أعلنت المملكة المغربية أنها ستبدأ خلال أيام العودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية بحلول العاشر من يونيو الجاري، بعد تراجع انتشار فيروس كورونا المستجد في البلاد.
تعد المغرب من الدول التي فرضت إجراءات صارمة كلفتها الكثير من الخسائر المالية، إلا أنها تمكنت من تفادي السيناريوهات السيئة المتعلقة بتفشي وباء كورونا بصورة كبيرة.
تكلفة كبيرة جنبت المملكة أسوأ السيناريوهات المحتملة والتي دخلتها بعض الدول، هذا ما يؤكده الخبراء في حديثهم لوكالة "سبوتنيك" الروسية، والذين أوضحوا الآليات التي اتبعتها المملكة لعبور الأزمة حتى محطتها الحالية.
يقول الأكاديمي محمد بودن، إن المملكة المغربية بما لها من مقدرات بحثت عن النجاح، ولا زالت تبحث بدون تردد من أجل التغلب على الجائحة والنزول بأرقامها وتكاليفها إلى المستوى الأدنى.
وأضاف في حديثه للوكالة الروسية، أن المغرب لم يحصل بعد على العلامة الكاملة في مواجهة الوباء، لكنه نجح في إبعاد سيناريوهات صعبة، بل وجد نفسه في طليعة البلدان التي تمكنت من تأمين مواردها الغذائية، والاعتماد على الذات فيما يتعلق بعدد من المواد، منها الكمامات الطبية و المعقمات ومواد التنظيف وغيرها.
ويرى بودن أن المعادلة المغربية ارتكزت على أربع دعامات أساسية، أولها رؤية ملكية استباقية، وصمود شعبي وتعبئة عامة للقوى الحية، وثالثها مؤسسات تفانت في القيام بالواجب، ورابعها تضحيات رجال ونساء الصف الأول في مواجهة الجائحة.
واستطرد بقوله: "مما لا شك فيه أن هذه المعادلة أطرتها قيم الوعي والصبر علاوة على التضامن والتطوع".
ومضى بقوله أن الواقعية المغربية أثمرت مبادرات وقرارات استشرافية، منها الدعوة الملكية لخلق صندوق خاص لتدبير مواجهة فيروس كورونا من أجل التصدي للتداعيات المترتبة عن الأزمة، وأن الصندوق بعد إحداثه ساهم في تجنب المغرب للطريق المسدود.
ويرى أنه رغم التحديات التي ألقت بها الجائحة في طريق المغرب إلا أن العمل الجماعي في مجمله تميز بروح بناءة وفعالة، وتوجيه المسار إلى الوجهة الآمنة.
وشدد على أن المغرب سيقف بعد الجائحة لفترة تحت حمل ثقيل، وهذه حالة عالمية، لكن أرضية التفكير في المستقبل أصبحت غنية.
فيما قال الكاتب المغربي يوسف الحايك، إنه لم يعد يفصل المغرب عن رفع المرحلة الثانية من حالة الطوارئ الصحية، في مواجهة جائحة كوفيد-19 سوى أيام قليلة.
وفيما يتعلق بحجم التأثيرات الكبرى لهذا الطارئ الصحي وتداعياته على اقتصاديات الدول، وفي محاولة للخروج بأقل الخسائر الممكنة، يرى الحايك أن المغرب سارع إلى البحث عن إقرار آليات لمواجهة هذا الوضع الاستثنائي.
ضمن هذه الإجراءات إعطاء الملك محمد السادس، تعليماته بالإحداث الفوري لصندوق خاص لتدبير ومواجهة وباء فيروس كورونا.
إلى جانب الاعتمادات التي رصدت لهذا الصندوق المتمثلة في 10 ملايين درهم، تلقى الصندوق تبرعات فاقت 32 مليار درهم، حيث رصد جزء مهم من هذه المخصصات لدعم الاقتصاد، عبر دعم القطاعات الأكثر تأثرا بفعل انتشار الجائحة وفاقدي العمل، والفئات الهشة اقتصاديا.
ومضى بقوله إن الحكومة عملت على إنشاء "لجنة اليقظة الاقتصادية" لمواجهة انعكاسات وباء كورونا على الاقتصاد، وتحديد الإجراءات المواكبة.
امتدت هذه الإجراءات إلى توجه الحكومة ممثلة في وزارة الاقتصاد والمالية، وإصلاح الإدارة، نحو إعداد مشروع قانون مالية تعديلي.
بدت الإجراءات صعبة ومكلفة اقتصاديا، إلا أنها جعلت المغرب من بين أكثر الدول نجاحا، ليس فقط في تطويق حجم تفشي الوباء، ولكن أيضا في التخفيف من آثاره الاقتصادية، حسب تأكيد الحايك.
وتابع بقوله: "هنا أستحضر ما خلص إليه تقرير لغرفة التجارة بإقليم فالنسيا بإسبانيا، أن المغرب كان هو البلد الوحيد من بين دول شمال إفريقيا، الذي تحكم بشكل أفضل هذه الأزمة، منذ بداية ظهور الحالات الأولى للإصابة بهذا الفيروس".
وفي وقت سابق من مايو أعلن رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، قرار تمديد حالة الطوارئ الصحية ثلاثة أسابيع، أي إلى غاية 10 يونيو، وهو ثاني تمديد منذ الشروع في تطبيق "الحجر الصحي" يوم 20 مارس الماضي.
وفي نهاية الشهر المنصرم، أعلنت المغرب أنه بإمكان المقاهي والمطاعم استئناف أنشطتها ابتداء من يوم الجمعة، 29 مايو، بشرط الاقتصار على تسليم الطلبات المحمولة وخدمات التوصيل.
وبحسب بيان وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي المغربية، نشرته وكالة أنباء المغرب العربي، يتعين على المقاهي والمطاعم التقيد التام بالقواعد الوقائية والصحية المنصوص عليها من السلطات الصحية، خاصة التأكد من نظافة أماكن وتجهيزات العمل وفق برنامج يومي وعلى مدار الساعة.