنا الوحيد، إلا أن زوجى قرر تركى فى رحلتى فجأة، وتوفى وترك فى رقبتى 4 بنات.
رحلة كفاح خمسينية على تروسيكل بالمحلة الكبرى
وأضافت أم هبة: استطعت تزويج البنتين وإحداهن حامل والأخرى سوف تتزوج فى عيد الفطر، أما وردة الوسطى تساعدنى فى البيع والتحميل، ففى البداية عارضتنى الفتيات فى قرارى، إلا أنى أكمل مشواري، فعند وفاة زوجى، استأجر أحد الأشخاص التروسيكل إلا أنه حطمه، فاستعنت بأحد الجيران الذي أصلحه وعلمنى ركوبه، وبعد يومين بدأت رحلة عمل.
وتابعت أم هبة: 'الشغل مش عيب، سلميها لله وهيرزقك، ولو مجريتش على قوت بناتى محدش هيساعدك'، مشيرة إلى أنها تتلقى الدعم المعنوي من الجميع والتشجيع، حتى أن البعض يشتري منها على سبيل الاستغراب والاقتراب منها لمعرفة قصة قيادتها التروسيكل.
واستطردت قائلة: احمل فى الصباح 100 حبة من البطيخ، وأجوب بها شوارع المحلة، لبيعها، تغمرني سعادة كبيرة؛ لأنى لا أمد يدي لأحد، ابيع ما يقدر لي بيعه وأعود في الليل راضية برزقي ورزق بناتى، ولا أقول سوى 'الحمد لله الذي قدرني على العمل'، ولا اطلب سوى الستر والصحة.
وأنهت كلامها، قائلة: 'اتمنى أن أتم رحلتي في الحياة واقفة على قدمي، وأن تصل بناتى لبر الأمان، فعلى الرغم من المجهود الشاق الذى تتطلبه قيادة التروسيكل واللف طوال النهار تحت الشمس الحارقة، إلا أني لا أبالي ما دمت لا افعل شيئًا يغضب الله، فالكثيرون يساعدونى إذا تعطلت الماكينة في الطريق، أما فى السوق، يعطيني التجار الفاكهة على 'النوتة' لحين بيعها وسدد على فترات 'وأهى مستورة'.