تعددت الروايات حول حقيقة ما يسمى بـ"الاختفاء القسري" في مصر؛ حيث دأبت عناصر تنظيم الإخوان الإرهابي، على شن حملات دعائية ضخمة بتمويل من التنظيم الدولي؛ لاستغلال عدد من منظمات المجتمع المدني، سواء الدولية أوالمحلية، والترويج بوجود حالات اختفاء قسري في مصر، من أجل تشكيل ضغط على الحكومة المصرية، وغل يدها عن إحباط مخططات التنظيم الإرهابية من جانب، وملاحقة عناصره المتورطة في الأعمال الإرهابية من جانب آخر.
وقالت مصادر لـ"وكالة أنباء الشرق الأوسط" إن السلطات المصرية نجحت مؤخرًا في تحديد هوية أحد العناصر المتطرفة، والذي يعمل على تجنيد الشباب بمحافظة الشرقية، خاصة صغار السن، من خلال إيهامهم بثواب القتال، وحصولهم على مبالغ مالية كبيرة، وتسفيرهم للقتال في صفوف تنظيم "داعش" الارهابي بسوريا وليبيا، وتبين من خلال التحريات أن عددا من الذين تم تجنيدهم، مبلغ من قبل أسرهم بتغيبهم، أو بما يسمى بـ"اختفاءهم قسريا".
وأشارت إلى أن أسرة أحد الشباب المصري، ويدعى هشام عبد الودود، على سبيل المثال، والذي وجد اسمه ضمن قائمة العناصر الإرهابية المقاتلة في صفوف تنظيم داعش الإرهابي في ليبيا، كانت تظن في بداية الأمر أنه تم إلقاء القبض عليه في مصر، أو أنه "مختفي قسريا"، وقامت بالفعل بتقديم بلاغات باختفائه، ثم فوجئت باتصال هاتفي منه يخبرهم فيه بانضمامه وآخرين للقتال في صفوف تنظيم "داعش" الإرهابي، ووقوف أحد الأشخاص المتطرفين فكريا بمحافظة الشرقية، وراء تجارة (تجنيد الشباب لتنظيم "داعش" الارهابي)، مشيرة إلى أن ذلك الشاب المقيم بمدينة الزقازيق، يعمل على تجنيد الشباب، وتسفيرهم إلى ليبيا وسوريا للقتال في صفوف التنظيم الارهابي؛ وذلك بعد حثهم على الهروب من أهليتهم.
وحصلت السلطات المصرية على تفاصيل عملية تجنيد الشباب على يد المذكور للسفر للقتال في صفوف تنظيم "داعش" الارهابي بسوريا وليبيا؛ حيث يقوم بداية بمقابلة هؤلاء الشباب، وإقناع بعضهم بأهمية الجهاد ونصرة الدين الإسلامي، وإقناع البعض الأخر وإغرائهم بالأموال الطائلة التي سيحصلون عليها في حالة سفرهم للانضمام إلى ما يسميهم ب"أشقائهم في داعش" لنصرة الدين الإسلامي من جانب، والحصول على غنائم الحرب من جانب آخر.
التحريات أكدت أيضا أن للمذكور شقيقين انضما لصفوف أحد التنظيمات الإرهابية المقاتلة في سوريا، والذين يعملان على استقبال الشباب الذي يقوم بتسفيرهم إلى سوريا، وضمان انضمامهم للقتال في صفوف تنظيم "داعش" الارهابي.
ومن خلال الكشف على تلك الشبكة الملعونة التي تزج بشبابنا إلى آلة الحرب القزرة التي يقودها عناصر تنظيم "داعش" الارهابي في سوريا وليبيا، تنكشف بوضوح حقيقة مزاعم تنظيم الإخوان الارهابي بوجود ما يسمى بـ"الاختفاء القسري" في مصر.
ومن جانبه، أكد العميد خالد عكاشة مدير المركز الوطني للدراسات الأمنية لـ"أ ش أ "، إنه لابد أولا أن نعلم ماهية "الاختفاء القسري"، فمصطلح "الاختفاء القسري" كما عرفته منظمة الأمم المتحدة، يعنى الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية، يتم على أيدى موظفي الدولة، أو بأيدي مجموعات أو أفراد بدعم من الدولة وموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته، أو إخفاء مصير الشخص المختفي، أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون، مشيرا إلى أن ذلك المصطلح غير موجود قانونا في مصر؛ حيث أن جميع الموجودين في السجون، إما محبوسين احتياطيا بقرارات من النيابة العامة، أو محتجزين لتنفيذ أحكام قضائية صادرة ضدهم.
وأضاف العميد عكاشة أن وزارة الداخلية تواصلت منذ فترة مع المجلس القومى لحقوق الإنسان؛ لبحث كشوف المبلغ باختفائهم من قبل أسرهم، وتم الوصول إلى أرقام تجاوزت الـ200 اسم، تبين انهم محبوسين بقرارات من النيابة العامة على ذمة قضايا، فيما لم يتم التوصل إلى أية بيانات بشأن مجموعة أخرى، مؤكدا أن تلك المجموعة انضمت إلى العناصر الإرهابية، سواء في ليبيا، أو في تونس، أو في سيناء.
وأشار العميد عكاشة إلى انه على سبيل المثال الشاب عمرو عبدالفتاح أو كما يعرف ب"أبو وضاء المهاجر"، والذي نفذ عملية تفجير فندق "سويس إن" الذي كان يقيم فيه القضاة بالعريش خلال الانتخابات، مشيرا إلى أن أسرة هذا الشاب حررت محضرا بتغيبه واختفائه قسريا، وتبين من خلال صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" أنه حضر جزءا من اعتصام رابعة العدوية، ثم اكد أنه ترك الاعتصام لعدم قناعته به، ثم انضم إلى حزب الدستور، وتركه بعد فترة لعدم اقتناعه بأفكاره، ثم اختفى فترة من الوقت، وفوجيء الجميع بظهوره في تسجيل لتنظيم بيت المقدس الإرهابي" يتبنى خلاله الهجوم على فندق القضا بالعريش، وهو ما يؤكد أن من يدعون أنهم مختفون قسريا، هم من ينضمون للقتال في صفوف الجماعات الإرهابية.
وأكد مدير المركز الوطني للدراسات الأمنية أن هناك العديد من دول العالم، تعانى أيضا من تلك الظاهرة، وفى مقدمتها تونس وليبيا، وأيضا بعض الدول الأوروبية، والتي يهجر فيها المواطنون أسرهم، للانضمام إلى العناصر الإرهابية المقاتلة، وهو ما ظهر جليا من حجم العناصر الأجنبية التي انضمت إلى تنظيم "داعش" الإرهابى في سوريا والعراق.
وأكد العميد عكاشة أن تنظيم الإخوان الإرهابى يستغل عددا من منظمات المجتمع المدني داخل مصر، وخارجها؛ لترويج لهذه الادعاءات كنوع من الاعتداء على الدولة، ومحاولة غل يدها عن مطاردة أعضاء الجماعة الإرهابية، وإحداث حالة من الإرباك لإسقاط الدولة، مشددًا على أن جميع السجون المصرية تخضع لزيارات مفاجئة من قبل أعضاء النيابة العامة للتأكد من صحة الأوضاع القانونية لجميع السجناء، وبالتالي فجميع من في السجون إما محبوسين احتياطيًا، أو ينفذون أحكامًا قضائية صادرة بحقهم، لافتا في الوقت نفسه إلى عدم وجود أي معتقلين داخل تلك السجون؛ حيث أن مصطلح "معتقل" انتهى نهائيا من القاموس القانوني بعد انتهاء العمل بقانون الطوارئ.