بالرغم من تقدم التكنولوجيا وانتشار الأجهزة الحديثة، فإن أهالي الأقصر يفضلون شرب المياه من «الزير»، المصنوع من الفخار، ويعدونه شيئا أساسيا داخل منازلهم، ليس ذلك فقط بل يغزو به الشوارع لسقيَ المارين منه مجانا، كبارا وصغارا، نساء، ورجالاً.
وأوضح أحمد محمد أحد أهالي قرية الحميدات شرق التابعة لمركز ومدينة إسنا جنوب محافظة الأقصر، أنهم منذ ولادتهم وهم يجدوا أهاليهم يحرصوا على وضع ' مِزيرة' مبنية من الطوب الأحمر، والأسمنت، ومَصبوبة من الأعلى وبها فتحتين يتم دخول الزير بها، ثم تقوم الجدة أو الأم أو الأخت بِتعبئته من المياه حوالى 15 لتر ثم يتم وضع غطاء بلاستيك أو خشب فوقه، للحفاظ على مياهه من التلوث.
وأضاف أحمد أنهم داخل قريتهم يعدو الزير شيء أساسي داخل كل منزل منذ العصور الماضية وحتى يومنا هذا، حيث أنهم يفضلون مياهه عن المياه المثلجة داخل الثلاجات والديب فريزارات والكولوديرات، لقدرته الفائقة على تنقية المياه، وتَبريدها، وتسقيعها فى الصيف والشتاء، لافتا إلى أنهم حينما قارنوا مياه الثلاجات بالزير وجدوا أن الزير مياهه صحية أكثر ولا تسبب لهم ولا لصغارهم أى أمراض بخلاف الأخرى التي تتسبب فى التهاب الحلق والزور واللوزتين.
ولفت إلى أن الأهالى لا يستطيعوا التخلى يوما واحدا عن الزير بمنازلهم، حيث أنهم يقوموا بشراء زير فور رؤيتهم لحدوث شروخ بالزير الذي يشربون منه، حتى لا يلجئوا لمياه الثلاجات وما شابهها، مؤكدا أن الزير بالنسبة لهم مميزاته لا تعد ولا تحصى سواء اقتصاديا أو صحيا أو نفسيا، حيث أن سعر الزير لا يزيد سعره عن الـ 50 جنيه ويكفى جميع أفراد الأسرة لعدة أيام، فضلا عن وِقايته للعديد من الأمراض.
وأشار إلى أن الكثير من الأهالى يحرص على وضع أكثر من زير بالشوارع بالقرى والمركز وأيضا المحافظة، لأسباب مختلفة البعض يجعلها صدقة جارية عن أحد من أقاربه المتوفين، أو عن نفسه، والبعض الآخر يشتريها ويضعها بالشارع عقب تعبئته لها للشعور والرأفة بِالمارين بالشارع وحمايتهم من التعرض للعطش خاصة فى فصل الصيف التي تتزايد فيه درجات الحرارة.
وأكد أن الأهالى يفضلوا وضع الزير بالشوارع عن الكولودير للحفاظ على أرواح الأطفال وعدم تعرضهم للصعق الكهربائي أثناء محاولتهم الشراب منه، وخاصة أنهم يشاهدوا تلاميذ المدارس يجتمعوا حول الزير بالشارع للشراب منه أثناء عودتهم إلى منازلهم، مختتماً حديثه بأن مياه الزير لها مذاق خاص وطعم جميل وأنهم لن يتركوا هذه العادة مهما اختلفت الأجيال لحرص المتزوج على شراء زير بشقته وتوعية الكبار للصغار بمزايا هذا الكنز السمين الذي توارثوه عن أجدادهم.