داست فى خضم الحياة ومتاعبها مبكرًا، واعتادت أن تساند والدها فى عمله 'بيع الأسماك' رغم ذهابها للجامعة، فلم تخجل من كونها طالبة و'بائعة سمك' بل اعتبرت ذلك هو تقييم لتربيتها.
تقول داليا السحراوى، الفتاة البورسعيدية التى تبلغ من العمر 25 عامًا، والحاصلة على ليسانس آداب قسم تاريخ، ودبلومة فى التربية العامة،: 'إنني كنت أختلس الوقت بين المحاضرات وأذهب إلى فرش السمك لمساعدة والدى الذى يعمل فى تلك المهنة منذ 30 عامًا، وأثناء فترة كورونا وعملية الحظر، اقترحت على والدى أن أقوم بعمل صفحة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك لنقوم ببيع الأسماك عن طريقها، ورحب والدى بالفكرة، وبالفعل قمت بعملها، ونجحت الفكرة وأصبحنا نبيع من خلالها الأسماك (دليفرى)'.
وتُضيف 'داليا'، أنه منذ 3 أشهر توفى شقيقها فى حادث مأساوي وكانت صدمة كبير لهم، وبعدها قررت النزول للعمل مع والدها بصفة مستمرة، حيث تستيقظ هي وزوجها فى الساعة السادسة صباحًا، ويذهبا للعمل، فهو يعمل معها ووالدها على نفس 'الفرش' ووالدتها تتولى رعاية ابنتها صاحبة الـ3 سنوات، ويظلوا طوال اليوم فى العمل حتى الساعة السابعة مساءً.
وتُتابع الفتاة البورسعيدية: 'هناك عروض أقوم بها لكسب الزبون، فنحن نبيع جميع أنواع الأسماك فأحيانا يكون العرض تنظيف السمك بالمجان، ويوم الخميس يكون التوصيل بالمجان، كما أننا نتعامل مع أحد المطاعم الذي يقوم بطهي الأسماك 'مقلي، مشوي، صيادية (سينجارى)'، وغيرها حسب طلب الزبون'.
وعن عملها كبائعة أسماك وهى طالبة جامعية وحصولها على دبلومة، تقول 'داليا': الحمد لله العمل هو سلاح قوى فى يد الإنسان، هو السلاح الذى يحمينا من الحوجة، وأنا لم أخجل من عملى مع زوجى ووالدى، بل بالعكس، طالما هناك رضا واقتناع بالعمل، فسوف يبارك الله لنا فيه وييسر أمورنا، فوالدى كان يبيع السمك على عربة كارو طوال 30 عامًا، واستطاع أن ينفق على تعليمى حتى أكون فتاة جامعية، وأنا لى عظيم الشرف بذلك، فأنا 'بياعة السمك بنت بياع السمك'.
واختتمت حديثها بقولها: 'أتمنى أن يكون عندنا محل، بدلًا من وقفتنا فى الشارع، لأننا نتعرض للمضايقات من أصحاب المحلات الموجودة بالقرب منا بالرغم أننا نقف بعيدًا عنهم'.
فيما أعرب والد الفتاة'داليا' عن فخره واعتزازه بابنته، قائلًا: 'أنا فخور بابنتى التى أعتبرها هى سندى وظهرى خاصة بعد وفاة شقيقها من فترة قريبة، فهى حريصة على الوقوف بجوارى وكأنها بتطبطب عليّا، وبالفعل وجودها معى ضرورى، فأنا علمتها أن تكافح منذ صغرها، كما علمتها إن العمل مش عيب طالما حلال، ورغم أنها فتاة جامعية إلا أن فخرها بى وبعمل يجعلني أسعد مخلوق على وجه الأرض، و يجعلني لا أخشى على والدتها وأخواتها بعد وفاتى، فهى بـ100 راجل'.
ويُضيف: 'كنت أتمنى أن تعمل بمؤهلها الدراسى إلا أنها لا تفكر فى ذلك رغم أنها طموحة فهى لم تكتفى بالحصول على الليسانس بل قامت بعمل دبلومة.
فيما علق زوج 'داليا' على عملها معه قائلًا: زوجتى هى 'ست بـ 100 راجل' وقفت جوار والدها وتساعدني، فأنا فخور بها، رغم أنها فتاة جامعية إلا أنها لم تعارض فى الزواج من شخص أقل تعليمًا منها، بل جعلت العمل هو المقياس الأساسى فى زواجنا، فهناك شباب خريجين جامعات، إلا أنهم لا يعملون ويحتاجون لمن يصرف عليهم، وأتمنى أن نربى ابنتنا أحسن تربية، ونحن نكافح من أجلها الآن بالعمل طوال اليوم، كما أتمنى أن تكون ابنتى مثل زوجتى تماما فى أخلاقها وشعورها بالمسؤولية'.