تحاول جميع الدول جاهدة الإلتزام بإجراءات الوقاية للحؤول دون تفشي وباء كورونا بصورة أكبر، ويعكف العلماء على إيجاد لقاح لحل تلك الأزمة من جذورها وعودة الحياة إلى طبيعتها، خاصة بعد انهيار الاقتصاد العالمي وحصد أرواح الكثيرين وإصابة أكثر من 3 مليون شخص حول العالم بالفيروس القاتل، ولكن في أسوأ الحالات التي يتوقعها بعض العلماء لن يتم الحصول على لقاح سوى بعد عامين أو ثلاثة، خاصة وأن الفيروس لغزاً مازال يحير الأطباء وعلماء الاوبئة حتى الآن دون التوصل إلى سره، لاسيما مع إخفاء دول متهمة بصناعته سره الحقيقي وعلى رأسها الصين خوفاً من مقاضاتها دولياً، إذن فالسيناريو القاتم هو عدم إيجاد لقاح، فهل يستطيع العالم التعايش مع هذا الوباء، وإعادة الحياة إلى طبيعتها؟وهل هناك أوبئة شبيهة م يجدوا لها لقاح حتى الآن واستطاع العالم التعايش معها؟
التعايش مع فيروس كورونا
قد تلجأ الدول بعد فشل العلماء في إيجاد لقاح لفيروس كورونا إلى التعايش معه، حيث ستخف إجراءات الحظر بحذر وتفتح البلاد أبوابها ومحلاتها وتجارتها بترقب، مع الإبقاء على التباعد الاجتماعي والوقاية، ومن هنا يجب أن تعلم الدول أن حالات الإصابة ستصبح في تزايد لذا يجب قبل المعايشة مع الفيروس تجهيز أماكن عزل تستوعب الملايين وليس الآلاف.
وفي هذا السياق، يقول الدكتور ديفيد نابارو ، أستاذ الصحة العالمية في إمبريال كوليدج لندن ، والذي يعمل أيضًا مبعوثًا خاصًا لمنظمة الصحة العالمية في تصريحه لشبكة الـ"سي إن إن": "أن هناك بعض الفيروسات التي ما زلنا لا نمتلك لقاحات ضدها، ولا يمكننا أن نفترض مطلقًا أن اللقاح سيظهر على الإطلاق، أو إذا ظهر سواء كان سيجتاز جميع اختبارات الفعالية والأمان، يجب أن نعلم أن اللقاح سيستغرق وقتاً طويلاً لتوزيعه على جميع الدول".
وأضاف "نابارو": "من الضروري أن تضع جميع المجتمعات في كل مكان نفسها في وضع يمكنها مكافحة الفيروس كتهديد مستمر، وأن تكون قادرة على ممارسة الحياة الاجتماعية والنشاط الاقتصادي مع وجوده".
فيما أشار الدكتور "بيتر هوتيز"، عميد المدرسة الوطنية للطب الاستوائي بكلية بايلور للطب في هيوستن إلى أن " العلماء يمكن أن يستغرقوا الكثير من الوقت لفهم لغز هذا الفيروس وسيخرجون بنتيجة في النهاية، حيث أنه أصبح تحدي ولكن الأمر سيستغرق على الأقل عامين وشهرين، لذا نحن نحتاج إلى خطة "أ" وخطة "ب" للسيناريو الأسوأ.
وينظر العلماء إلى دواء ريمديسيفير المستخدم في علاج مرض فيروس إيبولا، وفي الوقت ذاته يجري استكشاف إمكانية استخدام بلازما الدم لعلاج الفيروس المستجد. أما دواء هيدروكسي كلوركوين، الذي وصفه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه "نقطة تحول"، فقد اكتشف أنه غير فعال مع المرضى ذوي الحالات شديدة السوء.
ماذا لو لم ينجح اللقاح بعد اكتشافه الخطة "أ"؟
في عام 1984 ، أعلنت وزيرة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية "مارغريت هيكلر" في مؤتمر صحفي في واشنطن العاصمة، أن العلماء قد حددوا بنجاح الفيروس الذي أصبح يعرف فيما بعد بفيروس نقص المناعة البشرية – الإيدز- وتوقعت أن لقاحًا وقائيًا سيكون جاهزًا للاختبار خلال عامين،ومازال العالم يترقب هذا اللقاح منذ أربعة عقود، ورغم 32 مليون حالة وفاة بهذا الوباء، لا يزال العالم ينتظر لقاح فيروس الإيدز.
ولم ينتهي البحث في عام 1997 ، حيث تحدى الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون العالم بابتكار لقاح للـ"إيدز" في غضون عقد من الزمن، قبل 14عامًا ، ولكن العلماء فشلوا في ذلك.
وبالمثل، يصعب تطوير لقاحات للشائع من الفيروسات الأنفية والفيروسات الغدانية، التي تسبب في أعراض تشبه أعراض البرد، مثل فيروس كورونا، ولا يوجد إلا لقاح واحد لمنع سلالتين من الفيروسات الغدانية، وهو غير متاح تجارياً.
اقرأ أيضاً: حظر كامل أو تعايش مع كورونا.. ما هو الخيار الأنسب أمام الحكومة لمواجهة الوباء؟
ويوضح بول أوفيت ، طبيب الأطفال وأخصائي الأمراض المعدية ، أن "الأنفلونزا قادرة على تغيير نفسها من عام إلى آخر، لذا فإن العدوى في العام السابق لا يصيبك في العام التالي.
ويضيف "أوفيت" لشبكة CNN: على عكس "الإيدز" إنها تستمر في التحور فيك، لذا يبدو أنك مصاب بآلاف خيوط فيروس نقص المناعة البشرية المختلفة،و في حين أنه يتحور، فإنه يشل أيضًا نظام المناعة لديك."
ماهي الخطة " ب" في حالة عدم إيجاد لقاح؟
إذا كان مصير لقاح الإيدز سيصيب أيضاً لقاح فيروس كورونا، فقد يبقي الفيروس معنا لسنوات عديدة، ويقول "بول أوفيت"، طبيب الأطفال وأخصائي الأمراض المعدية الذي شارك في اختراع لقاح فيروس الروتا: "لقد استطعنا أن نجعل "الإيدز" مرضاً مزمناً يمكن التعايش معه عن طريق مضادات الفيروسات، وقد فعلنا ما كنا نأمل أن نفعله دوماً مع السرطان".
ولكن من المهم معرفة أن أي علاج دون إيجاد لقاح لن يمنع حدوث العدوى في المجتمع، مما يعني أن فيروس كورونا سوف يسهل التعامل معه وأن الجائحة سوف تهدأ، لكن المرض يمكن أن يبقى معنا لسنوات عديدة في المستقبل.
وتقول الشبكة الأمريكية سيكون هذا صعباً في البلاد الأفقر، لذا فإن التوصل إلى طرق لدعم البلاد النامية سوف يصبح أمراً "مخادعاً جزئياً من الناحية السياسية، لكنه مهم للغاية كذلك، كذلك حساسية الوضع المتوقع لأماكن توطين اللاجئين والمهاجرين شديدة الازدحام، ولا سيما نظراً إلى أنها مناطق تثير قلقاً كبيراً.
هل تشمل خطة التعايش مع الفيروس فتح المقاهي وإعادة المباريات؟
يقول الخبراء لشبكة "سي إن إن " في هذا الشأن أن من الهام وجود نظام صحي عام يتضمن تعقب العدوى، والتشخيص في مكان العمل، ورصد مراقبة المتلازمات، والتواصل المبكر حول ما إذا كان علينا أن نعيد تطبيق التباعد الاجتماعي.
اقرأ أيضاً: حرب اللقاحات.. كيف سيتم توزيع "مصل" فيروس كورونا على العالم؟
يعني ذلك أن الدوري الإنجليزي الممتاز وفاعليات كرة القدم على مستوى العالم الدوري يمكن أن تمضي قدماً وفقاً لجداولها، ما دام الرياضيون يخضعون للاختبارات بانتظام، وأن تُستقبل الجماهير لأسابيع متتالية -ربما عن طريق الفصل بينهم داخل المدرجات- قبل غلق الملاعب بسرعة إذا ظهر التهديد.
ولكن المقاهي ستكون آخر الخطط لأنها دائماً ما تكون مزدحمة وسيصعب هي والمطاعم التواجد بها.
هل مناعة القطيع هي مصيرنا الحتمي؟
يرجح العلماء أن تعود القيود كل شتاء، إذ يشير البعض إلى أن ذروة الإصابة بكوفيد-19 يمكن أن تحدث كل شتاء حتى نصل إلى لقاح.
وكلما مر الوقت، تصبح احتمالية مناعة القطيع، التي يدور حولها جدال ساخن، أكثر حتمية: وهي حالة تحدث عندما تصبح أغلبية سكانية، حوالي 70-90%، منيعة أمام مرض معد.
اقرأ أيضاً: ماهي مناعة القطيع وكيف أستخدمتها الحكومات للحد من فيروس كورونا؟
ويبدو مرض الحصبة أفضل الأمثلة على ذلك، فقبل إيجاد لقاح كان يصاب بالحصبة في كل عام مليونان إلى ثلاثة ملايين شخص، ويبدو أن ذلك ينطبق كذلك على كورونا.