ads

"من زفّة إلى جنازة".. شقيق يُضحي بحياته لإنقاذ عريس قبل أيام من فرحه في البحيرة

حادث غرق
حادث غرق

في قرية "سحالى البلد" التابعة لمركز أبوحمص بمحافظة البحيرة، كانت العائلة تستعد لأيام من الفرح المنتظر. الزينة بدأت تُعلّق، والدعوات توزّع، والبيت يغمره صخب التجهيزات الأخيرة لحفل زفاف الابن الأصغر، الذي لم يكن يفصل بينه وبين ليلة العمر سوى أيام معدودة، لكن القدر، كالعادة، كان يخبئ نهاية مختلفة تمامًا.

في لحظة تحوّل كل شيء، طلب الأب من ابنه العريس أن يكتفي بحفل بسيط، يقتصر على الأهل فقط، احترامًا لحالة وفاة وقعت مؤخرًا في الجوار، كان يحاول أن يوازن بين الفرح والحزن، بين حق الحياة ومراعاة الموتى لكن الابن، الذي حلم طويلاً بزفافه، شعر بأن هذا الطلب يحطم ما تبقى من فرحته، فدخل في حالة من الانفعال العاطفي الحاد، لم يستطع احتمالها، فألقى بنفسه في مياه ترعة المحمودية، وكأنما أراد أن يغسل حزنه أو يثبت شيئًا لم يفهمه أحد في تلك اللحظة.

هنا، ظهر البطل الصامت، شقيقه الأكبر، لم يتردد ولم يفكر ولم يتحدث، قفز خلفه بقلب الأخ المحب، يحاول انتشاله من الغرق، من الألم، من القرار الطائش، لكن الترعة ابتلعته وحده، في مشهد مؤلم، لم تستوعبه أعين شهوده حتى اللحظة.

تم انتشال الجثمان وسط صراخ القرية التي لم تعتد هذا النوع من الفواجع، انتقلت الجثة إلى ثلاجة حفظ الموتى بمستشفى أبوحمص المركزي، وبقيت الأسرة غارقة في صدمة لم تجد لها تفسيرًا.

الأب الذي كان يحاول تهدئة الأمور بحكمته، سقط مغشيًا عليه فور تلقيه خبر وفاة ابنه، أصيب بانهيار عصبي، ونُقل إلى المستشفى بين الحياة والمرض، لا يقوى على الكلام ولا البكاء، وكأن الدموع نفسها استسلمت أمام هذا المشهد.

في لحظات قليلة، تحوّلت البهجة إلى بكاء، والأنوار إلى سواد، والأغاني إلى قرآن يقرأ على روح شاب ضحى بحياته بدافع الحب، أما العريس الناجي، فبقي حيًا، لكن بجراح لا يداويها الزمن، وألم لا تمحوه الأيام.

اليوم تتناقل القرية الحكاية بين الأهالي وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، كأنها أسطورة حزينة من زمن آخر، البعض يطلب الدعاء، وآخرون يتأملون صمت الترعة التي شهدت كل شيء، بينما تقف الأسرة بين فقدين: ابن راحل، وابن آخر يعيش بعينين منطفئتين وقلب مثقل بالندم.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
علينا توحيد كلمتنا.. كلمة الرئيس السيسي في القمة العربية بالعراق