علق الكاتب "روجير كوهين" على الصورة التي جمعت المصرية "دعاء الغباشي" والألمانية "كيرا ووكنهورست" تتنافسان في لعبة الكرة الطائرة خلال الألعاب الأولمبية في الريو بالبرازيل، قائلًا: "إنه منذ أن رأى الصورة لم يستطع محوها من ذهنه".
وكانت دعاء "19 سنة" محجبة وترتدي قمصيًا أكمامه طويلة وبنطلونًا أسود يصل إلى كاحليها، بينما كانت كيرا "25 سنة" ببكيني أزرق داكن، والتقت يداهما الممدوتان تقريبًا، وبينهما الكرة.
صدام هويات
وتضع الصورة التي التقطتها "لوسي نيكولسون" من "رويترز" جنبًا إلى جنب إمرأتين ومعتقدين وزيين مختلفين جمعتهما الرياضة.
وفي رأي "كوهين" أن العالم يواجه صدام هويات أكثر منه صدام حضارات، ذلك أن صورة الغرب عن الإسلام والصورة المسلمة عن المجتمعات الغربية غالبًا ما يتعذر فهمهما، وعدم الفهم يولد العنف.
ويلفت "كوهين" إلى أنه لا مجال أكثر حساسية من معاملة النساء وأدوار النساء والحياة الجنسية للنساء وملابسها وتطلعاتها، وغالبًا ما تقدم الرواية على أنها قصة التحرر الغربي بمواجهة القهر الإسلامي، ولكن هذا التوصيف غير مناسب".
قصة امرأتين
وانطلاقًا من هذه الصورة، ينقل "كوهين" قصة إمرأتين، مصرية وأمريكية وتجربتيهما مع الحجاب، والمرأتان هما خديجة بويجيس، وهي جامعية متخرجة من القاهرة، ونورما مور، ممثلة سابقة تعيش في كولورادو وزارت إيران مؤخرًا، حيث اضطرت إلى وضع الحجاب.
أعرف نفسي
وتروي "خديجة" أن والدتها مصرية ووالدها هولندي، انفصلا منذ أن كانت في الرابعة وأنها نشأت في هولندا، وأمها لا تضع حجابًا وعندما بدأت في سن التاسعة عشرة تغطي رأسها، قالت لها أمها: "ماذا تفعلين؟ تركت بلدي لتكوني حرة فهل هذا ما فعلته الحرية؟".
وتضيف خديجة: "كنت أعمل بجهد، ومسيطرة جدًا، بدأت أشعر بأنني كشخص متدين، أحتاج إلى أن أحس بأن شيئًا ما أكبر مني، بدأت أصلي، توقفت عن الشرب، وبدأت الصوم حيث كنت مهووسة بالأمور المادية، وبعد فترة اقتنعت بأنه من الجيد أن أضع الحجاب انطلاقًا من التفاني والتواضع وكدليل على التخلي عن بعض من سيطرتي ونجحت في ذلك".
وقالت، "إن الحجاب هو مسألة تمثيلية، فأنا أعرف نفسي والأفكار التي اعتنقها، أعتقد أن الشخص أمامي يرى الخارج فقط، ومع التوتر في أوروبا، وتبدو الأمور سيئة داخل مقهى ملئ بالرجال البيض الأغنياء في قرية هولندية صغيرة، مزق رجل حجابي، كان الأمر صادمًا ولكن ليس محبطًا بقدر بعض النظرات والتعليقات، ورفض التوظيف (بحجة أنني لست ملائمة لصورة المحل)".
خياري وسأموت معه
بعد الهجمات في فرنسا، قالت لي أمي: "أرجوك اخلعي حجابك"، ولكن هذا خياري وسأموت معه، هذا حقي ولا أحد سيأخذه مني.
وتضيف خديجة، أن هناك قليلًا جدًا من المعرفة الدينية في الدول الغربية العلمانية، وهناك أزمة داخل الإسلام في شأن ما يعني أن تكون مسلمًا، نحن كمسلمين علينا أن نعترف بالمشكلة، يسيطر داعش على صورة الإسلام في العراق وسوريا، بما فيها الرموز والإعلام والبيانات، هذا حقيقي ولا يمكننا أن ننكر ذلك، لكننا نخلق تطرفًا بالحديث عن الإسلام فقط من خلال هذه الصورة الجامدة التي تحول الحجاب شيئًا مكروهًا".
وعن "الغباشي" التي ترتدي سروالًا في الصورة، تقول: "إنها تمثل أشخاصًا مثلي، مسلمين منفتحين وشبابًا وعصريين يريدون الخروج والتعلم والعمل والتسلية، ونريد صورة مختلفة للإسلام".
صورة محيّرة
بدورها، روت "نورما مور" قصتها، قائلة: "إنني شخص متدين جدًا. ليس لدي علامة أرفقها بديني، إلا أنني في صميم وجودي، وأومن أن الله خلقني وخلقني بحب، تمامًا كما خلق أي شخص آخر".
"وبعدما أخبرت عن تجربتها الصعبة مع الحجاب، قالت إن صورة الفتاتين في الريو محيرة، وإن الإنشات القليلة بين يديهما قد تكون هوة.
ويختم "كوهين" مقاله: "للحقيقة ظلال كثيرة، فيما تضع "الغباشي" خلخالًا ملونًا، كانت الألوان الوحيدة على "ووكنهورست" ألوان العلم الألماني، فمن يحق له القول أيهما محافظة أكثر ونسوية أكثر ومتحررة أكثر؟ لا نعرف، ما نعرفه هو أننا نحتاج إلى مزيد من الأحداث التي تثيرنا لطرح أسئلة كهذه وتجاهل حقائق متعبة قد لا تكون أكثر من رسوم كاريكاتورية خطيرة".