خلال الأسبوع الماضي كانت الصين قد أوشكت على تجاوز فيروس كورونا، لكن ثمة تطورات جديدة قد تعيق القضاء نهائياً على هذا الوباء، وهي ارتفاع الحالات المؤكد إصابتها مرة أخرى،ولمدة 55 يوماً، لم تصدر أنباء من العاصمة الصينية عن أية حالات عدوى محلية، وكانت الحياة تعود لطبيعتها، إذ أعيد فتح المدارس والمستشفيات، وعاد الناس إلى العمل، واكتظت المتنزهات ووسائل النقل العامة في المدينة بالجماهير مرة أخرى،لكن مظاهر الحياة الطبيعية هذه انهارت الأسبوع الماضي، حين ظهرت كتلة جديدة من الإصابات بفيروس كورونا المستجد في سوق لبيع الأطعمة بالجملة في المدينة، أصابت أكثر من 180 شخصاً حتى يوم الجمعة، بحسب تقرير لشبكة CNN الأمريكية.
اقرأ أيضاً: تحذيرات من موجة ثانية لفيروس كورونا.. هل ستكون أشرس من الأولى؟
موجة ثانية من فيروس كورونا في الصين
وفي غضون أيام، وُضعت العاصمة الصينية وسكانها البالغ عددهم أكثر من 20 مليون شخص تحت إغلاق جزئي،وأعادت السلطات فرض الإجراءات التقييدية التي استخدمتها سابقاً لمحاربة الموجة الأولية من العدوى، والتي تشمل عزل الأحياء السكنية، وإغلاق المدارس، ومنع مئات الآلاف من الأشخاص الذين يُعتقَد أنهم معرضون لخطر الإصابة بالفيروس من مغادرة المدينة، وخضع نحو 356000 شخص للفحص في 5 أيام فقط.
الموجة الثانية من كورونا في الصين
ويمثل التفشي الحالي في بكين أسوأ عودة لفيروس كورونا المستجد حتى حدود اللحظة، ولا تزال السلطات تحاول تعقب مصدره،ووجدت تقارير صلة بين تفشي الفيروس والأطعمة البحرية أو اللحوم، بعد رصد آثار للفيروس على لوح تقطيع يستخدمه بائع سمك السلمون المستورد في السوق. ومع ذلك، هناك مخاوف الآن من أنَّ الفيروس كان ينتشر في الخفاء قبل أسابيع من اكتشافه.
من جانبه، قال جاو فو، مدير المراكز الصينية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، في اجتماع عُقِد في شانغهاي: "ربما لم يبدأ تفشي المرض في بكين في أواخر مايو أو أوائل يونيو، لكن ربما قبلها بشهر".
وتشير الأدلة الواردة من الولايات المتحدة إلى أن ما بين 25% و45% من المصابين لا تظهر عليهم أعراض، وأظهرت دراسات علم الأوبئة أن هؤلاء الأشخاص يمكنهم نقل الفيروس لأشخاص غير مصابين.
وعلى مدى الأشهر الماضية، حذَر بعض خبراء الصحة الصينيين من تفشي موجة ثانية محتملة من الإصابات، على الرغم من أن وسائل الإعلام الحكومية الصينية كررت مراراً نجاحها في احتواء المرض وقارنت ذلك مع إخفاقات الحكومات الغربية.
هل تفشي فيروس كورونا في الصين تحت السيطرة؟
يمثل التفشي الأخير في بكين أحدث اختبار لاستراتيجية الصين لاحتواء فيروس كورونا المستجد،من جانبه، تحدث وو زونيو، كبير علماء الأوبئة في مركز السيطرة على الأمراض في الصين، يوم الخميس 18 يونيو، بنغمة منتصرة، معلناً أن الفاشية في بكين أصبحت "تحت السيطرة" بالفعل.
ورجح "وو" أن تظهر حالات إصابة مؤكدة أخرى في الأيام القادمة مرتبطة بسوق شينفادي في بكين، لكن ليس من المحتمل أن يكون ذلك بسبب عدوى جديدة.
فيروس كورونا في الصين
وأضاف وو: "الحالات التي شُخِصت حديثاً، والتي أُبلِغ عنها يومياً لا تعني انتقال عدوى جديدة. والسيطرة على تفشي المرض لا يعني أنه لن تظهر أية حالات جديدة غداً".
وتابع وو: "ستُسجل حالات غداً وبعد غد. هذه الحالات المُبلَغ عنها هي نتيجة عملية الكشف عن الإصابات السابقة. وهي ليست إصابات جديدة. لكن الإصابات الجديدة تكون حالات فردية وغير منتظمة".
