السلطان والقيصر.. شخص واحد تابع اللقاء "عن كثب"

التواصل بين أنقرة وموسكو
كتب :

أكّدت الكاتبة أولا سيشولاس أنّ خطوط التواصل بين أنقرة وموسكو كانت "صامتة جدًا" والعلاقات الديبلوماسية بين العاصمتين بدت "بعيدة جدًا عن الإصلاح" في الآونة الأخيرة، لافتة إلى أنّ الوصول إلى مرحلة اللقاء الأخير بين أردوغان وبوتين كان "سريعًا بمقدار ما كان غير متوقّع".

تذكّر سيشولاس في صحيفة موسكو تايمز بعبارات الصداقة التي جاءت على لسان أردوغان: "صديقي العزيز فلاديمير وأنا" و"لدينا موقف مشترك... لكي نظهر لباقي دول العالم أنّنا سنتصرف كدولتين صديقتين الواحدة تجاه الأخرى". أمّا بالنسبة إلى بوتين الذي وصفته الكاتبة بأنه "أقل عاطفية بوضوح"، فقد جاءت كلماته "مدروسة أكثر".

ولفتت الصحافية إلى أن أولوية روسيا تجلّت بالرغبة في "عودة علاقات التعاون مع تركيا إلى مستوى ما قبل الأزمة" كما قال الرئيس الروسي. وذكّرت بأنّ الإعلام الروسي، وقبل بضعة أشهر فقط، إتّهم أردوغان بعلاقاته مع داعش.

ثمار اللقاء

من ناحية أخرى، أشارت سيشولاس إلى موافقة روسيا على رفع العقوبات تدريجيًا عن قطاع الأعمال التركية، والتي تمّ فرضها عقب إسقاط تركيا طائرة مقاتلة روسية. كما ستستأنف الطائرات الروسية نقل السياح الروس إلى المنتجعات التركية مرة ثانية، في حين سيُرفع الحظر الروسي عن الصادرات التركية قبل نهاية العام الحالي. وقد وافق أردوغان من جهته على استئناف العمل في خط أنابيب الغاز التركي الذي كان علق سابقًا كنتيجة للتوتّر.

لا صدفة في الموضوع

وتؤكد سيشولاس أنّ الغضب المتصاعد في أنقرة ضد الولايات المتحدة كان عاملًا أساسيًا في تقريب تركيا من الكرملين. وتنفي وجود أي صدفة في كون روسيا وجهة السفر الأولى لأردوغان بعد فشل الإنقلاب الشهر الماضي.

وتسلّط الكاتبة الضوء على التدهور السيئ الذي طرأ على العلاقات بين تركيا – العضو في منظّمة حلف شمال الأطلسي(الناتو) – والغرب، بعد محاولة الإنقلاب. فقد اتهم أردوغان فتح الله غولن بتدبيره وطالب أمريكا بتسليمه، قبل أن يشن حملة "تطهير وحشي" في القطاعات التي شغلها معارضوه بقدر ما شملت تلك الحملة متورطين في المحاولة الإنقلابية. كما ذكّرت الصحافية بانتقاد أردوغان الغرب لوقوفه "إلى جانب الإنقلاب".

بين الإمتنان والبرهان

في سان بطرسبورغ، أعرب أردوغان عن امتنانه لدعم بوتين له: "اتصالك بعد محاولة الإنقلاب كان مرحّبًا به جدًا". ولفتت الكاتبة إلى أن أردوغان، وفي حديث لوكالة تاس الروسية عشية اللقاء، قال إنّ الزيارة "معلم جديد في علاقاتنا الثنائية ينطلق من سجل نظيف".

أمّا الباحث التركي في مركز إدام للأبحاث سينان أولغن، فيقول لموسكو تايمز: "من خلال مصافحة الأيدي مع بوتين، يريد أردوغان تقديم برهان للغرب أنه يمكن لتركيا أن تصبو إلى علاقات أوثق مع روسيا". وأكّد سينان، الديبلوماسي السابق أيضًا، أنّ ذلك لا يعني أنّ تركيا ستدير ظهرها كليًا للغرب. فأنقرة "تبقى دولة في الناتو ثابتة جدًا في هندسة الأمن للمجتمع العابر للأطلسي".

"عنصر قوي من التهديد"

وتنقل الكاتبة ما قاله للصحيفة نفسها الباحث في السياسة الروسية الخارجية ديمتري سوسلوف عن أنّ سياسة أردوغان تتضمّن "عنصرًا قويًا من التهديد". وركّز سوسلوف أيضًا على أنّ تركيا توقّعت دعمًا كاملًا من الناتو حين أسقطت الطائرة الروسية، إلّا أنها لم تحصل عليه مطلقًا: "النقص في الدعم الغربي خلال الأزمة مع روسيا كان جوهريًا بالنسبة لأردوغان".

سياسة "تخفيض عدد الأعداء"

وكتبت سيشولاس أيضًا عمّا أسمته "الصورة الأكبر بكثير" في المنطقة وعنت بها سوريا التي شكلت الجزء الكبير من اللقاء بين الرجلين. وكتبت أنه وبعد وقت قصير من استلامه لمهامه أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أنّ حكومته تسعى لتخفيض عدد أعداء تركيا. واستذكرت الصحافية ما قاله الأخير بخصوص الصراع في سوريا: "هذه الحرب الخالية من المعنى تسبّبت في إزهاق (أرواح) مئات الآلاف من إخوتنا".

فرد واحد تابع اللقاء عن كثب

"كانت إشارة تركيا بتغيير في السياسة السورية هي التي أقنعت روسيا بتليين موقفها تجاه تركيا" بحسب ما أعلن عنه أوزغور أونلوهيسارسيكلي مدير مكتب صندوق مارشال الألماني في أنقرة.

من جهتها، أشارت سيشولاس في الخاتمة إلى أنّ "اللقاء بين السلطان والقيصر في سان بطرسبرغ سيكون قد شوهد عن كثب من قبل فرد واحد في دمشق". 


إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً