كان يفترض أن تكون الحملة سريعة للقضاء على تنظيم داعش في العراق وسوريا، لكن بعد سنتين وتوجيه 14 ألف ضربة جوية، لم ينهزم الإرهابيون، والحرب التي شنتها واشنطن تكشف حدود الحملات العسكرية الجوية.
فخلال صيف العام 2014 شكلت الولايات المتحدة تحالفًا يضم ستين بلدًا لمحاربة تنظيم داعش الذي ارتكب الفظائع واستولى خلال أسابيع على أجزاء كاملة من الأراضي في هذه البلدين المتجاورين.
إلا أن التنظيم ما لبث أن خسر بعد ذلك نصف الأراضي التي استولى عليها في العراق ونحو 20% من تلك التي سقطت في قبضته في سوريا. ويتوقع الخبراء فعلا سقوط "الخلافة" التي أعلنها "الجهاديون" في سوريا والعراق، لكن التنظيم تمكن رغم ذلك من توطيد قوته من خلال تحريض أنصاره على تنفيذ هجمات معزولة في سائر أرجاء العالم.
وقال المحلل لدى "ميدل إيست انستيتيوت" تشارلز ليستر: "إنه تنظيم حقق تحولًا ناجحًا جدًا نحو تنظيم إرهابي تقليدي لم يكف عن إعادة بناء قدراته".
وتبنى تنظيم داعش هذه السنة مسؤولية اعتداءات في فرنسا وبلجيكا وأيضًا في الولايات المتحدة.
وتابع المحلل: "دخلنا في مواجهة سنخسرها سلفًا في حال توقعنا القضاء تمامًا على تنظيم داعش"، مضيفًا: "أعتقد أن عقودًا عدة من الجهود لا تزال أمامنا".
انتشار 6500 عسكري
لكن عندما انطلقت واشنطن في المعركة أكد المسؤولون أن التدخل الأمريكي سيكون لمدة قصيرة. وكان الرئيس باراك أوباما الذي انتخب على أساس وعده بوضع حد للحرب في العراق وأفغانستان شدد على أن بإمكان بلاده أن تقدم إسنادًا جويًا ونصائح عسكرية، لكن الحرب يفترض أن تكسبها القوات المحلية.
وانتشر حوالي 6500 عسكري للتحالف غالبيتهم من الأمريكيين. ومعظمهم يتواجدون في العراق حتى وإن انتشرت قوات خاصة إلى جانب المقاتلين الأكراد والعرب في سوريا حيث أدت الضربات الروسية دعمًا لنظام الرئيس بشار الأسد إلى تعقيد أكبر للحرب المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات.
وأضاف تشارلز ليستر: "البعض منا ممن تابعوا تنامي هذه المجموعة بين 2010 و2014 كانوا يعلمون تماماُ أن المعركة ستكون طويلة الأجل، وفكرة عدم تورط أي جندي أمريكي فيها كان ضربًا من الخيال".
وبالرغم من العدد الكبير للبلدان المشاركة في التحالف فإن الأمريكيين وبعض الدول التي تشكل العمود الفقري تقوم بالأساسي في المعركة. وعمليات القصف شملت أيضًا أفغانستان ومؤخرًا ليبيا حيث ألمح البنتاغون الأسبوع الماضي إلى أن الغارات ستتواصل "خلال أسابيع وليس شهورًا".
مليارات الدولارات
ونفذ التحالف حتى السادس من أغسطس 14301 ضربة جوية منها 9514 في العراق و4787 في سوريا. وتمثل تكلفة هذه العمليات حوالي 11،9 مليون دولار يوميًا، أي ثمانية مليارات حتى الآن.
واستهدفت عمليات القصف قياديين ومقاتلين وآليات أو منشآت نفطية ومبالغ هائلة من السيولة.
كذلك أسفرت الحملة الجوية عن سقوط ضحايا مدنيين في سوريا والعراق يقدر البنتاغون عددهم بـ 55 قتيلًا. لكن أصوات عديدة علت للتنديد بهذه الحصيلة التي أعلنت في 28 يوليو واعتبرت أنها أقل بكثير من العدد الحقيقي.
ولا تزال وزارة الدفاع الأمريكية تجري تحقيقات بشأن ضربات مثل تلك التي جرت في يوليو قرب منبج بشمال سوريا التي أوقعت عشرات الضحايا في صفوف المدنيين.
واعتبر مراقبون أنه رغم تأكيد الأمريكيين بذل جل ما بوسعهم لتجنب إصابة مدنيين، فإن مقتلهم كان له انعكاسات كارثية على الحرب ضد "الجهاديين" برمتها.
وفي هذا السياق قال هوارد غامبريل كلارك الذي كان ينتمي سابقًا إلى المارينز والمحلل الاستخباراتي الذي يدير "ستابيليتي انستيتيوت" في واشنطن: "مع حملات القصف تقتلون مزيدًا من الأبرياء، ما يجذب المزيد من المجندين الجدد والتعاطف" مع المجموعة المستهدفة.
وأضاف: "لا أعرف محللًا جديًا واحدًا" في مجال مكافحة الإرهاب "يعتقد أن الولايات المتحدة تفعل غير خلق مزيد من المتطرفين العنيفين".