بعد جيبوتي وحماة النيل.. لماذا تعزز مصر علاقاتها العسكرية بدول مجاورة لإثيوبيا؟

الرئيس السيسي مع نظيره الجيبوتي
الرئيس السيسي مع نظيره الجيبوتي
كتب : سها صلاح

خلال الفترة الأخيرة، عززت مصر علاقاتها بعدد من الدول المجاورة لدولة إثيوبيا، التي تقيم سدًا على منابع النيل، قد يضر بحصة مصر من مياه النهر.. وكانت آخر هذه التعزيزات، الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى جيبوتي، ليصبح أول رئيس مصري يزور هذا البلد في التاريخ.

وقالت القاهرة إن الزيارة استهدفت تعزيز العلاقات الثنائية في المجالات الاقتصادية، والأمنية، والعسكرية.

وسبقت زيارة السيسي شحنة من المساعدات الغذائية والطبية أرسلتها مصر إلى جيبوتي.

وتعدّ جيبوتي خامس دولة مجاورة لإثيوبيا -بعد السودان وأوغندا وبوروندي وكينيا- تعزز معها مصر تعاونها العسكري خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

ويأتي ذلك تزامنًا مع اقتراب الملء الثاني لخزان سد النهضة، الذي لا تتوانى إثيوبيا عن تأكيد موعده هذا الموسم، وتصاعد حدة التصريحات بين إثيوبيا من جهة ودولتي مصب نهر النيل مصر والسودان من جهة أخرى.

وفي مارس الماضي وقعت مصر اتفاقًا عسكريا مع السودان، خلال زيارة لرئيس أركان الجيش المصري، الفريق محمد فريد إلى السودان.

وعقب توقيع الاتفاق، أكد فريد أن مصر تسعى إلى 'ترسيخ الروابط والعلاقات مع السودان في كافة المجالات خاصة العسكرية والأمنية، والتضامن كنهج استراتيجي تفرضه البيئة الإقليمية والدولية'.

مصر ودول افريقيا

مناورات حماة النيل

كما أجرت مصر والسودان مؤخرًا ثلاثة تدريبات عسكرية مشتركة حملت أسماء: 'نسور النيل 1' و'نسور النيل 2'، وآخرها مستمر حتى نهاية مايو الجاري باسم 'حماة النيل'.

وتشارك في تدريبات 'حماة النيل' قوات برية وجوية وبحرية من القوات المسلحة للبلدين. وتقول مصر إن 'التدريب يأتي لتطوير العمل المشترك بين القوات المسلحة في مصر والسودان'.

يقول الخبير العسكري المصري، العميد صفوت الزيات،لشبكة البي بي سي البريطانية إن الفرق بين التدريبات المصرية السودانية المشتركة 'حماة النيل' وما سبقها، 'نسور النيل 1' و'نسور النيل 2'، هو أن القوات اقتربت جغرافيًا أكثر من الحدود السودانية -الإثيوبية.

ويوضح الزيات ان هذا من شأنه المساعدة في اكتساب الخبرة والتدريب على البيئة القتالية هناك، الأقرب إلى الأهداف التي قد تتعامل مصر معها عسكريًا في إثيوبيا، إن قررت ذلك.

ويضيف أن اقتراب القوات من أهدافها يجعل الطلعات الجوية ذات مدى قريب بدلًا من طلعات المدى البعيد فقط، وهذا سيتيح حمل ذخيرة أكبر بدلًا من استهلاك الطاقة الاستيعابية في حمل الوقود.

تعاون استخباراتي مع اوغاندا وبوروندي

وكانت مصر وقعّت أيضًا اتفاقًا استخباراتيا عسكريا مع أوغندا في أوائل أبريل الماضي.

وقال اللواء سامح صابر الدجوي رئيس الوفد المصري ونائب رئيس جهاز الاستخبارات المصرية، في بيان نشرته الحكومة الأوغندية وأعادت نشره صفحة السفارة المصرية في كمبالا، إن 'حقيقة أن أوغندا ومصر تتقاسمان النيل يجعل التعاون بين البلدين أمرا حتميا، لأن ما يؤثر على الأوغنديين سيؤثر بشكل أو بآخر على مصر'.

ولم تمر أيام حتى وقعت مصر اتفاقًا آخر للتعاون العسكري مع بوروندي.

ويوم الأربعاء الماضي، كان رئيس أركان الجيش المصري في كينيا، سيوقع اتفاقًا عسكريا لتبادل المنفعة، بحسب ما أعلنته وزارة الدفاع الكينية.

ويقول المحلل السياسي الإثيوبي، عبد الشكور عبد الصمد، إن المقارنة بين الإمكانات العسكرية لن تحسم بالأرقام وقوة ترسانة الأسلحة.

ويوضح عبد الصمد لبي بي سي أنه إن كانت مصر تملك قوات أكبر وأسلحة أكثر، فإن هناك عوامل أخرى في صالح إثيوبيا كالجغرافيا وطبيعة المكان.

ويستبعد المحلل السياسي الإثيوبي أن يكون التقارب بين دول مجاورة لإثيوبيا ومصر هو بغرض التعاون العسكري ضد إثيوبيا، لأن ما تم التوقيع عليه بين هذه الدول ومصر 'اتفاقات للعلاقات العامة ولا تحمل مستوى أكبر من ذلك'.

لكن مصر لم تكن بهذا المستوى من التقارب والعلاقات مع دول كثيرة في القرن الأفريقي خلال عقود ماضية.

وينتقد عبد الصمد ما تطالب به نخب مصرية من تعامل عسكري في قضية سد النهضة، مشددًا على أن الكلفة باهظة على الجميع وأن مصر بحاجة لأموال الحرب للإنفاق الداخلي اقتصاديًا واجتماعيًا.

ولا يعير عبد الصمد الاتفاقات العسكرية المبرمة أهمية أكثر من كونها رسالة من مصر تخاطب بها الشارع الإثيوبي مفادها: 'قد نتعامل عسكريًا في أي مرحلة فيما يتعلق بمياه النيل'.

ولم تنجح الدول الأطراف في أزمة سد النهضة -مصر والسودان وإثيوبيا- في الوصول إلى اتفاق حول ملء السد وتشغيله، طيلة 10 سنوات من المفاوضات.

لكن في الشهور الأخيرة أصبحت لهجتا مصر والسودان أكثر حدة في الحديث عن 'التعنت الإثيوبي'.

وبينما تعود الولايات المتحدة إلى تولي زمام المبادرة في محاولة أخيرة للتوصل إلى اتفاق قبل الملء الثاني للسد، وتكثف مصر من تواصلها الخارجي لإثارة القضية أمام المجتمع الدولي، تبقى الأيام المقبلة حاسمة في إمكانية التعامل مع السد عسكريًا أو بطرق أخرى.

هذا التعامل العسكري وصفه السيسي من قبل بأنه إن تم 'سيسبب حالة من عدم الاستقرار في المنطقة، لا يمكن لأحد أن يتخيلها'

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً