رمضان سنغافورة في ظل كورونا.. الفيروس القاتل يحرم مسلمي البلد الجزيرة من نعمتي التبرع لإعداد موائد الإفطار واعتكاف العشر الأواخر (صور)

رمضان في سنغافورة (أرشيفية)
رمضان في سنغافورة (أرشيفية)
كتب : وكالات

رمضان في سنغافورة 2020، تعتبر البلد الجزيرة الواقعة جنوب قارة آسيا من أكثر بلدان القارة مترامية الأطراف تضررا من النوع الجديد من فيروس كورونا (كوفيد-19)، حيث بلغت حصيلة المصابين بالفيروس الوبائي في هذا البلد، وفقا لأحدث إحصائية صادرة اليوم السبت 9 مايو 2020 عن وزارة الصحة، 22 ألف و460 حالة إصابة، وهو ما أدى إلى فرض قيود مشددة على حركة المواطنين ونشاطهم الاقتصادي وكذلك دور العبادة ومنها المساجد التي أُغلقت مؤخرا في إطار الإجراءات الوقائية المساعدة على منع تفشي المرض، ما كان له بالغ الأثر على ممارسة مسلمي هذا البلد للطقوس والمظاهر الرمضانية المرتبطة بالشهر الكريم.

رمضان في سنغافورة (أرشيفية)

وأعلنت وزارة الصحة في سنغافور، في وقت سابق اليوم السبت، تسجيل 753 حالة إصابة جديدة بالفيروس المستجد، مضيفة، في بيان، أن الغالبية العظمى للإصابات الجديدة بين عمال مهاجرين يعيشون في مدن سكنية خاصة بهم، مشيرة إلى أن من بين المصابين تسع حالات كانت لأشخاص يحملون الإقامة الدائمة.

رمضان في سنغافورة (أرشيفية)

ولشهر رمضان في سنغافورة مكانة مميزة، خاصة أنه يوجد هناك الآن عدد كبير من معتنقي الدين الإسلامي، حيث تبلغ نسبة المسلمين في دولة سنغافورة قرابة 15% من إجمالي سكانها، البالغ عددهم قرابة 5 ملايين ونصف، وتشمل الجاليات المسلمة الملايويين والصينيين والحضارمة اليمنيين و الهنود والآسيويين والقوقازيين.

رمضان في سنغافورة (أرشيفية)

تضم سنغافورة 78 مسجداً، منها 23 افتتحت مؤخراً، يتسع أحد المساجد الجديدة لنحو 5 آلاف مصل، وكان بقية المجتمع السنغافوري يشعرون بالتغيير الذي يطرأ على بلادهم خلال هذا الشهر، إذ كان يمارس المجتمع المسلم الطقوس والمظاهر الرمضانية التي تذكره ببلده الأصلي، ومنها تناول الطعام على شكل مجموعات، والتي لم تكن تقتصر على المسلمين وحدهم، إذ كان يشارك كذلك غير المسلمين أصدقاءهم المسلمين، كما كانت تجمع التبرعات لإعداد وجبات الإفطار في المساجد، وذلك قبل إغلاقها في إطار التدابير المتخذة لاحتواء الفيروس الوبائي.

كيف وصل الإسلام إلى سنغافورة؟

كان التجار العرب أول من نقل الإسلام إلى سنغافورة، وذلك عندما انتشر الإسلام في الملايو والهند وإندونيسيا، وانتقل الإسلام مع هذه البلاد في هجرتها إلى سنغافورة، واتسع انتشار الإسلام في القرن التاسع الهجري، ووصلت سنغافورة جماعات عدة من البلدان المجاورة لها.

رمضان في سنغافورة (أرشيفية)

ويتلقى أبناء المسلمين تعليما إسلاميا في بعض المدارس الإسلامية، فيما يتعلم ثلث أبناء المسلمين قواعد الدين عن آبائهم، ويدرس الدين في المساجد لبعض الشباب المسلم.

رمضان في سنغافورة (أرشيفية)

وبسنغافورة دار للعلوم كمدرسة عليا لتخريج رجال الدين، ويعاني المسلمون بسنغافورة من قلة الحفظة للقرآن الكريم، فتحفيظ القرآن قاصر على جهود المجلس الإسلامي بسنغافورة، وتوجد 6 مدارس عربية في هذا البلد، ويتلقى بعض علماء الدين دراستهم بإندونيسيا والبلاد العربية.

رمضان في سنغافورة (أرشيفية)

الاستعداد لاستقبال الشهر الكريم

يستعد مسلمو سنغافورة لاستقبال شهر رمضان قبل قدومه بعدة أيام، حيث تتخذ الأحياء السنغافورية الإسلامية زينتها من أفرع الزينات الكهربائية الملونة والتي تتخذ رسم المساجد والمآذن والقباب شعارا بديعا لها، بطول شوارع الحي الماليزي وشارع العرب، والشيء اللافت للانتباه أن سنغافورة دولة علمانية، وساعات العمل في سنغافورة خلال شهر رمضان لا تتغير، هي نفسها كما في غيره من الأشهر، ولكن يواصل المسلمون عملهم اليومي إلى جانب الوفاء بالتزاماتهم الدينية خلال شهر رمضان، ويشعر المسلمون بالفرح وهم في رمضان بين عائلاتهم أو حتى بين زملائهم في العمل.

الأمير البريطاني هاري يتناول وجبة الإفطار مع مسلمي سنغافورة (أرشيفية)

رؤية الهلال

تعتمد سنغافورة على رؤية هلال شهر رمضان بالحساب الفلكي وذلك منذ القدم، ومفتي الإسلام في سنغافورة هو من يعلن رؤية الهلال لتحديد بداية شهر رمضان المعظم عن طريق وسائل الإعلام المختلفة.

الأمير البريطاني هاري يتناول وجبة الإفطار مع مسلمي سنغافورة (أرشيفية)

وقبل تفشي فيروس كورونا في العالم ومن ثم وصوله إلى سنغافورة وما تبع ذلك من اتخاذ إجراءات وقائية للحد من تفشي الوباء ومنها منع التجمعات وفرض إجراءات التباعد الاجتماعي وغلق المساجد، كان بمجرد انطلاق الشهر الكريم يتغير كل شيء في حياة مسلمي سنغافورة، حيث يقبلون على المساجد وتعقد حلقات الذكر وتدارس القرآن وتفسيره حتى أذان صلاة المغرب، وبعد الصلاة كان يتناول البعض وجبة الإفطار بالمسجد.

الأمير البريطاني هاري يشارك مسلمي سنغافورة احتفالاتهم بشهر رمضان (أرشيفية)

موائد الإفطار

وكما تسبب انتشار الفيروس المستجد بهذا البلد في غلق المساجد، تسبب كذلك في منع تنظيم موائد الإفطار التي كانت تكثر بصورة لافتة للنظر، فقبل الإفطار كان يتبرع الكثيرون بوجبات طعام إلى الحد الذي كان يدفع إدارة المسجد أحيانا إلى الاعتذار عن قبول وجبات الطعام نظرا لكثرة المتبرعين، لدرجة أنه ينبغي الحجز مسبقا في المسجد لمن يريد التبرع، لتحديد اليوم وعدد وجبات الطعام وعدد العلب البلاستيكية التي سيتبرع بها.

طعام خاص

الشيء اللافت للانتباه أن سنغافورة لا تمتلك طعامها الخاص، فكل أكلاتها المتبلة بالكثير من البهارات مأخوذة من دول أخرى مجاورة أو بعيدة كإندونيسيا وماليزيا وبروناي وتايلاند والصين والهند، كما أنها لم تعرف الخبز العربي إلا منذ عدة سنوات على يد مهاجر لبناني، ولا يزال خبز يسمى فرانسيش أي الخبز الفرنسي هو المنتشر.

لكن مسلمي سنغافورة يحرصون خلال هذا الشهر على تناول طعام خاص في هذا الشهر، حيث أصبحت لديهم خيارات كثيرة من قوائم الطعام العربي، بعد أن ضاقوا ذرعا بأكلاتها الحارة المليئة بالبهارات. فهناك مطاعم تقدم الأطباق اللبنانية، ومختلف المشاوي من اللحوم الحلال، وغيرهما من المطاعم التي تقدم أطباق اللحم والأرز إلى جانب المقاهي التي تقدم شتى أنواع المشروبات كالزنجبيل والقهوة والشاي والكاكاو والعصائر والفول المسلوق. وذلك بالطبع قبل إغلاق تلك المحال والمطاعم مؤخرا من جراء تفشي كورونا.

وبجانب ذلك، كان هناك أيضا المطاعم الكبرى ومطاعم الفنادق الفاخرة (مغلقة الآن) التي تنبهت لأهمية شهر رمضان بالنسبة للمسلمين فكانت تتنافس على جلب أمهر الطهاة العرب والمسلمين من مصر ولبنان وتركيا، وغيرها من الدول الإسلامية، وهكذا صار المسلم يجد أمامه اليوم حتى تلك الأشياء التي لا يمكن تخيل وجودها في سنغافورة كشراب العرق سوس والكنافة وقمر الدين! أضف إلى ذلك جهود هيئة السياحة السنغافورية، فقد أخذت بتجديد وبعث روح الحيوية من جديد لمناطق وجود المسلمين بهدف استقطاب السياح العرب، وذلك بالطبع قبل تعليق حركة السياحة والطيران بين دول العالم ضمن إجراءات إيقاف الفيروس الآخذ في الانتشار.

صلاة التراويح

وبعد تناول الإفطار، كان مسلمو سنغافورة يحرصون على التوجه إلى المساجد قبل إغلاقها لأداء صلاه التراويح، وبعد التراويح والوتر كانت تعقد حلقات الدرس ويفسَّر القرآن بواسطة شيخ المسجد أو أي شيخ آخر، ويترجم القرآن من اللغة العربية إلى اللغة الملاوية.

السحور

يستيقظ مسلمو سنغافورة في الساعة الرابعة صباحا لتناول ما بقي من طعام الإفطار مضافا إليه الأرز والسمك في وجبة السحور، وبعد ذلك يتناولون القهوة أو الكاكاو أو الشاي بالحليب، حتى يسمعوا النداء لصلاة الفجر فيصلي كل في بيته ومع أسرته مراعاة لإجراءات التباعد الاجتماعي المفروضة.

تبادل الزيارات

وكان مسلمو سنغافورة يحرصون على تبادل الزيارات خلال الشهر الكريم، ففي النهار كان يمكن للصائم التنزه في هذه الشوارع وشراء ما يبتغيه من أغراض الطعام أو الملابس الماليزية أو المفروشات وخلافه، لكنه في الليل ما كان ليجد له موطئ قدم، حيث كان يزدحم السنغافوريون المسلمون مع أشقائهم من الجاليات الإسلامية بعد صلاة التراويح، الأمر الذي لم يعد له أثر اليوم.

العشر الأواخر والعيد

كانت كل الأسر، صغيرها وكبيرها، يذهبون إلى المسجد، وتقام السرادقات حوله لتنام فيها هذه الأسر، وكان ذلك يحدث يومياً في العشر الأواخر من رمضان، بحيث تؤدى الفرائض في المسجد والسرادقات ينام فيها الناس.

أما فيما يتعلق بليلة العيد، هناك طعام خاص تعده الأسر في سنغافورة ويسمى كتوبات، وهو عبارة عن أرز يلف بعروق شجرة النارجيل على شكل مربع، ويوضع على شبكة تعلو إناء كبيراً، بها ثقوب كثيرة، ويملأ هذا الإناء بالماء ويوضع على النار ويتم نضج الـ(كتوبات) على البخار المنبعث من الماء المغلي داخل الإناء حتى ينضج تماماً، ويؤكل يوم العيد مع اللحم المطبوخ والدجاج المقلي.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
"السياحة" تتابع تطورات حادث غرق يخت سفاري جنوب مرسى علم