أثار إعلان الدكتور محمد خالد، طبيب مقيم بقسم الجراحة العامة بجامعة قناة السويس، استقالته المفاجئة ضجة واسعة في الأوساط الطبية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما كشف في بيان مطول عبر صفحته الشخصية عن تعرضه لما وصفه بـ'تهديدات معلنة وتعسف ممنهج'، حال دون استكمال مسيرته في القسم.
بداية الأزمة
يروي الطبيب المستقيل أن الأزمة تفجرت عقب منشور لأحد أعضاء هيئة التدريس، تضمن تأكيدًا متكرراً على أن اختيار النواب حق مكتسب للأقدمية، وأن شخصًا بعينه هو الذي سيُسمح له بالاستمرار بالقسم. 'منذ تلك اللحظة'، يقول خالد، 'بدأت محاولات الضغط عليّ، بداية من مطالبي بالاستقالة بالود، مرورًا بالتهديد بعدم السماح لي بتعلم أي مهارة جراحية، وصولًا لعزلي التام عن العمل'.
"لو لمست عيان هنلبسك مصيبة"
منشور الدكتور محمد خالد عبر الفيسبوك
يوضح الطبيب أن التعليمات الصريحة التي تلقاها لم تترك له مجالًا للشك: 'إنت مش هتمسك مشرط، محدش هيعلمك حاجة، ولو لمست أي عيان هنلبسك مصيبة'، وهي عبارات أكد أنها تكررت أكثر من مرة. ويضيف أنه حُرم من المشاركة في أي عملية أو التعامل مع الحالات، بل جرى استبعاده من جداول العمل الرسمية وحتى من مجموعات التواصل الخاصة بالقسم.
نوبتجيات بلا راحة
إستقالة الدكتور محمد خالد الجراح بجامعة قناة السويس
لم تقف المعاناة عند حد العزلة، بل امتدت إلى ظروف عمل وصفها خالد بـ'القاسية والمهينة'. إذ أكد أنه قضى أكثر من ثلاثة أشهر داخل المستشفى بلا إجازات تقريبًا، يعمل نوبتجيات يومية تصل إلى 24 ساعة متواصلة، بمفرده في قسم الطوارئ، محرومًا من النوم والطعام، ومعاملًا – على حد وصفه – 'بصوت عالٍ وألفاظ خارجة'.
محاولات بلا جدوى
وبحسب روايته، حاول الطبيب التواصل مرارًا مع إدارة المستشفى وتقديم شكاوى رسمية، إلا أن محاولاته لم تلقَ ردًا فعّالًا. وأكد أن القسم يدار وفق ما سماه بـ'نظام السينيورتي المطلق'، في ظل غياب آليات رقابة أو محاسبة، وهو ما دفع – بحسب قوله – العديد من الأطباء خلال السنوات الماضية إلى الاستقالة.
ردود فعل غاضبة
أثار منشور الطبيب ردود فعل واسعة بين زملائه والمهتمين بالقطاع الصحي، حيث عبّر كثيرون عن تضامنهم معه، معتبرين أن ما حدث يعكس أزمة أعمق في بيئة التدريب الطبي داخل الجامعات والمستشفيات التعليمية.
"خسرت النيابة لكن لم أخسر نفسي"
اختتم د. محمد خالد بيانه بكلمات مؤثرة: 'الاستمرار في بيئة بلا تعليم أو احترام للكرامة الإنسانية جريمة في حق النفس. ربما خسرت النيابة، لكنني لم أخسر نفسي ولم أتغير لأرضي أحدًا'.
أسئلة بلا إجابات
حتى لحظة كتابة التحقيق، لم تصدر إدارة جامعة قناة السويس أو كلية الطب تعليقًا رسميًا على ما أثير من اتهامات، بينما يترقب الرأي العام توضيحات بشأن ما إذا كانت هذه الاستقالة ستفتح ملف بيئة العمل داخل الأقسام الطبية الجامعية، أم ستظل واقعة جديدة تضاف إلى سلسلة أزمات الأطباء الشباب.