يقول الله سبحانه وتعالي في كتابه العزيز لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا . ما هو تفسير هذه الآية ؟ وما سبب نزولها ؟ وإذا كان الله سبحانه وتعالى لا يحب الجهر بالسوء فلماذا الاستثناء لمن ( ظُلِمَ ) ؟ وهل الله يحب الجهر بالسوء إذا كان هذا الجهر بالسوء صدر ممن ( ظُلِمَ ) ؟ يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية الكريمة عن بن أبي طلحة عن ابن عباس : ( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول ) يقول : لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد ، إلا أن يكون مظلوما ، فإنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه ، وذلك قوله : ( إلا من ظلم ) وإن صبر فهو خير له . وقال أبو داود : حدثنا عبيد الله بن معاذ ، حدثنا أبي ، حدثنا سفيان ، عن حبيب ، عن عطاء ، عن عائشة قالت : سرق لها شيء ، فجعلت تدعو عليه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " لا تسبخي عنه " . وقال الحسن البصري : لا يدع عليه ، وليقل : اللهم أعني عليه ، واستخرج حقي منه . وفي رواية عنه قال : قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه من غير أن يعتدي عليه .
وقال عبد الكريم بن مالك الجزري في هذه الآية : هو الرجل يشتمك فتشتمه ، ولكن إن افترى عليك فلا تفتر عليه ; لقوله : ( ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل ) وذلك استنادا للحديث الشريف عن أبي هريرة ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " المستبان ما قالا فعلى البادئ منهما ، ما لم يعتد المظلوم " . أما تفسير القرطبي فقد ذهب إلى تفسير هذه الأية بقوله : ( : إلا من ظلم في فعل أو قول فاجهروا له بالسوء من القول ؛ في معنى النهي عن فعله والتوبيخ له والرد عليه ؛ المعنى لا يحب الله أن يقال لمن تاب من النفاق : ألست نافقت ؟ إلا من ظلم ، أي أقام على النفاق ؛ ودل على هذا قوله تعالى : إلا الذين تابوا . قال ابن زيد : وذلك أنه سبحانه لما أخبر عن المنافقين أنهم في الدرك الأسفل من النار كان ذلك جهرا بسوء من القول ، وقال أيضا هو والسدي : لا بأس لمن ظلم أن ينتصر ممن ظلمه بمثل ظلمه ويجهر له بالسوء من القول