هل الشريعة الإسلامية نسخت كل ما قبلها من شرائع أم أبقت على بعضها ؟

قرآن كريم
قرآن كريم

هل الشريعة الإسلامية نسخت كل ما قبلها من شرائع ؟ وإذا كانت الشريعة الإسلامية تنسخ بعض أحكامها بأحكام أخرى داخل النطاق الشرعي للمسلمين فهل يصح القول أن الشريعة الإسلامية قد نسخت جميع أحكام الشرائع التي قبلها ؟ أم أن الشريعة الإسلامية ابقت على بعض هذه الأحكام ولم تنسخ جميع شرائع الأديان السابقة ؟ حول هذه الأسئلة يتفق الأصولوين وعلماء الشريعة الإسلامية على أن الشريعة الإسلامية قد نسخت جميع الشرائع السابقة على وجه الإجمال، وذلك مصداقا لقول الله قال تعالى: " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين " {آل عمران : 85} كما أنه لا اختلاف أنها لم تنسخ جميع ما جاء في تلك الشرائع على وجه التفصيل، إذ لم ينسخ وجوب الإيمان بالله تعالى، وتحريم الزنا والسرقة والقتل والكفر بالله والشرك في عبادته، وذلك مصدقا لقول الله تعالى : " ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لين أشرقت ليحبطن عملك ولتكون من الخاسرين ' { الزمر : 65}.

ومن المعروف أن كل شريعة نزلت في وقت سابق على نزول رسالة الإسلام هى شريعة تتناسب وتختص بوقتها وبزمانها والقوم الذين نزلت فيهم، لكن مع ذلك هناك قضايا وشرائع اتفقت عليها جميع شرائع الأديان وتشترك فيها، ومن ذلك تحريم الشرك، و يطلق لفظ الشرك على نوعين:أحدهما: إثبات شريك لله-تعالى-، وهو الشرك الأكبر.والثاني: مراعاة غير الله-تعالى- في بعض الأمور،وهو الشِّركُ الأصغر. فالشِّركُ الأكبرُ هو أن يتخذ مع الله-تعالى-،أو من دون الله، إلهاً آخر، يعبده بنوع من أنواع العبادة. وفي الشريعة الإسلامية فإن الشرك مذموم ولا يغره الله تعالى ، قال ابنُ القيِّم:"والشِّرك الأكبر لا يغفره اللهُ إلا بالتوبةِ منه، وهو أنْ يتخذ من دُون الله نِدَّاً يحبه كما يحب الله، وهو الشرك الذي تضمن تسوية آلهة المشركين بربِّ العالمين"

وقد اشتركت شريعة الإسلام مع غيره من الشرائع السابقة في تحريم الشرك، قال عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ:" الشرك قد عرَّفه النَّبيُّ-صلى الله عليه وسلم-بتعريف جامع،كما في حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: يا رسول الله،أي الذنب أعظم ؟ قال:(أن تجعل لله نداً وهو خلقك) ، والند: المثل والشبيه، فمن صرف شيئاً من العبادات لغير الله، فقد أشرك به شركاً يُبطل التَّوحيدَ ويُنافيه" وعرَّف الشيخ عبد الرحمن السعدي هذا الشرك بتعريف جامع مانع، فقال:"إنَّ حدَّ الشرك الأكبر وتفسيره الذي يجمع أنواعه وأفراده؛ أنْ يصرفَ العبدُ نوعاً أو فرداً من أفراد العبادة لغير الله، فكلُّ اعتقادٍ أو قولٍ أو عملٍ ثبت أنه مأمورٌ به من الشارع، فصرفه لله وحده توحيد وإيمان وإخلاص، وصرفه لغيره شرك وكفر، فعليك بهذا الضابط الذي لا يشذ عنه شيء".6

وهذا أعظم الشرك والظلم، ولا يغفره الله لصاحبه إن مات عليه، لأنه يناقض أصلَ التوحيد ويخرج صاحبه عن الملّة،ويحبط عمله،ويخلِّد في النار. وإذا أطلقت كلمة الشرك فإنها تنصرف إلى هذا النوع منه. أما في غير ما يختص بالعبادات فقد حرمت بعض الشرائع على أتباعها بعض الأعمال، ومن ذلك ما حرمته الشريعة اليهودية على اليهود من أكل بعض أجزاء الحيوان، قال تعالى : " وعلى الذين هادوا تحرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم خزمنا عليهم شكومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم .." { الأنعام: 146)، ولكن هذا الحكم لا ينطبق على باقي الأمم ومنها الأمة الإسلامية.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً