اعلان

عزيزة آدم.. امرأة من الصعيد الجواني تقهر الأمية وتصل إلى منصب رئيس المجلس القروي

عزيزة آدم
عزيزة آدم

سيدت أقصرية قهرت الظروف بإصرارها وتحديها ومواجهتها للصعاب بمفردها دون اللجوء إلى أحد غير الله تعالى، فالبرغم من أن تعليم البنات حتى حصولهم على شهادة عليا داخل قريتهم فى عصرها كان مستحيلا، إلا أنها حققت هذا المستحيل بذاتها بعد طلاقها من زوجها، وليس ذلك فقط بل جعلت أبنائها الثلاثة أيضا يحصلون على شهادات عليا وذلك بجانب مسئوليتها الأولى تجاههم من الرعاية والطعام والشراب، حتى أصبحت اليوم مثالا يحتذى به بين أهالي قريتها بصفة عامة والصعيد بصفة خاصة وتحولت من الأمية لرئيس مجلس قروي بمركز ومدينة إسنا جنوب محافظة الأقصر.

عزيزة آدم

قصة كفاح امرأة من الصعيد الجواني

وحين التقت ' أهل مصر' بالمرأة الصعيدية الحديدية داخل منزلها لتروى لجميع القراء قصة كفاحها أخبرت السيدة بأن اسمها 'عزيزة

محمد أحمد آدم' وشهرتها ' عزيزة آدم' من قرية الحميدات شرق التابعة لمركز ومدينة إسنا جنوب محافظة الأقصر، ورحلة كفاحها بدأت حينما حدثت خلافات بينها وبين زوجها عقب إنجابها منه ثلاثة أبناء، ثم الإتفاق على الطلاق، فكانت حينها ليست معها شهادة تعليمية، فلا يوجد أمامها إلا خيارين وهما إما أن تصبح كنساء قريتها فى ذلك العصر وتجلس فى منزل والدها وتضع يديها تحت خديها وتنتظر من عائلتها الإنفاق عليها وعلى أطفالها الثلاثة، أو تسلك طريقا آخرا الجميع يعتقد أنه مسدود.

رئيسة مجلس قروي توماس

شذت عن القاعدة ورفضت أن تلتزم بالعادات وسلكت طريقها بمفردها

وقالت' عزيزة آدم ' أنني اخترت الطريق الأصعب وقررت أن أحقق امنيتي واحصل على شهادة علياخاصة أني درست فى الإبتدائية ولكنني لم أحصل على الشهادة الإبتدائية بسبب العادات والتقاليد التي كانت تفضل زواج البنت عن تعليمها فى ذلك الوقت فحصلت على شهادة محو الأمية، وتقدمت بها للدراسة فى الإعدادية سرا دون إخبار أحد من عائلتي لشعوري

برفضهم، وبدأت أذاكر مع ابني الكبير الذي يلقب بـ 'محمد' على طبلية واحدة ويخبرني بما شرحه لهم المدرسين داخل الفصل يوميا، لعدم استطاعتي الذهاب للمدرسة يوميا مثله، حيث أنني كنت لم أحضر سوى الإمتحانات نظرا لظروفي.

حصلت على الإعدادية وقدمت للثانوية وتعينت بالمجلس وربت طيور بمزرعة

ولفتت الأم المحاربة، إلى أنها مع المذاكرة كانت تقوم بواجبها الأساسي فى البيت من خدمة عيالها و تربيتهم، وأيضا عملت مزرعة صغيرة بمنزلها بها فراخ وبط وغيره وكانت تقوم بتربيته أيضا وبيعه من أجل أن تلبي لأبنائها الثلاثة كافة متطلباتهم وتعطيهم دروسا حتى يتفوقوا فى دراستهم، موضحة أنها عقب نجاحها فى الشهادة الإعدادية قررت أن تخبر عائلتها بأنها تتعلم مع عيالها وحصلت على الشهادة الإعدادية وترغب أن تلحق بالثانوية فلاقت رفضا كبيرا كما كانت تتوقعه، بسبب العادات فى حينها، وهي كيف لسيدة عقب طلاقها أن تذهب هنا وهناك وتتعلم وتعمل .

عزيزة آدم الأم المكافحة

وأكدت المكافحة بأنها رغم كل شيء لم تستسلم أبدا بل تحدت وأصرت على أن تسير فى طريقها مهما كلفها الأمر، وقدمت أوراقها وأوراق نجلها الأكبر للثانوية وظلا يدرسان سويا فى الثانوية ويذاكران معا على طبلية واحدة، مشيرة إلى أنها خلال دراستها بالثانوي علمت بالإعلان عن مسابقة حكومية لتعين 170 ألف عامل فقامت على الفور بالتقدم فيها بشهادتها الإعدادية،

وحصلت على الوظيفة عقب التقدم بحوالي عام ونصف وعملت'عاملة خدمات معاونة بمجلس قرية الدير، فوفقت بين بيتها وعملها بالمجلس وتربية عيالها الثلاثة ومراعتهم ودراساتهم ودروسهم بالإضافة إلى عملها بالبيع والشراء بمزرعتها الصغيرة لأجل تحسين دخلها، حتى حصلت هي وابنها الأكبر على شهادات الثانوية، ثم قامت بتقديم طلب تسوية بشهادتها الثانوية فى عملها، وتم ترقيتها من عاملة إلى كاتب رابع، وجميع ذلك وسط انتقادات كثيرة وهجوما شديدا من الجميع بسبب عنادها فى طلب العلم والعمل.

طريقة وصولها للجامعة رغم انتقادات من حولها

وأضافت ' عزيزة آدم' أنها بعد الثانوية قدمت على الجامعة هي وابنها محمد، وهنا اختلفت مذاكرتهما لأول مرة خلال رحلتهم معا منذ الإعدادية، حيث أنه دخل كلية تربية قسم لغة عربية، وهي دخلت كلية آداب قسم اجتماع، بناءا على رغبتها وحبها الشديد لهذا القسم منذ أن كانت تشاهده فى بيتها أمام التلفزيون، لعلمها بأن دراستها لهذا المجال، سوف تساعدها جيدا فى حل المشكلات بالمجتمع ومواجهة كل مشكلة وإيجاد حلا لها، وتمدها أيضا بطريقة المعاملة مع الناس فى العمل والشارع ومع أولادها فى المنزل، ودرست قسم الإجتماع برغبة وفضول فى الجامعة حتى تخرجت وحصلت على شهادة التخرج، لافتة إلى أنه تم تكريمها من المحافظ لفوزها بلقب الأم المثالية، لتحملها مسئولية الأب والأم لأبنائها وحصولهم على شهادات عليا.

ترقيتها فى العمل

وتابعت حديثها قائلة :' بعد ذلك ساويت واخذت الدرجة الثالثة، تم تدريبي فى كافة الأقسام وعملت بجميعها من خزينة، ومخازن، وشئون عاملين، والتنظيف، ثم بعد ذلك تم ترقيتي إلى سكرتير وحدة محلية بمجلس مدينة إسنا، فتعلمت جميع الخبرات حينها ثم بعد ذلك تم ترقيتي وتعينى رئيس مجلس قروي الشغب، وعملت بها لمدة خمس سنوات ونصف، وأنا اليوم أعمل رئيس مجلس قروي لتوماس وعافية.

قدمت خدمة لقريتها وتنصح السيدات والفتيات بالعلم

وأشارت إلى أنها قامت بعمل جمعية أهلية بقريته الحميدات شرق وهي ' جمعية تنمية المرأة والطفل' حيث أنها قامت بتأسيسها وتخصيص مبنى لها واشهارها، ثم عمل قرارتخصيص لها،وتولى ابنها الكبير إدارتها لخدمة أهل قريته، موجهة نصيحة للفتيات والسيدات بالحرص الشديد على طلب العلم لا لوظيفة بل لكي تربى أبنائها تربية حسنة، وتستطيع حل مشاكلها بنفسها وتستطيع التعامل مع كافة المجتمع، فالتعليم هو المنارة التي تستطيع الفتاة أن ترى بها العالم، فهناك فرق كبير بين المتعلمة وغير المتعلمة.

حاربت الإنتقادات وواجهت الصعاب ولم أكن عالة على المجتمع بل أنا واولادي اليوم نخدم المجتمع

واختتمت حديثها قائلة:'وجدت انتقادات كثيرة ترفض تعليم المرأة وعملها، فأنا تحديت هذه الصعاب جميعها بالعادات والتقاليد التي تحطم المرأة وتدمرها، وتريد أن تكون المرأة مجرد خادمة فقط، فأنا تحديت كل هذا ليقيني التام بأن المرأة المتعلمة المثقفة، والتي تعمل ستقوم بـ تنشئة أولادها تنشئة صحيحة سليمة،

وتجعلهم صالحين فى المجتمع وتحرص على أن تجعلهم بدلا من أن يكون عالة على المجتمع هم من يعولوا المجتمع ويخدموا المجتمع، فأنا الحمد لله رب العالمين أبنائي جميعهم صالحين، وبيخدموا المجتمع، فولدي الكبير ' محمد ' شيخ معهد الشيخ الأمير الإبتدائي، وابني الثاني محمود يعمل مرشد سياحي بالغردقة، والثالثة أسماء تعمل فني صحي بالمركز الطبي بإسنا، وكلهم اتجوزا واستقروا فى منازلهم فكنا أسرة ناجحة بفضل الله ولم نجلس فى البيت وننتظر قبض الشئون أو الإنفاق من أحد علينا.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً