ads

هل أصبحت لايفات تيك توك الطريق الأسرع لغسيل الأموال؟

تيك توك
تيك توك

أصبحت منصات التواصل الاجتماعي ليست مجرد أدوات للترفيه والتواصل، بل ساحات خصبة لأنشطة غير مشروعة، أبرزها غسيل الأموال. وتبرز منصة 'تيك توك'، بميزة البث المباشر 'تيك توك لايف'، كواحدة من الأدوات التي استغلها مجرمو الإنترنت لإخفاء مصادر الأموال غير المشروعة، وفقًا لتحقيقات وتقارير دولية حديثة.

وتتصاعد التحذيرات من هيئات مكافحة الجرائم المالية عالميًا باعتبار لايفات تيك توك سلاحًا ذا حدين: فرصة للمبدعين لتحقيق دخل، وفي الوقت ذاته، أداة يستغلها المجرمون لأغراض غير مشروعة.

آلية الاستغلال: الهدايا الرقمية كقناع للجريمة

وقال أحمد على البنداري استشاري التسويق الرقمي أن ميزة 'تيك توك لايف' تعتمد على نظام الهدايا الرقمية، حيث يشتري المشاهدون 'عملات نقدية' (Coins) بأموال حقيقية لإرسال هدايا افتراضية، مثل الوردة (بقيمة 0.50 جنيه مصري تقريبًا) أو هدايا باهظة مثل 'نجوم تيك توك' (حوالي 21,000-30,000 جنيه مصري).

وأوضح البنداري في تصريحات خاصة لـ أهل مصر أن صناع المحتوى يمكنهم تحويل هذه الهدايا إلى 'ألماس' (Diamonds) يمكن استبدالها بنقود، لكن تيك توك تحتفظ بنسبة تصل إلى 50-70% كعمولة.

وكشف البنداري أنه تم استغلال هذا النظام لغسيل الأموال من خلال إنشاء حسابات وهمية أو استخدام بوتات لإرسال هدايا بقيم كبيرة إلى حسابات محددة. لافتاً إلى أن هذه الأموال، التي قد تأتي من أنشطة غير قانونية مثل تجارة المخدرات أو الاحتيال، تظهر كأرباح مشروعة من متابعين، مما يصعب تتبع مصدرها.

وحسب تحقيق داخلي أجرته تيك توك عام 2021، تحت اسم 'مشروع جوبيتر'، كشف عن أنماط إجرامية كبيرة لغسيل الأموال عبر ميزة اللايف، بما في ذلك تمويل جماعات إرهابية.

تحقيقات دولية تكشف الحقيقة

في تركيا، أعلنت هيئة التحقيق في الجرائم المالية (MASAK) عام 2022 أن حوالي 1.5 مليار ليرة تركية (82 مليون دولار) تم تحويلها عبر تيك توك منذ يناير 2021، معظمها عبر بطاقات ائتمان مسروقة، واستخدمت في عمليات غسيل أموال وتمويل جماعات إرهابية مثل داعش. وفي يوتا، كشفت دعوى قضائية مرفوعة عام 2024 أن تيك توك تجاهلت هذه المخاطر رغم علمها بها، مدفوعة بالأرباح الضخمة التي تجنيها من الهدايا.

وأشارت التقارير إلى أن المجرمين يستخدمون حسابات متعددة لتوزيع مبالغ صغيرة على مدار الوقت، مما يقلل من احتمالية اكتشافها. بمجرد تجميع الأموال، يتم سحبها كأرباح مشروعة عبر منصات دفع مثل PayPal، التي لا تستطيع تتبع مصدر العملات المستخدمة لشراء الهدايا.

تحديات مكافحة الجريمة

وأكد المهندس وليد حجاج خبير أمن المعلومات أن مكافحة هذه الجرائم تواجه تحديات كثيرة بسبب طبيعة تيك توك اللامركزية وغياب آليات صارمة للتحقق من هوية المستخدمين (Know Your Customer) مبينا أن تيك توك لم تطبق إجراءات كافية لمراقبة المعاملات المشبوهة أو الإبلاغ عنها، مما زاد من استغلال المنصة.

يأتي ذلك في الوقت الذي تؤكد تيك توك دائما التزامها بتطبيق سياسات مشددة، مشيرة إلى أنها أغلقت أكثر من 45 مليون بث مباشر العام الماضي لانتهاكها القوانين. لكن منتقدين، مثل حاكم يوتا سبنسر كوكس، اتهموا المنصة بتفضيل الأرباح على سلامة المستخدمين.

تأثير على المستخدمين والمجتمع

وأوضح حجاج في تصريحات خاصة لـ أهل مصر أنه بجانب غسيل الأموال، أثارت لايفات تيك توك مخاوف أخرى، مثل استغلال القاصرين الذين يتجاوزون قيود العمر للبث المباشر، وأحيانًا أداء أفعال غير لائقة مقابل هدايا. مشيرا إلى أن تحقيق 'مشروع ميرميك' الداخلي لتيك توك عام 2022 وجد أن 112,000 قاصر تتراوح أعمارهم بين 13-15 عامًا استخدموا اللايف في شهر واحد فقط، رغم الحظر الرسمي.

وصرح حجاج الملقب بصائد الهاكرز أن هذه الأنشطة تؤثر على ثقة المستخدمين بالمنصة، مما قد يدفع إلى فرض قوانين أكثر صرامة، كما حدث في أستراليا حيث تمت إحالة تيك توك إلى هيئة مكافحة غسيل الأموال (AUSTRAC) بسبب شبهات مشابهة.

تعاون شامل لمكافحة الأنشطة غير القانونية عبر الإنترنت

من جانبه قال خالد إبراهيم رئيس غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات أنه في ظل تزايد التهديدات الإلكترونية والأنشطة غير القانونية على المنصات الرقمية، تظهر أهمية التعاون بين المنصات الإلكترونية والجهات التنظيمية لمكافحة هذه الظاهرة.

واقترح إبراهيم في تصريحات خاصة لـ أهل مصر مجموعة من الحلول الفعّالة لتعزيز الأمن السيبراني وحماية المستخدمين على رأسها تطبيق إجراءات 'اعرف عميلك' كخطوة أساسية للتحقق من هوية المستخدمين، مما يسهم في تقليل فرص الاحتيال والانتهاكات.

كما دعا إبراهيم إلى تحسين أنظمة مراقبة المعاملات في الوقت الفعلي، لضمان اكتشاف الأنشطة المشبوهة بشكل سريع وفعّال.

وشدد إبراهيم على ضرورة خفض نسبة العمولة لتقليل الحافز للاستغلال غير القانوني، مما يعزز من نزاهة المعاملات ويحد من الأنشطة الضارة. بالإضافة إلى ذلك، فإن تعزيز التعاون مع السلطات المالية للإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة يُعتبر أمرًا حيويًا لضمان سلامة النظام المالي الرقمي.

التكلفة العالمية للجرائم السيبرانية تبلغ 9.5 تريليون دولار فى عام 2024

وفي تصريحات رسمية ، كشف وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتور عمرو طلعت أن الهجمات الإلكترونية لم تعد تقتصر على استهداف الحواسب والبيانات فحسب، بل تجاوزت ذلك وأصبحت تستهدف الثقة، والسيادة، واستقرار المجتمعات.

ولفت طلعت إلى أنه وفقا للتقارير الدولية فإن المؤسسات حول العالم تتعرض لهجمات برمجيات الفدية بمعدل متوسط يصل إلى هجمة كل 11 ثانية وأن أكثر من 300 مليون فرد تعرضوا لهجمات سيبرانية فى عام 2023. فيما قُدرت التكلفة العالمية للجرائم السيبرانية بنحو 9.5 تريليون دولار فى عام 2024، وتنمو بنسبة 15% سنوياً.

وأضاف طلعت أن هناك تطورا نوعيا فى طبيعة التهديدات السيبرانية حول العالم شمل هجمات تستهدف سلاسل الإمداد الرقمية، وأخرى تُدار من قبل جهات دولية فاعلة، تستغل الثغرات فى شبكات الاتصالات أو حتى فى البرمجيات المستخدمة على نطاقٍ واسع؛ بالإضافة إلى الهجمات الالكترونية التى استهدفت مؤسسات مالية، ومستشفيات، ومحطات طاقة، وأنظمة مراقبة الحركة الجوية؛ مستعرضا أمثلة للهجمات السيبرانية التى استهدفت دول كبرى خلال الأعوام القليلة الماضية.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً