2020 عام الخطأ البيولوجي الذي سيقتل مليون إنسان .. مقالة صحفية قديمة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، بطلها مارتن ريس Martin Rees العالم البريطاني الشهير في الكونيات والفيزياء الفلكية، وتعود المقالة إلى ما قبل 17 عامًا.
كانت مهمتنا البحث، حول حقيقة الموضوع بمجرد كتابة أسم مارتن ريس عربيا تظهر لك المقالة السابقة وبعض تنبؤاته السابقة فلكيا وغير ذلك، وبالنزول إلى أسفل تجد الكثير عن مارتن ريس لكن هل حقًا تنبأ مارتن ريس بعام 2020 أنه عام الخطأْ البيولوجي الذي سيقتل مليون إنسان ، وهذا ما حدث فعلاً في ظل إنتشار وباء كورونا عالميًا والذى حصد أرواح ما يزيد عن 284 ألف شخص ، بينما تجاوز عدد المصابون عالميًا نحو 4 ملايين شخص.
مارتن ريس
في الحقيقة إن البحث باللغة الأنجليزية أدق، فقد ظهر أن أبرز الكلام المقتبس عنه يفتقد إلى الدقة، وأن آخر لم يقله بحرفيته، غير أن هذا لا يعني أن مارتن ريس لم "يتوقع" او لم "يتنبأ" حدثاً سيئاً ما سيحصل عام 2020.
المقالة نشرت في صحيفة الرأي الكويتية بتاريخ 31 مارس 2020، بعنوان "مارتن ريس قبل 17 سنة: 2020 عام الخطأ البيولوجي الذي سيقتل مليون إنسان" ، وهي تحمل توقيع الكاتب أحمد العبدالله.. ووردت فيها اقوال منسوبة لريس، لا سيما مقتبسات له أوردها الباحث في القضايا الكونية هشام طالب في كتابه "بناء الكون ومصير الإنسان" الصادر عام 2012.
هذه المقتبسات هي التي يتناقلها المستخدمون في حساباتهم. ويمكن ايجادها في الفصل الثاني في كتاب هشام طالب، بعنوان: "إرهاب المعرفة القاتلة- الإرهاب البيولوجي يقتل مليون إنسان عام 2020" .
توقعات مارتن ريس
هل قال ريس هذه الأقوال كما أوردها طالب في كتابه؟
بمراجعة كتاب ريس بطبعته الانجليزية، وترجمتها الى العربية، يظهر ان بعض ابرز هذه المقتبسات افتقد الى الدقة، بينما لم نجد بعضها .
الاقتباس لأول: "2020 عام الخطأ البيولوجي الذي سيقتل مليون إنسان"
في كتابه "ساعتنا الاخيرة: انذار من عالم" (Our Final Hour A Scientist's Warning) الصادر عام 2003، لم يكتب ريس: 2020 عام الخطأ البيولوجي الذي سيقتل مليون إنسان"، بل: "وضعت الف دولار على الرهان التالي: انه بحلول سنة 2020، سيقع حدث من خطأ بيولوجي او ارهابي بيولوجي يؤدي الى قتل مليون فرد" الصفحة الثانية من فصل "كبح مسار العلم".
وأكمل: "وأنا بالطبع آمل متحمسا ان اخسر هذا الرهان. لكنني بأمانة لا اتوقع ذلك".
توقعات مارتن ريس
الاقتباس الثاني: "التوقعات بحدوث كارثة تدمر العالم ارتفعت من 20 % قبل 100 عام إلى 50 في المئة"
بحثنا في النسخة الانجليزية الكاملة لكتاب مارتن ريس، باستخدام كلمات مفتاحية أو أرقام مثل 2 ، و 20 ، و Twenty، Percent، Year، لكن لم نجد مقولة كمثل التي وردت في كتاب هشام طالب.
"إنذار من عالم"
كتاب مارتن ريس استشراف جريء وصريح لمستقبل البشرية والارض في ضوء تقدم العلم والتكنولوجيا، على اختلاف انواعها. و ناقش مختلف السيناريوات الكارثية التي قد تنتج من هذا التقدم.
"توقعات او "تنبؤات" محذرة، متوجسة الشر، "نظرا إلى أن هذا العلم الجديد قد تكون له نتائج غير مقصودة، وأنه يمنح الأفراد القدرة على ارتكاب أفعال فيها إرهاب هائل"، ويعالجالتسلح والتكنولوجيات الجديدة والازمات البيئية ومدى الابتكار العلمي وحدوده، وتوقعات الحياة خارج الأرض..."، حسب قول الباحث هشام طلب.
أخطار عديدة يعدّدها في كتابه هذا، ومنها "ابادة السكان بفيروسات مهندسة مميتة يحملها الهواء، وتغيير الخصائص البشرية بتكنيكات جديدة أكثر تأثيرا. وقد نجد انفسنا ذات يوم مهددين بماكينات نانوية شريرة تتكاثر تكاثرا كارثيا او مهددين بكمبيوترات قائقة الذكاء..."، ومن توقعاته في هذا الإطار، "أن تقدم التكنولوجيا المتقدمة أجهزة جديدة لخلق الإرهاب والدمار، وأن تؤدي وسائل الاتصال الفورية الشاملة الى تعظيم تأثيرها المجتمعي".
مارتن ريس وعام 2020
مارتن ريس مواليد عام 1942 الكونيات مجال اهتمامه الخاص... نعم، "تنبأ" او توقّع انه "بحلول سنة 2020، سيقع حدث من خطأ بيولوجي او ارهابي بيولوجي يؤدي الى قتل مليون فرد". وقد أعلن رهانه على ذلك قبل نحو 17 عاما، و"لم يتوقع ان يخسر"، على ما يكتب. لا بل لا يزال مراهنا على ذلك.
في2010، سأله رئيس مؤسسة لونغ ناو (Long Now) ستيوارت براند عن هذا التنبؤ تحديدا بخصوص عام 2020، فجدد القول: "من الواضح أنني آمل بشدة أن أكون مخطئًا"، "لكن قلقي هو ان التكنولوجيا الحيوية تتطور بسرعة كبيرة، وهناك مخاطر أكبر لحصول خطأ أو ارهاب".
عام 2017، جدّد ريس رهانه على تنبؤه المتعلق بعام 2020، بـ400 دولار هذه المرة (هنا، لقطة الشاشة ادناه). وما راهن عليه حرفيا، في مواجهة منافسه البروفسور في هارفرد ستيفن بينكر، هو ان "خطأ بيولوجيا او ارهابيا بيولوجيا سيودي بحياة مليون شخص، في حدث واحد، في غضون ستة أشهر تبدأ في موعد أقصاه 31 ديسمبر 2020".
خطاب المراهنة على 400 دولار
نظرياته يتكلم عليها صراحة، وعلنا. ويمكن مشاهدته متكلما عن كتابه "ساعتنا الاخيرة"، في احدى محاضرات TED 2014: " مارتن ريس: هل يمكننا منع نهاية العالم؟"، على ما عنون حساب TED Arabic في يويتوب تسجيلا مصورا لمداخلة ريس حينئذاك. وقد دعا الى "التفكير في المخاطر الوجودية- الطبيعية أو من صنع الإنسان- والتهديدات التي من الممكن أن تمحو الإنسانية عن الوجود"
هل تفشي "كورونا" هو الخطأ البيولوجي الذي توقعه ريس بأنه سيودي بحياة مليون شخص في 2020؟
أذا اعتبرنا هذه الفرضية صحيحة .. فأن هذا يرجح أن فيروس كورونا صُنع في مختبر أو في مختبرات ما، أو أن يدا شريرة أطلقته بين الناس.
غير أن الابحاث العلمية التي اجريت حتى الساعة على فيروس كورونا المستجدّ تؤكد انه ليس صنع مختبرات. وقد جاء في دراسة نشرتها مجلّة Nature العلمية المرموقة، التي تأسست عام 1869 "فيروس كورونا المستجدّ هو الجيل السابع من فيروسات كورونا التي تصيب الإنسان"، وأبرز الأجيال السابقة فيروس "سارس" المسبّب للمتلازمة التنفسيّة الحادّة، والذي ظهر عام 2003، وفيروس "ميرس" المسبّب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسيّة، والذي ظهر عام 2012.
وشارك في هذه الدراسة عدد من البحاثة في الأمراض الجرثومية والأوبئة والمناعة في جامعات أميركية وبريطانية وأوسترالية، ونشرت في السابع عشر من مارس 2020. وخلص هؤلاء الباحثين إلى القول: "تُثبت أبحاثنا أن فيروس كورونا المستجدّ ليس مصمّماً في مختبرات أو فيروساً معدّلاً".
وفي بيان نشر في التاسع عشر من فبراير الماضي في مجلة The Lancet الطبية التي تأسست عام 1823، حذّرت مجموعة من علماء الصحة العامة من انتشار هذه المعلومات المغلوطة. وجاء في البيان: "ندين بشدّة نظريات المؤامرة التي تتحدّث عن أن فيروس كورونا المستجدّ ليس طبيعيّ المنشأ" .