وأوضح: "ما دامت هناك مخاطر حدوث حالات إصابة مستوردة، فإن العدوى المستوردة والتكتلات الصغيرة التي تسببها الإصابات المستوردة قد تحدث في أي مكان في الصين. ومن هذا المنطلق.
اقرأ أيضاً: فيروس كورونا يعود بقوة للصين.. كيف ساعدت السوق السوداء للحيوانات في تفاقم الأزمة؟
ماذا اكتشفت الصين في الموجة الثانية من الفيروس؟
في الموجة الأولى من فيروس كورونا اكتشف العلماء أن المرض ينتشر عن طريق السعال، ولكن في الموجة الثانية ظهر بحث جديد نقلته مجلة Fast Company الأمريكية أن سحب سيفون المرحاض من شأنه أن يخلق سحابة من جزيئات محملة بالفيروسات تطفو في الهواء لأكثر من دقيقة.
إذ عثرت الأبحاث على فيروس "سارس-كوف-2"، الفيروس المسبب لمرض "كوفيد-19″، في الجهاز الهضمي للأشخاص وأيضاً في عينات براز من المرضى المصابين، مما يعني أنه يمكن للفيروس الانتشار عبر الطريق الفموي-الشرجي.
في دراسة جديدة نشرتها دورية Physics of Fluids الصادرة عن المعهد الأمريكي للفيزياء، استخدم باحثو جامعة يانغتشو المحاكاة الحاسوبية لإظهار كيف يمكن لسحب سيفون المرحاض نشر الفيروس بالضبط.
ابتكر الباحثون نماذج للمراحيض ذات منفذ إدخال مياه واحد، مما يعني أن المياه تتدفق إلى حوض المرحاض من جانب واحد، وذات منفذين، وفيها تتدفق المياه على جانبي حوض المرحاض أثناء السحب.
تبين أنه عند تدفق المياه إلى حوض المرحاض من جانب واحد، فإنها تصطدم بالجانب المقابل، فينتج دوامة من الهواء والماء والجزيئات. تظل تلك الدوامة أعلى حوض المرحاض، حاملة جزيئات قد تكون محملة بالفيروس والبكتيريا إلى أعلى حوالي 90 سنتيمتراً (3 أقدام) في الهواء.
أما بالنسبة للمراحيض ذات المنفذين بالتأكيد سرعة أكبر لجسيمات الهباء الجوي (الجزيئات العالقة في الهواء عموماً)، أظهرت المحاكاة أنه في المراحيض ذات المنفذين، يرتفع ما يقرب من 60% من جسيمات الهباء الجوي فوق مقعد المرحاض (أما للمراحيض ذات المنفذ الواحد، كانت النسبة حوالي 40%).
تقول مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها إنه لم يكن هناك أي تقرير مؤكد على انتشار "كوفيد-19" من البراز إلى شخص آخر. ويقول وانغ إن الباحثين لا يزالون قلقين من أن هذا الجمع من جزيئات الهباء الجوي يمكن أن يسبب انتقال العدوى.
لكنه لم يخص بالذكر كورونا الذي لم يتأكد بعد إمكانية انتقاله بهذه الطريقة أم لا، وأضاف: "الأمر لا يخص فقط كوفيد-19، لكن أيضاً الفيروسات التي يمكن أن تنتشر بين البشر عبر الانتقال الفموي-الشرجي بمجرد استخدام شخص مريض لذلك المرحاض العام".
وقد توصلت الأبحاث السابقة بالفعل إلى أن سحب سيفون المرحاض قد ينشر البكتيريا في المستشفيات، ويشكل خطراً في العموم يتمثل في نشر جزيئات الهباء الجوي المعدية التي يمكن أن تنقل النوروفيروس والسارس والإنفلونزا.
تتمثل أسهل طريقة للحد من هذا الخطر في إغلاق غطاء المرحاض عند سحب السيفون، إذ قال وانغ: "نرغب في توجيه رسائل إلى الأشخاص العاديين مفادها أن سحب سيفون المرحاض سيرفع الفيروس في حوض المرحاض، لذا يجب عليهم إغلاق الغطاء أولاً ثم بدء عملية سحب السيفون. إن كانت عملية سحب سيفون المرحاض هي عملية تلقائية دون إغلاق الغطاء، يجب غسل يديك بعدها بعناية".
رغم هذا لا يتوفر هذا الخيار عادةً في المراحيض العامة، وإن توقع الخبراء أن تجبرنا جائحة كورونا على التفكير مرة أخرى في تصميمات المراحيض، وإعادة تصميم الحمامات العامة لتكون أنسب، مثل تصميم مرحاض يغلق الغطاء تلقائياً قبل سحب السيفون.