أعلن بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة الإسرائيلية، استمراره في تنفيذ خطة ضم الأراضي الفلسطينية كاشفا عن نواياه لضم منطقة غور الأردن، فضلا عما أنبأت عنه تسريبات في هذا الشأن من عزمه فرض السيطرة اليهودية على مناطق تقدر مساحتها ب50% من المنطقة (ج) بالضفة الغربية، وذلك رغم الرفض الدولي وحملات التنديد العربية والفلسطينية.
وقال نتنياهو إن الفلسطينيين في غور الأردن، الذين سيخضعون للسيطرة الأمنية الإسرائيلية لن يحصلوا على جنسيتها بعد فرض تل أبيب سيادتها على تلك المنطقة.
وقال مراقبون إن "الإصرار الإسرائيلي ينسف كافة اتفاقيات التسوية، وقرارات الشرعية الدولية"، مؤكدين أن "الفلسطينيين قادرون على مواجهة وإفشال هذه المخططات".
خطة إسرائيلية
أوضح نتنياهو، في مقابلة أجرتها معه صحيفة "إسرائيل هيوم" أن تلك المناطق السكنية الفلسطينية، التي يتراوح عدد سكانها حسب مختلف التقديرات بين 50 و65 ألف فلسطيني ستبقى "جيوبا فلسطينية" تحت الحكم الفلسطيني، لكن تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية.
وأكد رئيس الحكومة أن إسرائيل لا تنوي ضم مدينة أريحا الفلسطينية، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 20 ألفا، وتابع: "هناك مجموعة أو مجموعتان من المناطق السكنية الفلسطينية التي لا يتعين فرض السيادة عليها، وسيبقى سكانها رعايا فلسطينيين، لكن السيطرة الأمنية الإسرائيلية الشاملة ستطبق هناك".
وفي مقابلة أخرى أجرتها معه صحيفة "ماكور ريشون" اليمينية، صرح نتنياهو بأن عملية رسم خرائط الضم مستمرة، على أساس خريطة مفاهيمية نشرتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، معربا عن التزامه بتوسيع سيادة إسرائيل على أجزاء من الضفة الغربية في يوليو القادم.
وأشار نتنياهو إلى أن إعلان الضم لن يتضمن كلمة بشأن موافقة إسرائيل على قيام دولة فلسطينية مستقبلية "كما يخشى البعض من اليمين"، معتبرا أن هذه "قضية منفصلة".
وقال رئيس الوزراء إن تجميد الاستيطان الإسرائيلي في منطقة "ج" التي تشكل نحو 60% من الضفة الغربية (وتخضع لسيطرة إسرائيلية ومدنية كاملة) لأربع سنوات، بموجب الخطة الأمريكية، سينطبق بالتساوي على الجانب الفلسطيني أيضا.
مقاومة فلسطينية
فايز أبوعيطة، أمين سر المجلس الثوري لحركة "فتح" قال إن "حكومة اليمين المتطرفة في إسرائيل وفي مقدمتها بنيامين نتنياهو يعلن الحرب على الشعب الفلسطيني، ويعلن نسف كل اتفاقيات التسوية من خلال إعلانه خطة ضم الأغوار".
وأضاف في تصريحات لوكالة "سبوتنيك" الروسية، أن "الشعب الفلسطيني لن يقبل بأقل من قرارات الشرعية الدولية، وإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو، وعلى هذا الأساس قامت اتفاقية أوسلو وكل الاتفاقيات التي تبعتها للوصول إلى دولة فلسطينية أو تحقيق حل الدولتين".
وتابع: "لكن يبدو أن إسرائيل تخشى من وجود دولة فلسطينية وتريد أن تقتلع الشعب الفلسطيني من أرضه في مقدمة إلى تهجيره والسيطرة على كل الأراضي الفلسطينية، والشعب ليس أمامه أي خيار إلا التصدي للخطة الإجرامية التي أعلن عنها نتنياهو، ونحن نثق بإرادة شعبنا وقدرتنا على الصمود والمقاومة وإفشال كل هذه المخططات التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية".
ومضى قائلًا: "سابقا حاولت إسرائيل توطين الفلسطينيين بما يعرف بالوطن البديل في الأردن أو سيناء والعديد من دول العالم لكن الشعب الفلسطيني رفض هذه المشاريع، ولاحقا أفشل مشروع روابط القرى وكافة المشاريع التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية سياسيا أو عسكريا، ونحن قادرون على إفشال كافة مخططات الضم وصفقة القرن".
