القومسيونجي، أو ما يطلق عليها تجارة الذهب بـ "الأبونيه".. ظاهرة متغلغلة بالأسواق، باتت تؤرق تجار الذهب، لما يتعرضون له من النصب على أيديهم، في حين أنها نشأت من خلالهم، فالبعض يراهم بوابة للنصب على تجار الذهب، خاصة "الدخلاء على المهنة "، وأخرون يرون أن أصحاب الخبرة من تجار الذهب لا يستطيع أحد النصب عليهم.
يقول نادي نجيب، سكرتير شعبة الذهب بالغرفة التجارية بالقاهرة، إن القومسيونجي أو الأبونية، هي فئة تعمل في الصاغة وتقوم ببيع المشغولات الذهبية من المصانع إلى محلات التجزئة بالمحافظات، في مقابل الذهب الكسر، وقيمة المصنعية.
وأوضح أن الأبونية من الصعب أن يقوم بالنصب على تجار التجزئة، حيث إنه يبيع لهم بالآجل، ومن ثم يقوم التاجر بتسديد قيمة ما يشتريه من الأبونية على فترات من الذهب الكسر، مشيرًا إلى أن التاجر لو اشترى من الأبونية كيلو من المشغولات الذهبية فسيقوم بدفع 200 جرام من الذهب بداية للتعاقد.
وأكد " نجيب " أن التاجر يقوم بعد ذلك بفحص المشغولات الذهبية، وفي حالة وجود قطع مشغولات مزيفة، فلن يقوم بتسديد قيمة باقي المشغولات، ومن ثم فالأبونيه هو الخاسر.
من جانبه أشار العميد محمد حنفي، رئيس مصلحة الدمغة والموازين، إلي أن المصلحة لم تتلقى أي شكاوى من تجار الذهب تثبت وجود مخالفات أو ذهب غير مطابق للمواصفات يتم توزيعه عن طريق الأبونية، لافتًا إلي أن أصحاب الخبرة من تجار الذهب يصعب وقوعهم في النصب، مشيرًا إلى أنهم يقومون بفحص الذهب قبل دفع أي مبالغ لأبونية.
وأكد حنفي، أن تجار الذهب ليسوا في معزل عن الوقوع في النصب، ولكن الخبرة التي يتمتعون بها تحول بينهم وبين ذلك، خاصة من الأبونية، لأنهم يشترون الذهب بالآجل، موضحًا أن دخلاء المهنة والذين يقومون بالاستثمار في قطاع الذهب من خلال افتتاح محلات التجزئة لبيع المشغولات الذهبية، هم الذين يتعرضون لذلك، نتجة نقص الخبرة، وقلة معرفتهم بألاعيب غش الذهب.
في حين يشير رئيس مصلحة الدمغة والموازين السابق، اللواء أحمد السنجري، إلى أن قومسيونجي الذهب " الأبونية " هو من صُنع تجار الذهب أنفسهم، فهو يكسب من الجهتين، الأولى من الورش التي يعمل كموزع لمشغولاتها المقلدة أو ذات العيار المتدني، ومن الناحية الأخري من تجار التجزئة الذين يشترون بضاعته، فتجار التجزئة هم من صنعوه وهم الذين يطالبون بالقضاء عليه، لافتًا إلى أن تُجار التجزئة لو التزموا الطريق السليم والواضح في تجارة المشغولات، والتزموا بالشراء من المصادر الرئيسية والمعروفة والمضمونة ذات السجل التجاري والضريبي والسمعة الطيبة، لن يتعرضوا لأية محاولة غش من تجار الأبونية، ولكن تجار التجزئة يغريهم عرض هؤلاء المندوبين لبيعهم الجرامات بأقل من سعر السوق.
وأوضح السنجري أن القومسيونجي، لا يتعامل معه سوي تجار التجزئة الدخلاء حديثًا على المهنة، فهم لا يمتلكون أي خبرة في المجال، لذلك يسهل غشهم، مشيرًا إلى أن أحد تجار التذهب طلب مقابلته أثناء عمله رئيسًا لمصلحة الدمغة والموازين، وكان في حالة انهيار تام ويمسك بيده كيس بلاستيك يحتوي على مشغولات، وقام بإفراغه على مكتبه، لافتًا إلى أنه اكتشف أن هذه المشغولات مصنوعة من النحاس.
وأضاف رئيس مصلحة الدمغة والموازين السابق، أن هذا التاجر كان موظف على المعاش، وتقاضى مبلغ كبير في نهاية الخدمة، وأراد الاستثمار في تجارة الذهب، نظرًا للمكاسب الباهظة التي يحققها تجار الذهب، لافتًا إلى أن هذا الرجل افتتح محل جواهرجي، وبدأ نشاطه واشترى كمية كبيرة من المشغولات الذهبية من أحد شركات تصنيع الذهب المعروفة، لافتًا إلى أنه بعد فترة من العمل دخل عليه، شخص يحمل في يديه حقيبة كبيرة بها مشغولات ذهبية، وتحتوي على تصميمات رائعة وموديلات جديدة، وعرض عليه شراء جرام الذهب بأقل من سعر السوق.
وأردف أن التاجر اشترى قطعتين، وبعد فحصهما تبين مطابقتهما للوزن وللعيار، مشيرًا إلى أن التاجر "سال لعابه" نظرًا للمكسب الذي سيحققه من خلال شراء كمية من الأبونية، مضيفًا أن التاجر اشترى 3 كيلو جرام من الذهب، وقام بعرضها في متجره، وبعد أن باع ما يقرب من نصف كيلو من المشغولات الذهبية، فوجئ بزبائنه يأتون لمحله بسبب تغير لون المشغولات الذهبية التي اشتروها منه.
وأشار السنجري إلى أن التاجر قام بفحص تلك المشغولات، وتبين أنها مزيفة ومصنوعة النحاس، ولما حاول الاتصال بالأبونية وجد تليفونه مغلق، وللأسف لم يعرف له مكان، لافتًا إلى أن طمع التجار يعرضهم للوقوع في النصب.
وفي ذات السياق، أوضح عمرو سعيد، تاجر بسوق الذهب، أن الأبونية مثل كل الفئات العاملة في أسواق الذهب، منها من له ضمير ومنها ما دون ذلك، لافتًا إلى أنهم من الفئات التي تعرض للخطر، خاصة وأنهم يقومون بتوزيع وتجميع الذهب من محلات التجزئة بمختلف محافظات الجمهورية.
وكشف سعيد عن تعرض أحد القومسيونجية للقتل مؤخرًا، وتم سرقة ما معه من مشغولات ذهبية، وذهب كسر ونقدية، والبالغ وزنها ثلاثة كيلو وربع من الذهب.
وأكد أنه في بعض الأوقات يقوم الأبونية بنقل الذهب بمفرده، مما يعرضه لحوادث السرقة والقتل، خاصة عندما يتم رصده من المجرمين، بعد معرفة المحافظة التي يتعامل بها، موضحًا غياب دور تأمين هؤلاء الذين يقومون بنقل كميات كبيرة من الذهب، بدون أي حراسات، مشيرًا إلى أن عادة الأبونية ألا يسير بمفرده، حتي يحموا بعضهم البعض.