شهدت المنطقة الحدودية بين السودان وإثيوبيا شهدت في أواخر مايو 2020 توترا عسكريا حيث جرت اشتباكات بين مسلحين إثيوبيين مدعومين، حسب الخرطوم، بجيش بلادهم، مع القوات السودانية ما أسفر عن مقتل ضابط فيها وإصابة عسكريين آخرين.
ويشار إلى أنه في 30 مايو أعلنت وزارة الخارجية السودانية استدعاء القائم بالأعمال الإثيوبي في الخرطوم، بعد "اعتداء" على القوات المسلحة السودانية في ولاية القضارف، ليتم لاحقا تأكيد عودة الهدوء إلى المنطقة بين الطرفين.
اقرأ ايضاً: السودان يرفض دعوة إثيوبية للعودة لمائدة التفاوض حول سد النهضة
زيارة "حميدتي" إلى أديس ابابا
بعد زيارة حميدتي للعاصمة الأثيوبية "أديس أبابا" بدأ الإثيوبيون بمهاجمة الأراضي السودانية من ولاية القضارف، وفي أحدث التطورات هاجمت ميليشيا "شيفتا" الإثيوبية أراضي المزارعين السودانيين المتاخمة للحدود الإثيوبية يوم الثلاثاء فقتلت وأصابت القوات السودانية.
وقال الجيش السوداني، الأحد الماضي ، إنه هاجم "بعض عناصر القوات الإثيوبية" في موقع الأنفال بالضفة الشرقية لنهر عطبرة بمنطقة الفشقة.
وتأتي زيارة حميداتي لإثيوبيا - التي استمرت لثلاثة أيام - بعد هجوم إثيوبي على نفس المنطقة في أواخر مايو ، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، في ذلك الوقت، اتهم الجيش السوداني لأول مرة نظيره الإثيوبي بدعم ميليشيا "شيفتا".
ومسؤول في إدارة الحدود بولاية القضارف في حديث لموقع "بروكين نيوز" السوداني ، إن زيارة "دقلو حمديتي" قائد قوات الدعم السريع السوداني غير مجدية لاحتواء الخلاف الحدودي المحتدم حاليا على أراضي الفشقة ، وبحسب المسؤول الذي فضل حجب اسمه ، فقد ضبطت لجنة العمل الميداني المشتركة بين البلدين 754 ألف فدان عام 2005 ، والتي استولى عليها المزارعون الإثيوبيون ، واستمر التوسع في الوصول إلى حوالي 895 ألف فدان من الأراضي الخصبة للغاية.
اقرأ ايضاً: مصرع جندي سوداني وإصابة 4 آخرين إثر عدوان إثيوبي جديد بولاية القضارف
لماذا تعدت إثيوبيا على منطقة "الفشقة " السودانية؟
قال الدكتور رمضان قرني الخبير في الشؤون الأفريقية في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر" إن الحديث عن الاعتداءات الإثيوبية المتكررة على منطقة الفشقة في السودان، تعود إلى اعتبارات مختلفة فرغم وجود نصوص قانونية طبقاً لاتفاقية 1902 و1903 و1972 والتي تنص على خلو هذه المنطقة من أي قوات عسكرية والعمل على تنميتها بشكل كبير، لكن نلاحظ هذا العام بالتحديد بشكل خاص اعتدءات اثيوبية متكررة من قبل مزارعين أثيوبيين مدعومة بميلشيشات أثيوبية وقوات عسكرية أثيوبية بشكل كبير، وبدأت بالتوغل في تلك المنطقة التي تتميز بخصوبتها الشديدة والعديد من السلع الزراعية مثل القطن والسمسم، لكن الاخطر هو حالة الدعم العسكري الذي تجده تلك الميلشيات الأثيوبية في مقابل بدا تدخل عسكري سوداني متأخر نسبياً من خلال القوات السودانية في معكسر الأنفال في هذه المنطقة، ومن ثم تأتي دائماً السيطرة العسكرية في هذه المنطقة لقوات الميليشيات الأثيوبية المدعومة بالقوات العسكرية.
وأضاف "قرني" أن ما يعنينا في هذه المرحلة أن هذه الاشتباكات متجددة فبعد زيارة "حميدتي" الي أديس ابابا والحديث عن توقيع اتفاق خاص بسكك حديدية تربط بين البلدين نلاحظ بشكل كبير استمرار هذه الأعمال العسكرية، وأعتقد أن تكرار هذه الأعمال العسكرية في هذه الأيام تحديداً هو رسالة سياسية من الطرف الاثيوبي وبداية يجب الاعتراف أن إثيوبيا كدولة اتحادية لديها اختلالات حدودية مع العديد من دول الجوار فليدها أزمات مع ارتريا وجيبوتي والصومال ومشاكل ايضاً في منطقة الفشق السودانية، وبالتالي فكرة سيطرة إثيوبيا على الحدود المترامية يجب أن تكون محل نظر.
اقرأ أيضاً: الجيش السوداني يعلن تصديه لاعتداء إثيوبي جديد على موقع له في الفشقة
واستكمل الخبير في الشؤون الأفريقية حديثه قائلاً : النقطة الأخرى التي يجب أن نركز عليها أن هناك رسائل سياسية تحاول أن تبعث بها حكومة أديس ابابا بأن لديها قوة عسكرية التحرك، فرغم التصنيف الذي يصنف غليه الجيش الأثيوبي بأنه ليس من الجيوش القوية القوية في القارة الأفريقية، لكن في اطار النزاع الأشهر حالياً وهو سد النهضة بين اثيوبيا ومصر والسودان، تحاول أديس ابابا ان ترسل رسائل تهديدية للجار السوداني، رغم أنها تبنت بشكل واضح ولفترات طويلة المصالحة بين الفصائل السودانية والاحزاب السياسية حتي تم توقيع اتفاق السلطة الانتقالية في السودان، بالإضافة إلى المكاسب الاقتصادية التي تتعلق بتلك المنطقة السودانية لخصوبة التربة وتوافر المياه والمنتجات الزراعية المنتشرة فيها بشكل كبير، واختيار هذا التوقيت بشكل خاص له دلالة بالاوضاع التي تتم في سد النهضة بشكل كبير، كل هذا الخطاب السياسي الأثيوبي أتصور انه خطاب غير عقلاني وغير متوازن بشكل كبير ففي الوقت الذي كان يجلس المفاوضون على طاولة المفاوضات الاسابيع الماضية يخرج رئيس الاركان ليتحدث عن قوة الردع الأثيوبية والقوة العسكرية الاثيوبية كلها رسائل أثيوبية غير دقيقة وغير متوازنة في وقت الكل يسعى فيه إلى المفاوضات فهذا إن دل يدل على حالة التعنت الأثيوبي بشكل كبير سواء مع مصر او السودان حتى في الاوقات التي اتفاقات وتفاهمات مع الطرف السوداني خاصة بالسكك الحديدية.
المستوطنات الإثيوبية
تقول الصحيفة السودانية أن الإثيوبيين لديهم الآن مستوطنات بالمعنى الحرفي ، وهو ما أكده النائب في البرلمان المنحل عن دائرة الفشاقة مبارك النور ، بقوله إن الإثيوبيين غيروا ديمغرافية المنطقة من خلال إنشاء المدن والطرق والكنائس والمقابر.
وأضافت أن عدد المزارعين الإثيوبيين بين عامي 1972 و 1991، ارتفع إلى 52 مزارعًا في مساحة 84.5 ألف فدان. بعد عام 1994، وصل عددهم إلى 1،659 مزارعًا في حوالي مليون فدان ، يخترقون داخل حدود السودان ، مع أعماق متفاوتة بين تسعة و 22 كيلومترًا.
يذكر أنه في 8 أبريل الماضي ، قام رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان ، يرافقه ضباط من سلطة العمليات ومدير المخابرات العسكرية ، بزيارة الفشقة ، بعد ورود تقارير عن حشود من الجيش الإثيوبي وتوغلهم في الأراضي السودانية.
يذكر الصحفي أن نشر التعزيزات العسكرية السودانية في المنطقة جيد ، لكن لا تزال هناك قوات غير كافية في حدود بضع مئات من الجنود ، في حين تنشط الميليشيات الإثيوبية مع بداية السقوط لإجبار المزارعين السودانيين على استئجار منازلهم. الأراضي إلى نظرائهم الإثيوبيين.