يتصاعد الجدل بين وقت وآخر حول مفهومي الشريعة ومقاصد الشريعة، فأيهما أولى الشريعة أم مقاصد الشريعة؟ وهل مصالح المسلمين مقدمة على الشرع ؟ أم أن الشرع هو الذي يحدد المصلحة ؟ حول هذه الأسئلة ذهب جمهور من الفقهاء إلى إن مفهوم مقاصد الشريعة في الفقه الإسلامي منضبطة ومحدودة من جميع أطرافها ، بما لا يدع مثقال ذرة من مجال للاضطراب أو الغموض في فهمها ، ومرتبة في أنواعها ترتسا لا يترك أي مجال التناقض أو التداخل فيما بينها ، ومتفرعة من أصل راسخ متين مستقر ثابت في قلب كل مؤمن صادق ، ألا وهو العبودية لله عز وجل ، أصل يتأسس على مبدأ من قوله عز وجل : قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ، . غير أن الحقيقة هي أن تقدیر ما به یکون الصلاح والفساد عائد الى الشريعة نفسها، ولقد وضعت الشريعة الأسس العامة لهذه المقاصد في بيان لا يلحقه أي نسخ أو تبديل ، وأجملته في خمسة مقاصد هي : حفظ الدين ، والنفس ، والعقل ، والنسل ، والمال ، طبق هذا الترتيب فيما بينها . كما أرشدت إلى الأدلة والعلائم التفصيلية لها بما لا يقبل أي تأويل أو تغيير وهي أن لا تخالف جزئياتها نصوص الكتاب أو السنة أو القياس الصحيح .
والمقاصد في اللغة من مادة قصد، قصَدَ لـ يَقصِد ، قَصْدًا ، فهو قاصِد ، والمفعول مَقْصود، وأما في الاصطلاح فإن المقصود من مقاصد الشريعة هى تحقيق الشريعة لمصلحة المسلمين، ومصطلح المصلحة هو من أوثق المصطلاحات ارتباطا بمصطلح المقاصد، والمصلحة من مادة ( صلح)، وهى بمعنى المنفعة وزنا ومعنى ، فهي مصدر بمعنى الصلاح ، والمنفعة بمعنى النفع ، أو هي اسم الواحدة من المصالح ، وقد صرح صاحب لسان العرب بالوجهين فقال : « والمصلحة الصلاح ، والمصلحة واحدة المصالح ،. فكل ما كان فيه نفع - سواء كان بالجلب والتحصيل کاستحصال الفوائد و اللذائذ ، أو بالدفع والانقاء ، کاستبعاد المضار والآلام - فهو جدير بأن يسمى مصلحة .ومقاصد الشريعة فيما اصطلح عليه علماء الشريعة الإسلامية يمكن أن تعرف بأنها المنفعة التي قصدها الشارع الحكيم لعباده ، بن حفظ دينهم ، ونفوسهم ، وعقولهم ، ونسلهم ، وأموالهم ، طبق ترتيب معين فيما بينها والمنفعة هي اللذة أو ما كان وسيلة اليها ، ودفع الألم أو ما كان وسيلة إليه .