ظاهرة الأطفال مجهولي النسب تغزو قنا والمخدرات والتفكك الأسري أبرز الأسباب

الاطفال المعثور عليهم”مجهولي النسب“
الاطفال المعثور عليهم”مجهولي النسب“

انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة الأطفال الرضع مجهولي النسب، في قرى ومراكز محافظة قنا، والذين يُعثر عليهم في أماكن مختلفة سواء بجوار المساجد أو في المقابر أو في الشوارع أو محطات القطار أو في صناديق القمامة، مما ينذر بكارثة اجتماعية واخلاقية في ظل مجتمع يتمسك بالقيم والاخلاق.

جريدة «أهل مصر» ترصد أبرز حالات الأطفال مجهولي النسب والمعثور عليهم بقرى ومراكز محافظة قنا، وأسباب ازدياد تلك الظاهرة في الآونة الأخيرة وسط دعوات استنكار من المواطنين.

حالات سابقة

ففي 21 يوليه 2021، عثر الأهالي والأجهزة الأمنية بقنا، على طفل رضيع حديث الولادة مجهول الهوية، بجوار صندوق قمامة بقرية البراهمة، التابعة لمركز قفط، جنوب محافظة قنا، وتم نقل الرضيع إلى المستشفى، وحُرر محضر بالواقعة، وأُخطرت النيابة العامة لتتولى التحقيقات.

وفي 4 سبتمبر 2021، عثرت الأجهزة الأمنية بنجع حمادي، بمساعدة الأهالي على رضيع بمدخل عقار بجوار مسجد اللواء بمدينة نجع حمادي، شمالي محافظة قنا، وتم تحرير محضر بالواقعة، وأخطرت النيابة العامة لتتولى التحقيقات، ونقل الرضيع إلى مستشفى نجع حمادى العام.

وفي 7 سبتمبر 2021، عثر أهالي مركز أبوتشت على رضيع حديث الولادة مجهول النسب، بجوار أحد المساجد بمركز أبوتشت، شمالي محافظة قنا، وعلى الفور تم تسليمه للأجهزة الأمنية، وجرى نقله إلى حضانة مستشفى أبوتشت المركزي، وحُرر محضر بالواقعة، وأُخطرت النيابة لتولي التحقيقات.

وفي 10 سبتمبر 2021، عثر الأهالي بقرية حاجر دنفيق بمركز نقادة، جنوبي محافظة قنا على طفل رضيع، داخل مقابر القرية، وتم نقل الرضيع إلى المستشفى، وتحرر محضر بالواقعة، وأُخطرت النيابة العامة لتتولى التحقيقات.

وفي 20 أكتوبر 2021، عثر أهالي القبيبة بمركز فرشوط، شمالي محافظة قنا، على رضيعة على طريق ”فرشوط - القبيبة“، في حالة صراخ وملفوفة في قطعة قماش بيضاء، وجرى نقلها إلى مستشفى فرشوط المركزي؛ لتقديم الرعاية الصحية لها، وحرر محضر بالواقعة، وأخطرت النيابة العامة لتتولى التحقيقات.

وفي 23 أكتوبر 2021، عثر أهالي قرية الشيخية بمركز قفط جنوبي محافظة قنا، على طفل رضيع بأحد شوارع القرية، وتم نقل الطفل للمستشفى؛ لرعايته، وتحرر المحضر اللازم، وأخطرت النيابة العامة لتتولى التحقيقات.

آخر حالة

وكانت آخر حالات الأطفال المعثور عليهم بمحافظة قنا في 13 يناير 2022، حيث عثرت الأجهزة الأمنية بقنا، على طفلة رضيعة مجهولة الهوية، ملقاة خلف قطار بمحطة أبوتشت، شمالي محافظة قنا، وجرى نقلها مستشفى أبوتشت، إن المستشفى استقبل رضيعة مجهولة الهوية، في حالة سيئة، بسبب شدة البرد، وتم التعامل معها، ووضعها في الحضانة، وهي حاليا في حالة شبه مستقرة.

ظاهرة لا أخلاقية

يقول الدكتور سيد حشمت، معلم لغة عربية، إن ظاهرة الأطفال مجهولي النسب ظاهرة اجتماعية معيبة لا أخلاقية، وظاهرة مرضية ودخيلة على مجتمعاتنا، والمعروفة بعاداتها وتقاليدها وتدينها، مُرجعاً سبب انتشارها إلى التطورات والثقافات التي طرأت على المجتمع من الخارج والتي جعلته يموج بأفكار وثقافات غريبة عليه، وكذلك الوضع الاقتصادي المتدني، وتكلفة الزواج الباهظة، والبطالة كل ذلك ساهم في انتشار الظاهرة.

ويتابع: ”وعلى المجتمع التصدي لهذه الظاهرة عن طريق التوعية الدينية من خلال الوسائل الإعلامية والثقافية لنشر الوعي الديني والأخلاقي، وكذلك على الدولة أن تسعى لتوفير فرص عمل للشباب، وتحسين الأحوال المعيشية؛ لأنها تكثر في الطبقات الفقيرة والمهمشة، والتي لم تحظ بتعليم جيد، كما يجب علينا الرجوع لقيمنا، والمبادئ التي تربينا عليها نحن وأجدادنا“.

دور الدولة والمجتمع

ويضيف ”حشمت“، أنه على الدولة دور في تربية وتنشئة هؤلاء الأطفال ورعايتهم، وتوفير كافة الخدمات لهم، وفقا لقانون الطفل كحقهم في الحياة والملبس والمأكل والتعليم حتى إنهاء تعليمهم ووصولهم لسن الرشد، ودمجهم في المجتمع، وتحسين أوضاعهم ومستقبلهم؛ ليكونوا مواطنين منتجين، لافتاً أنه على المجتمع أن يصحح نظرته لهم، فلا ينظر إليهم نظرة ازدراء أو امتهان، بل نظرة عطف وحنان.

انشغال الآباء

وتؤكد الزهراء عبدالفتاح، موظفة بالتربية والتعليم، أن ظاهرة الأطفال المعثور عليهم انتشرت بشكل كبير في الفترة الأخيرة في محافظة قنا، والتي يتم العثور عليهم في صناديق القمامة، وتحت الكباري، مشيرة إلى أن هذا نتيجة عدم تربية الأبناء على الالتزام بالشريعة الإسلامية، وانشغال الآباء بأعمالهم اليومية، وقد ينسون أن اهتمامهم بأبنائهم وتربيهم سيحاسبهم الله عليها.

مخدر الشبو

ويوضح محمود محمد عباس، من شباب محافظة قنا، أن ظاهرة الأطفال المعثور عليهم جديدة كلياً على المجتمعات الريفية لما تتمتع به من ترابط وتربية جيدة لكنه يرى أن الظاهرة انتشرت مع انتشار مخدر الشبو، مشيراً إلى أن الأطفال اللقطاء ليس جميعهم من علاقات غير شرعية، وإنما بسبب تفكك الأسرة، وتعاطي الأب لمخدر الشبو، وعدم قدرته على العمل والكسب الحلال، تضحي الأم أو الأب بالطفل، نظراً لعدم القدرة على التربية ومتطلبات الحياة.

ويرى ”عباس“ أنه للقضاء على تلك الظاهرة، وتقليل انتشارها يجب إثبات الولادة فوراً، ويبلغ بها مكتب الصحة، وألا تتم عملية الولادة إلا بإحضار بطاقة الزوج والزوجة وقسيمة الزواج، وآخذ عينة دم من الأم والمولود بعد الولادة حتى يمكن الوصول إلى أهل الطفل، مطالباً هيئة العلاج الحر بالتشديد على مراكز الولادة والعيادات الخاصة.

دور المجتمع المدني

ويؤكد عمر الزوايدي، ممثل عن المجتمع المدني، أن مؤسسات المجتمع المدني تشارك مع الجهات المختصة في توفير سبل الرعاية للأطفال المعثور عليهم، موضحاً أنه بمجرد إخطارهم بالعثور على طفل، على الفور يتم التحرك لمعرفة احتياجات الطفل ومستلزماته، سواء من خلال توفير ملابس أو ألبان أو علاج أو دعم مادي، وتقديم كافة سبل الرعاية له، لافتا إلى أن الطفل يخضع لرعاية صحية، ويتم نقله إلى دار رعاية، ويظل بها مدة 3 أشهر، مؤكدا أنه عند تقدم أسرة لرعاية وكفالة الطفل، يتم اختيار أسرة بديلة مناسبة بشروط معينة تضمن للطفل رعاية جيدة.

أسباب انتشار الظاهرة

ويوضح الدكتور هشام عبدالحميد، أستاذ علم النفس بجامعة جنوب الوادي، أن أسباب انتشار تلك الظاهرة يرجع إلى انهيار القيم الأخلاقية والسلوكية، وغياب الوازع الديني لدى الشباب، وارتفاع نسبة الطلاق، بالإضافة إلى المغالاة في المهور، وارتفاع أعداد العنوسة، والتفكك الأسري، وغياب الرقابة الأسرية من الوالدين على أبنائهم، كما أن إدمان مواقع التواصل الاجتماعي واستخدامها استخداماً سيئاً أدى إلى نزوح الشباب والفتيات إلى التفكير في تكوين علاقات غير شرعية.

الحد من الظاهرة

ويشير الدكتور هشام، إلى أنه للحد من ظاهرة الأطفال المعثور عليهم يجب تنظيم برامج وحملات توعية للشباب والفتيات، وتوعية الأسر بضرورة تحمل مسؤولية التوجيه والرقابة، والتقرب من الأبناء ومراقبة سلوكياتهم، والاهتمام بالتوعية الدينية للشباب لتجنب الوقوع في هذا الخطأ.

نظام الأسر البديلة

وقال حسين الباز، وكيل وزارة التضامن الاجتماعي بقنا، إن نظام الأسر البديلة له شروط منها، التأكد من صلاحية الأسرة وقدرتها على تلبية احتياجات الطفل ورعايته، على أن تكون أسرة مصرية مكونة من زوج وزوجة وولدين على الأكثر، ويكون أفراد الأسرة البديلة حاصلين على قدر من التعليم، وألا يقل سن الزوجين عن خمس وعشرين عاماً، وألا يزيد عن الستين، ويجوز للأرامل والمطلقات، ومن لم يسبق لهم الزواج، وبلغت من العمر ما لا يقل عن ثلاثين سنة كفالة الأطفال.

وأضاف وكيل وزارة التضامن الإجتماعي بقنا، أنه بعد تسليم الطفل للأسرة البديلة يتم عمل متابعة دورية للطفل؛ للتأكد من تحقيق المصلحة الفضلى له، مشيرا إلى أن التقديم لكفالة الأطفال المعثور عليهم يتم في الإدارات الاجتماعية، وبعد إجراءات البحث والتحقق والتعاقد يتم تسليم الأسرة خطاب للرعاية الصحية؛ لاستلام الطفل الذي ترغب في كفالته.

قرار جمهوري يحول مجهولي النسب إلى أيتام

أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي، قرارا بقانون بتعديل المادة الثانية من قانون التضامن الاجتماعي، رقم 137 لسنة 2010، يقضي بتعريف اليتيم بأنه «كل من توفي والداه، أو توفي والده ولو تزوجت أمه، أو مجهول الأب أو الأبوين، وهو التعديل الذي يعني تحويل مجهولي الأب أو الأبوين من فئة مجهولي النسب- حسب القانون القديم- إلى فئة الأيتام، وفقا للتعديل، ووفقا للقرار يستطيع مجهولو النسب استخراج أوراق رسمية كشهادة الميلاد وبطاقة الرقم القومي، واستخراج أوراق يحصلون بمقتضاها على ضمان اجتماعي، وتأمين صحي، وشهادة ميلاد.

جهود حماية الطفل بقنا

كان اللواء أشرف الداودي، محافظ قنا، خلال اجتماعه مع مسئولي حماية الطفل، قد ناقش إجراءات تيسير استخراج شهادات الميلاد (ساقط قيد) الخاصة بالأطفال المعثور عليهم، والتنسيق مع مديرية التضامن الاجتماعي لتوجيه منظمات المجتمع المدني الموجودة بالقرى لمساعدة لجان حماية الطفل في عملية الرصد والإبلاغ عن حالات تعرض الأطفال للخطر (ختان الإناث– الزواج المبكر)، بالإضافة إلى توفير أطباء لتقديم الدعم الطبي والنفسي للأطفال، مشيراً إلى ضرورة التعامل الفوري مع أي بلاغات واردة بمقار ومكاتب حماية الطفل المتواجدة بكل الوحدات المحلية، وتفعيل دورها في ممارسة المهام المنوطة بها.

كما استعرضت سميحة سعد، مدير وحدة حماية الطفل بقنا، خلال الاجتماع، جهود الوحدة في مجالات حماية الطفل بنطاق المحافظة خلال عام 2021، حيث أوضحت أنه تم التعامل مع 221 بلاغاً من خط نجدة الطفل، و524 حالة تم رصدها، وإيقاف 13 حالة زواج أطفال، وإحباط عدد 30 حالة ختان إناث، والتدخل وتقديم الدعم النفسي لعدد 14 حالة هتك عرض، واستخراج 24 شهادة ميلاد لأطفال معثور عليهم، واستخراج شهادة ميلاد لطفلة أنكر الوالد نسبها إليه.

WhatsApp
Telegram