في غسق الليل، وبعد منتصفه بالتحديد، ولعامة الثالث على التوالي، تسمع قرع الطبول وصوت عذب جميل ينادي' أصحى يا نايم.. وحد الدايم.. رمضان كريم'، من رجل ستيني يجوب شوارع القري والمدن في سوهاج، وخاصة قرية المدمر التابعة لمركز طما شمال سوهاج، لمساعدتهم على الاستيقاظ من أجل السحور لغد أفضل.
كل ما سبق ليس بجديد، أو غريب، ولكن الجديد أن من يقوم بذلك هو 'وليم ناشد' 59 عاما، عامل مسيحي الديانة، مصري الموطن، عاشق لترابها، ولا يتقاضى عن ذلك أجر، ولكن محبة في المسلمين وجيرانه وأصدقائه من القرية والقرى المجاورة.
يقول وليم ناشد، 'كل يوم في غسق الليل بعد منتصفه أخرج حاملا في يدي اليمنى عصا من الجلد، وفى عنقي طبلة معلقة، ويدي اليسرى تحتضنها كطفلي الصغير، من أجل نشر السلام والمودة والمحبة بين الناس، والفرحة على وجوة المسلمين من الكبار والصغار، وأطرق بالعصا على الطبلة وأنشد 'أصحى يا نايم.. وحد الدايم.. رمضان كريم'.
ويستطرد وليم، مؤكد أن الأطفال عندما تسمعه تستيقظ وتجري خلفة وتردد معه أناشيده، وتجوب معه الشوارع بالقرية حتى قرب الفجر، ثم يعودون إلى منازلهم، فرحين، وفي نهار رمضان أجدهم يسألون، 'متى ستأتي يا عم وليم بالليل؟ فأرد مثل كل يوم يا أحبابي'.
يقول 'السيد عتمان' أحد أهالي القرية، إن وليم ناشد يحبه جميع أهالي القرية كبار وأطفال، ويعرفه الجميع هنا بقرية المدمر، حيث يسعد به الناس ويتهافتون على مشاركته لهم في جلساتهم وسهراتهم، لأنه يملك روحا طيبة ووجه بشوش، ولا يوجد فرق بين مسلم ومسيحي بالقرية وخاصة أن القرية سكنها عدد كبيرا جدا من الأخوة المسيحيين، لا يمكن التفرقة بينهم إلا داخل المساجد والكنائس أثناء أداء العبادة.