تهريب دولارات وأسلحة.. كيف استغلت إيران أفغانستان في عمليات إرهابية بمصر والسعودية؟

تهريب الاسلحة الإيرانية
تهريب الاسلحة الإيرانية
كتب : سها صلاح

تهريب نفط، أسلحة، تجارة مخدرات، تهريب عملة صعبة "دولارات" حتى الاتجار بالبشر، هكذا هي إيران لم تترك شيئاً إلا وتاجرت فيه للإضرار بالدول الأخرى، وخلال 19 عاماً تعمدت إيران خلق منطقة عازلة حدودية بينها وبين أفغانستان لخدمة أجندتهم الخاصة، من خلال التدخل في الشؤون الداخلية لأفغانستان للعمل على تربية إرهابيين وتدريبهم هناك ونشرهم في دول عربية أخرى، واستطاعت طهران السيطرة على الدولة الفقيرة من خلال المساعدات الاقتصادية، ولكن كيف تستفاد إيران اليوم من مصالحها في أفغانستان السنية خاصة بعد مقتل قاسم سليماني في غارة أمريكية وتوتر منطقة العراق إحدى نفوذ الحشد الشعبي الإيراني؟

اقرأ أيضاً: "الخواتم الفضية".. طريقة إيران الجديدة للسيطرة على الحشد الشعبي بعد مقتل "سليماني"

ماهو حجم المساعدات الاقتصادية من إيران لأفغانستان؟

وفقاً لمركز الأبحاث "The Institute for the Study of War"، تعهدت إيران بمبلغ 560 مليون دولار في مؤتمر طوكيو حول إعادة إعمار أفغانستان عام 2002، ومبلغ إضافي قدره 100 مليون دولار في مؤتمر لندن لعام 2006،وأنفقت المليارات في بناء شبكات البنية التحتية وطرق التنقل بين إيران وأفغانستان.

اليوم تحصد إيران ما زرعته، في بناء طرق التجارة الإقليمية التي أصبحت إيران أكثر اعتماداً عليها خلال الفترة الماضية للوصول إلى الأسواق العالمية، في محاولاتها الالتفاف على العقوبات الأميركية، منها تركيا والعراق وباكستان.

وإذا كانت الإدارة الأميركية قد زادت الخناق على إيران اقتصاديا بتشديد العقوبات أو ديبلوماسيا بقتل قاسم سليماني، غير أن طهران لا تجد أفضل من أفغانستان للانتقام ولضمان استمرار تدفق البضائع والأموال عبر المعابر غير الشرعية لسببين:

أولا- تولي إسماعيل قآني منصب قائد قوات فيلق القدس، يعتبر ورقة رابحة بيد الإيرانيين، خصوصا وأن قآني قد أشرف على العمليات في دول آسيا الوسطى بما في ذلك أفغانستان وباكستان وحافظ على نفوذه داخل السياسة الأفغانية.

ثانياً- تحتفظ إيران بعلاقات وثيقة مع الأفراد والأحزاب التي تنتمي إلى تحالف الشمال، ومن بينهم الرئيس التنفيذي لحكومة الوحدة الأفغانية عبد الله عبد الله، إلى جانب استخدام حركة "طالبان" كورقة ضغط في وجه الولايات المتحدة، والتي جندهم قآني في بعض الدول العربية في السابق للقيام بعمليات إرهابية خاصة في اليمن بجانب الحوثيين ضد السعودية، وقاموا أيضاً بعدة عمليات في وقت سابق في سيناء المصرية بجانب تنظيم داعش الإرهابي، حتى احكم الجيش قبضته فعادوا إلى افغانستان في أنتظار التعليمات الجديدة.

اقرأ ايضاً: بالوثائق.. كيف تورطت شركة طيران إيرانية في تفشي فيروس كورونا بالشرق الأوسط؟

ماهي خارطة تهريب الأسلحة من إيران؟

قال مركز الابحاث أنه رغم العقوبات الأميركية على إيران إلا أن تجارتها مع أفغانستان لم تتوقف يوما، كاشفا 3 معابر للتهريب غير الشرعي:

- معبر إسلام قلعة في ولاية هرات غربي أفغانستان.

- معبر أبو نصر فراهي في ولاية فراه غربي أفغانستان.

- ومعبر ابريشم في ولاية نيمروز.

وبيانات "FGE" أو Facts Global Energy GROUP عن المازوت الإيراني خير دليل على ذلك، حيث أشارت البيانات إلى أن المازوت جرى تصديره بحرا وبرا إلى دول الجوار مثل العراق وأفغانستان وباكستان، حيث قفزت إلى 95 ألف برميل يوميا في الربع الأخير من 2019، وهو أعلى حوالي 4 مرات مقارنة مع الربع الأول، كما تدخل مئات الشاحنات، عبر هذه المعابر، محملة بالمواد الغذائية وصهاريج الوقود ومادة نترات الأمونيوم.

تهريب الأسلحة والأموال من إيران لدول أخرى

اللافت أن هذه المادة، التي تستخدم كمقوى للزراعة، يستفاد منها في تصنيع الألغام والمتفجرات، التي يتم توزيعها في الإرهابيين في العراق وليبيا واليمن وحركة طالبان خير المستفيدين منها، وتتم عمليات التهريب بالتواطؤ بين بعض أفراد الأمن الحدودي الأفغاني وبعض قيادات ومسؤولي ولاية نيمروز والحرس الثوري الإيراني، حيث يتم دفع الرشاوى والسمسرات لتمرير هذه الشحنات إلى قلب أفغانستان وحتى وصولها إلى السوق الصينية.

اقرأ أيضاً: "طباخ السم بيدوقه".. "مرتزقة" سرقوا من "السراج" 55 مليون دولار دون تسليمه صفقة السلاح

ويكشف مركز أبحاث الحرب أن أصحاب الشاحنات والتجار يدفعون رشاوى إلى الجمارك الأفغانية ما بين بين 100 ألف إلى 200 ألف روبية أفغانية (ما يعادل 1,100 إلى 2,200 دولار) مقابل كل شاحنة أو صهريج وقود، ثم يدفع المبلغ نفسه إلى مسؤولي حركة طالبان عند مرورها بمنطقة "دهمزنك" والتي تسيطر عليها "طالبان" والواقعة في مديرية "دلارام" التابعة لولاية فراه،وتعتبر هذه الأموال أحد أهم مصادر الإيرادات المالية لتمويل عناصر طالبان.

ووفق المعلومات، البضائع التي تدخل إلى أفغانستان بطريقة غير شرعية تخزن بداية في المخازن الواقعة على الجانب الإيراني في مدينة زاهدان، ثم تدخل الأراضي الأفغانية وتخزن في منطقة تقع في مديرية "جوين" التابعة لولاية فراه، ومن ثم تحمل هذه المواد والبضائع بشاحنات كبيرة إلى ولايات قندهار وهلمند وهيرات.

اقرأ أيضاً: مراسلات جديدة تكشف وضع "أردوغان" للدستور في 2012.. كيف ساعد "مرسي" تركيا في حكم مصر؟

من يسهل عمليات التهريب من إيران إلى الدول العربية؟

من أبرز الأسماء المشتبه بتورطها في علاقتها بالحرس الثوري الإيراني، في مقدمتهم رحمة الله ناصر، وهو رجل أمن عمل كقائد مركز للشرطة الحدودية منذ 5 سنوات وذلك بمديرية كنج في ولاية نيمروز الأفغانية الحدوية مع إيران، وشقيقه الثاني باز محمد ناصر وهو رئيس مجلس شورى ولاية نيمروز.

رحمة الله ناصر

ومن أهم ما يعتقد بأنهم تجار التهريب يدعى باسمه المركب "محمد-نذير"، وهو شيعي بشتوني أفغاني من سكان مديرية "جريشك" التابعة لولاية هلمند الجنوبية،له علاقة قوية بالحرس الثوري الإيراني والمسؤولين الأفغان المحليين،كان أحد الناشطين في الحملة الانتخابية الرئيسية الأخيرة لعبدالله عبد الله، وكان سابقا أحد الميليشيات للرئيس السابق الأفغاني نجيب الله، الذي قامت حركة الطالبان بإعدامه في كابل، ويعتبر من أهم مهربين الأسلحة والمخدرات للعراق ومصر وليبيا.

اقرأ أيضاً: إسرائيل تقصف قاعدة إيرانية سرية بالقرب من دمشق (صور)

من أين تأتي أموال إيران الطائلة؟

يقول مركز الأبحاث أن تواجد إيران بقوة في افغانستان سهل لها السيطرة على سوق الصرافة في أفغانستان حيث هناك جهات استخباراتية تتعامل مع المخابرات الإيرانية، تتولى مهام طباعة العملة في السوق السوداء وتهريبها إلى طهران في التفافها على العقوبات الأميركية، لا نتكلم عن ملايين بل تعبئة الدولارات بالحاويات،وهذا ما أكد عليه مصدر في البنك المركزي الأفغاني، لمركز الابحاث، قائلا إن حوالي 5 مليارات دولار تم نقلها إلى إيران بطريقة غير شرعية في نهاية العام 2018، عقب إعادة فرض العقوبات الأميركية على طهران.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا تتراخى الإدارة الأميركية عن بعض قنوات التهريب التي تعتمدها إيران رغم علمها بها؟ فعلى سبيل المثال قد منحت أميركا استثناء من العقوبات لتطوير ميناء تشابهار الإيراني الذي تشارك فيه كل من الهند وأفغانستان.

وتعتبر مصادر مطلعة أن ذلك يصب في مصلحة أميركا بتقوية اقتصاد الهند في وجه منافسها الرئيسي "الصين"، ومن جانب آخر تستثمر هذا الأمر في مفاوضاتها مع أفغانستان.

غير أنه يعود ليؤكد أن العقوبات الأميركية قد استنزفت الموارد المالية للحرس الثوري الإيراني، وجعلت من عمليات تمويل الجماعات الإرهابية مثل طالبان أكثر صعوبة.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً