اضطرت الحكومة إلى الاستدانة من صندوق النقد الدولي، مدفوعة بالجائحة الوبائية الخطيرة إلى التوسع في الاقتراض، على خلفية انسداد شرايين الموارد الرئيسة للعملة الأجنبية، وفي مقدمها عائدات التدفقات السياحية، وتحويلات المصريين العاملين في الخارج، في مقابل نزيف حاد للاحتياطي النقدي الذي تعتمد عليه لتأمين احتياجاتها المختلفة المستوردة من الخارج، الذي فقد 8.5 مليار دولار في أقل من 60 يوماً.
وزير المالية: ليس أمامنا خيار
وقال وزير المالية محمد معيط في تصريحات له، تعليقاً على التوسع في الاستدانة الخارجية "ليس هناك خيار ولا ننظر في الوقت الحالي إلى ارتفاع الديون بقدر تلبية الحاجات الأساسية والحفاظ على الصحة العامة للشعب المصري".
وكانت القاهرة تمنّي النفس في خفض معدل الدين الحكومي نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي من 108 في المئة عام 2017، إلى 90.5 في المئة في عام 2019، ما جعلها تندفع نحو استهداف المزيد من الانخفاض حتى 82.5 في المئة نهاية العام الحالي، و77.5 في المئة خلال يونيو 2022، لكن جاءت الجائحة لتعرقل تحقيق هذه الأهداف.
ديون مصر إلى الصندوق 20 مليار دولار
ديون الحكومة المصرية إلى الصندوق بعد إتمام الاتفاق الأخير ترتفع إلى 20 مليار دولار، فقبل أربع سنوات لجأت مصر إلى الصندوق للحصول على تمويل قدره 12 مليار دولار أميركي، في مقابل تطبيق برنامج شامل للإصلاح الاقتصادي انتهى العام الماضي، على أن تسدد القاهرة القسط الأول من القرض علاوة على فائدة لا تزيد على 2 في المئة خلال النصف الأول من العام المقبل، بعد استنفاد فترة السماح عقب حصولها على الشريحة الأولى من التمويل.
كورونا تفترس الموارد المصرية
شراسة جائحة كورونا، اضطرت الدولة المصرية إلى تنفيذ خطة احترازية شاملة، بلغت تكلفتها 100 مليار جنيه (6.3 مليار دولار) بهدف تخفيف أثر الأزمة إلى أقل حد ممكن، ومعالجة التداعيات الاقتصادية السلبية، الناجمة عن توقف الإنتاج، تعليق حركة الطيران، وتقييد حركة الأفراد.
ومع الإجراءات الاحترازية المشددة، التي تهدف إلى الحفاظ على النظام الصحي من الانهيار، فقدت الخزانة المصرية أهم مواردها من السياحة، وتحويلات المصريين العاملين في الخارج إضافة إلى تراجع حاد في حصيلة إيرادات قناة السويس، ليعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي نهاية أبريل (نيسان) الماضي، عبر مؤتمر صحافي، طلب تمويل إضافي من صندوق النقد الدولي، بواسطة آلية التمويل السريع، التي أتاحها لكل الدول الأعضاء، التي تواجه احتياجات طارئة.
نزيف العملة الصعبة
لذا فإن لجوء القاهرة إلى طلب المساعدة، جاء على خلفية فقدان الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية، لـ8.5 مليار دولار في أقل من شهرين، بما يعادل 18 في المئة، وذلك للمرة الأولى منذ 14 شهراً.
وأظهرت بيانات البنك المركزي المصري، تراجعاً قيمته 5.4 مليار دولار، بالاحتياطي النقدي الأجنبي، خلال مارس الماضي، قبل أن يفقد 3.1 مليار دولار أخرى في أبريل، بحسب بيان البنك الصادر في نهاية مايو الماضي، ليسجل صافي احتياط النقد الأجنبي 37 مليار دولار نهاية إبريل، مقابل 45.5 مليار دولار نهاية فبراير (شباط) 2020.
أرجع البنك المركزي هذا النزيف في الاحتياطي النقدي، إلى استخدام نحو 8.5 مليار دولار منه في تغطية احتياجات السوق المصرية من العملات الأجنبية، وتغطية تراجع استثمارات الأجانب، والمحافظ الدولية، وضمان استيراد السلع الإستراتيجية، إضافة إلى سداد الالتزامات الدولية الخاصة بالديون الخارجية على الدولة.
الدين الخارجي يرتفع إلى 125 مليار دولار
وسجلت آخر تقارير البنك المركزي المصري حول الدين العام الصادر في نهاية مايو الماضي 112.67 مليار دولار، نهاية ديسمبر (كانون الأول)، مقابل 109.36 مليار نهاية الربع الأول من العام الحالي.
بالديون الأخيرة من صندوق النقد الدولي والسندات الدولية يرتفع الدين الخارجي لمصر بنحو 13 ملياراً ليسجل قرب 125 مليار دولار.