يرى بعقله.. سيد أول مدرب من المكفوفين للصُّم والبُكم في مجال الحاسب الآلي: كلنا ذوي احتياجات خاصة

"سيد" أول مدرب من المكفوفين للصُّم والبُكم في مجال الحاسب الآلي
"سيد" أول مدرب من المكفوفين للصُّم والبُكم في مجال الحاسب الآلي

فقد حبيبتيه في حادث سير، لكنه أبدًا لم يفقد الأمل، رغم نوبات الإحباط التي كانت تهاجمه، إلا أنه كان ينتفض في كل مرة، وينفض غبار اليأس عن روحه، ويواصل السير في طريق الكفاح، علّه يحقق إنجازًا أو يساعد محتاجا، كما علَّماه والداه منذ صغره، بأن لا يستسلم وأن يعتمد على ذاته، ويكون عونًا لكل محتاج، فأصبح بالإصرار أول مدرب من المكفوفين، لـذوي الإعاقة عامةً والصم والبكم خاصة، في مجال الحاسب الآلي.

أول مدرب من المكفوفين للصم والبكم في مجال الحاسب الألي

هو سيد محمد المهدي، البالغ من العمر 43 عاما، أعزب ويعيش برفقة أسرته، يقيم بمنطقة "بولاق الدكرور" بمحافظة الجيزة، ويعمل استشاري تكنولوجيا مساعدة ومسئول التدريب والتأهيل لوحدة تكنولوجيا المعلومات السمعية والبصرية بكلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي بجامعة القاهرة، يقول: "كنت ما زلت في المرحلة الابتدائية من التعليم، وصدمتني سيارة أثناء عبوري الطريق أمام المدرسة، لافتًا إلى إصابته بكسر أدى إلى إعاقة حركية بسيطة، فضلا عن فقدانه البصر بسبب هذا الحادث تدريجيا على مدار مراحل عمره".. حسب قوله.

سيد المهدي

عادات وقيم

ويتابع 'المهدي': 'تعلمت التسامح منذ صغري، وأول من علمتني إياه وكذلك العطاء هي أمي شفاها الله، مؤكدا أنها أوصته بألا يقول في محضر الشرطة بعد الحادث، أن التي صدمته طبيبة كانت تقود سيارتها بسرعة جنونية، لافتا إلى رأفة والدته بها وأطفالها، واكتفت بأن الله منحني الحياة بعد الحادث، معلقا: 'ودا أول موقف يعلمني أسامح حتى اللي أفقدني نعمة كبيرة في حياتي زي البصر'.. حسب تعليقه.

تواصل الكفاح واستمرار العمل

ويضيف المهدي: 'كنت ما زلت لم أُنهِ التعليم الأساسي وأصيبت بكسر في القدم وتأثرت قوة الإبصار وتبدلت أحوالي، متابعا: 'من هنا بدأت رحلة المعاناة والكفاح سويًا، فبدأ البصر يتلاشى تدريجيا مع كل عام يمر، وما زلت أتابع تعليمي في مراحل التعليم، وأنهيت مراحل التعليم، وأنا أجتهد ولكني لم ألتحق بالتعليم الثانوي، ونجحت في الحصول على دبلوم تجارة'.

متعدد الهوايات:

ويردف قائلا: 'كنت على مدار سنوات الدراسة، محبًا للقراءة والاطّلاع، في معظم المجالات العلمية والثقافية، لافتا إلى ميوله الأدبية فقد كانت لديه موهبة تأليف وكتابة الشعر والخواطر وكذلك القصص القصيرة في الأدب والخيال العلمي، مؤكدا أن ميوله للاطلاع والثقافة دفعه لمواصلة مسيرة التعليم، فالتحق بمعهد فني تجاري، وكان بداية طريقه للتألق، إذ أنهى المعهد، واتجه للدراسة بجامعة القاهرة، وبالإصرار والعزيمة، حصل على بكالوريوس التجارة'.

سيد المهدي

حكاية حلم:

ويقول المهدي: 'كنت اتمنى أكون طبيب ناجح او مشهور في مجال ما ضمن المجالات المحببة إلى قلبي، لكنها إرادة الله أن أكمل المشوار في طريق غير الطب، لافتا إلى أنه لم ينسَ نُصح والده له دائما، أن يعتمد على ذاته بل ويساعد الأخرين ويكون عونا لهم، فكان دائما يتطوع لخدمة المجتمع، فاشترك في جمعية الهلال الأحمر، وكان مسعفًا ضمنها في المناسبات الكبيرة، مثل مباريات كرة القدم وغيرها، كما كان يشارك في مجموعات ثقافية واجتماعية، ودعم اعتماده على ذاته، مشاركاته في فرق الجوالة بالجامعة'.

مهارات إضافية أهمها الطهي:

ويشير إلى تعلمه الطهي، الحياكة والتفصيل، كما يمكنه صيانة الأجهزة المنزلية، فضلا عن قدرته على السباكة والنجارة، مضيفا: 'منحني الله البصيرة والذكاء الاجتماعي والقدرة على التعامل من ذوي الإعاقة ومساعدتهم، مستكملا 'كنت مرافقا لإمام مسجد وأصطحبه إلى كل الأماكن، كما أستطيع التعامل مع ذوي الاعاقات السمعية والبصرية وأيضا الصم والبكم، معلقا: 'هي نعمة من الله أن يمنحني كل هذه النعم والعطايا'.. حسب تعليقه.

يواصل المهدي السير والتعلم واكتشاف الجديد، فلجأ لاقتحام مجال الحاسب الآلي والتكنولوجيا، فحصل على دورات تدريبية في مجال الحاسب بمعامل خاصة بالمكفوفين وذوي الإعاقة بمعهد القوات المسلحة، ويقول: 'تدربت مع المكفوفين والصم والبكم، ثم التحقت بوحدة تكنولوجيا المعلومات للعمل كمدرب مع ذوي الإعاقة من الصم والبكم، موضحا أنه يدربهم على التسويق الاليكتروني وتأهيلهم لسوق العمل، وكذلك يدربهم على برامج الانترنت، معلقا: 'كانوا مندهشين في البداية ولكن أقنعتهم بيا واتعلموا كثيرا مني'.. حسب تعليقه، مشيرا إلى الاعتماد على الصوت في الشرح على الحاسب الآلي، بمساعدة مترجمة للغة الإشارة للصم والبكم.

حصل المهدي على دراسات عديدة في مجال الحاسب الآلي والتكنولوجيا، كما حصل على بكالوريوس الإعلام بتقدير جيد جدا، وباحث ماجيستير أيضا، ويقول: 'كلنا ذوي احتياجات خاصة سواء ذوي الإعاقة أم غيرهم، فأنا أجتهد لأساعد غيري من خلال الأنشطة الاجتماعية الخيرية إضافة إلى وظيفتي'، هذا بالإضافة إلى نشاطه في مجال متحدي الإعاقة وتأهيلهم للتعامل مع الحياة، كما ويدرب المديرين في المراكز، على كيفية التعامل مع المعاقين، وإدارة وتنظيم المؤتمرات وورش المساعدة والهواتف الذكية وكذلك تنظيم معارضا خاصة لعرض منتجات ذوي الإعاقة'.. كلها أنشطة تطوعية وخدمية لخدمة المجتمع عامة، وذوي الإعاقة خاصة، فكلنا ذوي احتياجات خاصة نحتاج دعم بعضنا البعض.. حسب قول المهدي.

ويختتم المهدي، حديثه لـ"أهل مصر"، قائلًا إنه كان يتعجب من قدرته على القيام بكل الأعمال التي يقوم بها كيف يفعلها وتسير الأمور بسهولة ويسر، لكن صوت إيمان قلبه يقاطعه، ويؤكد لنفسه أن اليقين بالله والثقة بالنفس، عاملان كبيران في النجاح، وتخطي الصعوبات بهما أمر أساسي، معلقا: 'الإيمان بالله هو أول خطوات النجاح، ويسعدني أني حصلت على لقب 'مؤذن الصحراء'، إذ كنت أؤذن وأصلي بالرفاق جماعة في رحلات العمل والجوالة في المنطق النائية وغيرها، معلقا: 'لا بد أن نتكيف مع الحياة بكل ما أوتينا من قوة، ونستغل النعم التي منحنا الله إياها ونساعد أنفسنا وغيرنا'.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً