أسفرت 9 سنوات قتال بين الأطراف المتصارعة في ليبيا عقب رحيل الزعيم اللليبي "معمر القذافي" وقتله على يد ميلشيات مصراتة الإرهابية خلال ثورات الربيع العربي، إلى تدهور الأحوال الاقتصادية والمعيشية والصحية في البلاد، وزاد الأمر سوءاً تعاون "فايز السراج" رئيس حكومة الوفاق الوطني التي كان من المفترض أن تعبر بالبلاد تلك الأزمات لعمل دستور وانتخابات شرعية لإعادة إعمار ليبيا لتفريغ الجيش من تطهير الدولة من الإرهابيين، إلا أنها على العكس من ذلك تحالفت مع الميلشيات الإرهابية ومؤخراً مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لنهب ثورات الشعب الليبي، مما دفع الجيش الليبي بقيادة المشير "خليفة حفتر" إلى التدخل لوقف النزيف الشعبي والدفاع عن الأرض والثروات من سرقتها، ومع تفشي فيروس كورونا في البلاد ودخول شهر رمضان أعلن الجيش الليبي عن "هدنة" حرب كماحولة أنسانية لجمع شتات الشعب الليبي، إلا أن حكومة الوفاق الوطني لم تأهبه لذلك ومازالت في عنادها تخترق الهدنة.
اقرأ أيضاً: بعد إعلان "حفتر" الهدنة.. هل تستعد ليبيا لخارطة طريق جديدة وما مصير الهلال النفطي؟
ماهو وضع ليبيا بعد تفشي فيروس كورونا؟
بسبب الحرب المشتدة بين أطراف الصراع أصبحت المستشفيات متهالكة خاصة في طرابلس العاصمة الليبية التي تشهد الكثير من دمار الحرب حتى الآن، كما أن الطاقم الطبي أيضاً يعمل تحت سلاح الميلشيات المسيطرة على الأرض.
وفي هذا السياق ينقل الطبيب "على" لصحيفة "ميدل إيست آي" ما يحدث هناك قائلاً:" كنت أعمل أن وظيفتي الأولى في جناح الصدمات في إحدى مستشفيات طرابلس ستكون صعبة بشكل كبير، فمنذ 9 سنوات مع اندلاع الحرب الأهلية في تلك المدينة المنكوبة، وجدت نفسي مسؤلاً عن علاج جرحى المدنيين والإرهابيين، كنا نعمل تحت تهديد السلاح، ومنذ شهر واحد ظهرت الكارثة الأخرى مع ظهور أول حالة إصابة لفيروس كورونا.
واضاف "على" أن الأطقم الطبية ليسوا مدربين على التعامل مع الأمراض المعدية والأوبئة لذا يصيبهم يومياً حالات هلع، فنحن هنا داخل طرابلس نعالج المرضى بالتخمين، حتى أن منظمة الصحة العالمية لم تمدنا بأي تعليمات، فمستشفيات طرابلس التي تقع تحت وطأة المسلحين، تختلف عن المستشفيات الأخرى في ليبيا، هنا لا يخرج ولا يدخل أحد.
وتابع الطبيب قائلاً:" ينقص الكادر الطبي هنا المعدات والأدوية والكمامات والملابس الوقائية فنحن نعمل بارتداء أكياس القمامة ونصنع الكمامات من القماش، وهذا سيعرض ليبيا بأكملها إلى العدوى بالوباء،كانت صناديق القفازات متوفرة في جميع أنحاء المستشفى، ولكن مع وصول الفيروس إلى ليبيا، اختفت، ويشك العاملون في المستشفى بسرقة العديد من القفازات والمعدات.
الحالة صفر في ليبيا
يستكمل "على" حديثه بأن الحالة صفر ظهرت في مستشفي طرابلس الذي يعمل بها، وكانت حالة المريض مزرية لكنهم استطاعوا أن يعالجوه،ويضيف أن المفارقة هنا خلال زيارة وزير الصحة "أحمد بن عمر" الذي من المفترض إعطاء تعليمات للمستشفى بالإجراءات اللازمة لرعاية المرضى وتوفير ما يحتاجه كادر الأطباء، إلا أنه وقف ببدلته الوقائية بجانب مريض يحتاج قناع أكسجين ولا يضعه لانه كان غير متوفر في هذا الوقت ولم يتوفر لنا إلا بعد استقبال 3 حالات أخرى.
وبالرغم من تولّي المستشفى علاج أول حالة مصابة بفيروس كورونا في البلاد، لا يزال المستشفى بلا سياسات محددة للتعامل مع حالات الإصابة بمرض كوفيد-19.
ووصل إجمالي عدد حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا في ليبيا إلى 61 حالة بينهم 18 حالة تماثلت للشفاء، وحالتا وفاة، وفقاً للمركز الوطني الليبي لمكافحة الأمراض.
اقرأ أيضاً: مسيرات ليلية في سبها وبني وليد تطالب بتفويض سيف القذافي لحكم ليبيا
القتلى ومرضى كورونا يتكدسون في مستشفى طرابلس
وبسؤال أحد الأطباء الأخريين قال أنه رغم تفشي الفيروس إلا أن القتال مازال مستمر والقتلى والمصابين مازالوا يأتون بالعشرات يومياً إلى المستشفى المنكوبة، غير أن نقص المعدات الناجم عن أزمة فيروس كورونا جعل الطاقم الطبي غير مجهز لعلاج المصابين، وفي كثير من الأحيان نتعامل مع حالات مصابة بالنزيف دون قفازات.
وأضاف أن نقص معدات الوقاية ليس المشكلة الوحيدة بل إن غرفة الطوارئ لاستقبال المصابين بلا "شاش معقم"، وهذا يجعل المرضى معرضين للعدوى بعد أي إجراءات طبية طارئة،ويعمل الفريق الجراحي في غرفة العمليات بدون إضاءة كافية وبدون تهوية،كما يعاني فريق التخدير بسبب نقص إمدادات الأكسجين وتعطّل أجهزة التنفس الصناعي باستمرار، كما أننا لم نتلقى أجور منذ 3 سنوات لكننا نتحمل هذا لاأمر لأننا مهنتنا، وقسمنا أمام الله.
اقرأ أيضاً: المرتزقة السوريين في لييبيا .. لمن يرسلهم أردوغان ؟ وما هى نواياهم ؟
ومازالت طرابلس حتى هذه اللحظة تتعرض للقصف الإرهابي لمنع دخول الجيش الليبي إلى آخر معاقل الميلشيات بعد تحقيقه إنجازاً كبيراً في السيطررة على الكثير من الأراضي التي استولى عليها الإرهابيون بعد رحيل "القذافي".