مواجهة جديدة
من جانبه قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية والقيادي في حركة فتح، إن "نتنياهو رغم إعلان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بوقف الاتفاقيات مع دولة الاحتلال بما فيها التنسيق الأمني ورغم الموقف العربي والدولي الرافض لخطة ضم مناطق كبيرة من الضفة الغربية تقترب من 30% من مساحة الضفة، إلا أنه لا يكترث لذلك وماض في تنفيذ ضم مناطق من الضفة الغربية وغور الأردن، معتبرا أن هذه المواقف غير مقلقة وهي ضجيج سينتهي بسرعة".
وأضاف في تصريحات للوكالة الروسية "سبوتنيك"، أن "نتنياهو يسارع الوقت قبل الانتخابات الأمريكية القادمة ليحصل على اعتراف من إدارة ترامب على هذه الحدود الجديدة لدولة الاحتلال، خاصة أن الضم لمناطق في الضفة سيكون بناءً على خرائط رسمها طاقم أمريكي إسرائيلي وسلمها لحكومة نتنياهو، وبالتالي سيكون الاعتراف الأمريكي جاهزًا بها".
وتابع: "حسب التسريبات الحديث يدور عن ضم قرابة 50 بالمائة من مناطق ( ج ) من الضفة الغربية وهي تمثل قرابة 60 بالمائة من إجمالي مساحة الضفة إضافة لضم غور الأردن، ونتنياهو لا يكترث للموقف العربي الرافض لهذه الخطة بل ويدعي أن بعض الدول العربية الرافضة للخطة الأمريكية علنًا توافق عليها سرًا".
وأكمل: "يرى نتنياهو أن على الفلسطينين القبول والاعتراف بهذا الواقع وأن يقبلوا بإقامة كيان لهم وليسمونه دولة لو أرادوا على ما تبقى من أراضي الضفة مع التسليم بالسيطرة الأمنية الكاملة لدولة الاحتلال على جميع الأراضي الفلسطينية، وإذا لم يقبلوا فسيكونون رعايا بدون هوية داخل دولة الاحتلال".
واستطرد: "ما تقوم به حكومة نتنياهو هو سياسة تفرقة عنصرية لا تقل عما كان في جنوب أفريقيا، والعالم عاجز عن مواجهة هذا الصلف الإسرائيلي لذلك الكرة في الملعب الفلسطيني، إما الرفض الكامل والذهاب لمواجهة مفتوحة مع الاحتلال الإسرائيلي ولنترك الحسم في هذا الصراع لأجيال قادمة، أو القبول وإقامة كيان فلسطيني مشوه بما يتبقى من الضفة الغربية، أو نذهب لأبعد من ذلك وهو المطالبة بالدولة الواحدة يكون لنا حقوق كاملة داخلها و بذلك تغيير شكل الصراع".
وأنهى الرقب حديثه قائلًا: "نتنياهو وترامب لن يغيروا واقع بالقوة فنحن نزيد عن ٦ مليون فلسطيني نعيش على أرض فلسطين لن يستطيعوا طردنا منها ولن يستطيعوا هزيمتنا وما ينقصنا هو قيادة بحجم هذا التحدي".
قانون إسرائيلي
وأكد نتنياهو في خطابه أمام الكنيست المضي قدما في خطة ضم أجزاء من الضفة الغربية، وقال "حان الوقت لتطبيق القانون الإسرائيلي وكتابة فصل آخر في تاريخ الصهيونية"، مضيفا أن الضم "لن يبعدنا عن السلام، بل سيجعلنا أقرب أكثر إليه".
وصرح وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد غابي أشكنازي، بأن خطة الرئيس الأمريكي للسلام في المنطقة تشكل "فرصة تاريخية لمستقبل إسرائيل" ولترسيم حدودها.
وأشار أشكينازي إلى أهمية العلاقات مع مصر والأردن اللذين وقعا معاهدتي سلام مع إسرائيل مؤكدا أنه سيعمل على "الدفع بعلاقات مع دول أخرى في المنطقة لتعزيز أمن إسرائيل.
وأعلن أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، توقف الأجهزة الأمنية الفلسطينية عن تبادل المعلومات مع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي أي أيه" على خلفية المخطط الإسرائيلي لضم أجزاء من الضفة الغربية.
وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إنهاء جميع الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الإسرائيلية والأمريكية.