قررت محكمة جنايات القاهرة في جلستها المنعقدة برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، تأجيل محاكمة الرئيس الأسبق محمد مرسي و10 متهمين آخرين من كوادر وأعضاء جماعة الإخوان، إلى جلسة 3 مارس المقبل، وذلك في قضية اتهامهم بالتخابر وتسريب وثائق ومستندات صادرة عن أجهزة الدولة السيادية وموجهة إلى مؤسسة الرئاسة، وتتعلق بالأمن القومي والقوات المسلحة المصرية، وإفشائها إلى دولة قطر.
وجاء قرار التأجيل لاستكمال الاستماع إلى مرافعة الدفاع عن المتهمين في القضية.
وأمرت المحكمة في مستهل الجلسة بتكليف الطبيب بتوقيع الكشف الطبي على المتهم أحمد إسماعيل، للوقوف على حالته الصحية ومدى استيعابه لما يدور بالجلسة، خاصة وقد بدت عليه علامات الإعياء أثناء إثبات حضور المتهمين.. وعقب انتهاء الكشف الطبي عليه، أثبتت المحكمة في محضر الجلسة أن المتهم حضر في سيارة الإسعاف، وأن الطبيب المعالج قرر أن المتهم في حالة صحية تمكنه من حضور الجلسة، وأنه يعي ما يدور من حوله.
واستكملت المحكمة الاستماع إلى مرافعة الدفاع عن محمد مرسي، والذي جدد طلبه ببراءته مما هو منسوب إليه من اتهامات، استنادا إلى عدد من الدفوع ببطلان قرار الاتهام وانعدام الأدلة على صحة إسناد الاتهامات إلى المتهم، وبطلان الدليل المستمد من تحريات القضية بزعم عدم جديتها وعدم حيدتها ونزاهتها في ضوء وجود ما أسماه بـ "الضغينة والكراهية بين من أجراها وجهازه من جهة، وبين المتهم الأول من جهة أخرى"، على حد قوله.
ودفع الدفاع أيضا بمخالفة التحريات لما هو ثابت بالأوراق وتناقضها مع ما شهد به بعض شهود الدعوى، فضلا عن عدم صحتها، وأيضا الدفع ببطلان الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات بدعوى عدم صدقيتها ولكونها صدرت "وليدة ضغينة وحقد شخصي تجاه المتهم الأول، على ضوء ما كان قد اتخذه من إجراءات تجاه بعض هؤلاء الشهود لاسيما شهادة اللواء نجيب عبد السلام قائد الحرس الجمهوري السابق".. وذلك بحسب ما قرره الدفاع.
ودفع الدفاع بانتفاء جريمة التخابر المسندة إلى محمد مرسي، بركنيها المادي والمعنوي، وخلو أوراق الدعوى من أي دليل ينهض على صحة إسنادها، والدفع بانتفاء أركان جريمة الاشتراك.. مشيرا إلى انعدام سيطرة المتهم الفعلية على تلك الوثائق والمستندات محل القضية لكونه مقيد الحرية منذ 30 يونيو 2013 وحتى الآن.
وقال الدفاع ببطلان الدليل المستمد من التسجيلات المقدمة ضمن اسطوانات مدمجة، بشأن الربط بين أحداث الإرهاب التي تقع في سيناء وبين عودة "مرسي" إلى الحكم، والذي جاء على لسان القيادي الإخواني محمد البلتاجي.. مؤكدا انقطاع صلة محمد مرسي بشأن ما كان يجري خارج محبسه.
ودفع الدفاع أيضا ببطلان الدليل المستمد من تقرير اللجنة الفنية التي شكلت من هيئة المحكمة لفحص أوراق ومستندات القضية، تحت زعم عدم صحة ما جاء في التقرير وتعرضه للتزوير والعوار.. كما دفع ببطلان الدليل المستمد من تقرير هيئة الأمن القومي بشأن فحص المضبوطات وهي أجهزة الحاسب الآلي ووحدات تخزين البيانات والكاميرا وماكينة الطباعة والماسح الضوئي التي ضبطت لدى بقية المتهمين، لانقطاع صلة "مرسي" بهم وبما حوته تلك الأجهزة من معلومات.
من جانبه، أكد ممثل النيابة العامة تعقيبا على ما جاء بدفاع محمد مرسي، عدم صحة ما ساقه الدفاع في معرض إبداء مرافعته، حول أن النيابة قد قذفت المتهم وأن الشاهد اللواء نجيب عبد السلام قد كذب في شهادته.
وأوضحت النيابة أن ما ذكره الدفاع هو في حقيقة الأمر ادعاء كاذب لا أساس له من الصحة، وأن اللواء نجيب عبد السلام لم يقم بالإدلاء بأية معلومات كاذبة أثناء شهادته.
وتساءلت النيابة: كيف يمكن للدفاع أن يقول إن التحريات في القضية مزورة، في حين أن المستندات المتعلقة بالأمن القومي، قد ضبطت بحوزة المتهمين أثناء إلقاء القبض عليهم، وقبل تهريبهم لها إلى دولة قطر.
كان النائب العام الراحل المستشار هشام بركات قد أحال المتهمين إلى المحاكمة في شهر سبتمبر 2014، وذلك في ختام التحقيقات التي باشرتها نيابة أمن الدولة العليا بالقضية، حيث جاء بأمر الإحالة "قرار الاتهام" أن محمد مرسي وعددا من المتهمين قاموا باختلاس التقارير الصادرة عن جهازي المخابرات العامة والحربية، والقوات المسلحة، وقطاع الأمن الوطني بوزارة الداخلية، وهيئة الرقابة الإدارية - والتي من بينها مستندات غاية في السرية تضمنت بيانات حول القوات المسلحة وأماكن تمركزها والسياسات العامة للدولة - بغية تسليمها إلى جهاز المخابرات القطري وقناة الجزيرة الفضائية القطرية، بقصد الإضرار بمركز مصر الحربي والسياسي والدبلوماسي والاقتصادي وبمصالحها القومية.
والمتهمون في القضية هم كل من: محمد محمد مرسي عيسى العياط (محبوس - رئيس الجمهورية الأسبق) - أحمد محمد محمد عبد العاطي (محبوس - مدير مكتب رئيس الجمهورية الأسبق – صيدلي) - أمين عبد الحميد أمين الصيرفي (محبوس - سكرتير سابق برئاسة الجمهورية) - أحمد علي عبده عفيفي (محبوس - منتج أفلام وثائقية) - خالد حمدي عبد الوهاب أحمد رضوان (محبوس - مدير إنتاج بقناة مصر 25 ) - محمد عادل حامد كيلاني (محبوس - مضيف جوي بشركة مصر للطيران للخطوط الجوية) - أحمد إسماعيل ثابت إسماعيل (محبوس - معيد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا) - كريمة أمين عبد الحميد أمين الصيرفي (طالبة) - أسماء محمد الخطيب (هاربة - مراسلة بشبكة رصد الإعلامية) - علاء عمر محمد سبلان (هارب – أردني الجنسية - معد برامج بقناة الجزيرة القطرية) - إبراهيم محمد هلال (هارب - رئيس قطاع الأخبار بقناة الجزيرة القطرية).
وأشارت التحقيقات إلى أن "مرسي" استغل منصبه كرئيس للدولة، وقام بتعيين بعض كوادر جماعة الإخوان في وظائف بالغة الحساسية بمؤسسة الرئاسة، منهم أحمد عبد العاطي مدير مكتبه، وأمين الصيرفي سكرتيره الخاص.. وبعد زيادة حدة الانتقادات ضد مرسي وتصاعد الغضب الشعبي ضد جماعة الإخوان، أصدر التنظيم الدولي للجماعة تعليماته للرئيس (الأسبق) بتسريب ما يطلع عليه بحكم منصبه من وثائق هامة، إلى جهاز المخابرات القطري، ومسئولي قناة الجزيرة، ومن بينها تقارير شديدة الخطورة عن القوات المسلحة المصرية وأماكن تمركزها وطبيعة تسليحها، والسياسات الداخلية والخارجية للبلاد، ووثائق واردة إليه من الجهات السيادية (المخابرات العامة والحربية وجهاز الأمن الوطني وهيئة الرقابة الإدارية) وأسرار الدفاع، احتفظ بها كل من المتهمين محمد مرسي وأحمد عبد العاطي بخزينة مكتبه بالرئاسة، بصفتهما الوظيفية، ثم سلماها إلى المتهم أمين الصيرفي.
وأظهرت التحقيقات أن الصيرفي استغل عدم إمكان تفتيشه من أمن الرئاسة بحكم وظيفته، وقام بنقل تلك الوثائق والمستندات من مؤسسة الرئاسة وسلمها إلى نجلته كريمة الصيرفي التي احتفظت بها بمسكنها الخاص، ثم سلمتها بناء على طلبه إلى المتهمين أحمد علي وعلاء سبلان، عن طريق المتهمة أسماء الخطيب، وقاموا بنسخها وتخزينها على وسائط ألكترونية بمساعدة المتهمين خالد حمدي وأحمد إسماعيل، ثم سافر المتهم سبلان إلى قطر، والتقى بالمتهم إبراهيم هلال رئيس قطاع الأخبار بقناة الجزيرة، والشيخ حمد بن جاسم (رئيس الوزراء وزير خارجية قطر السابق - رئيس مجلس إدارة شبكة قنوات الجزيرة) في حضور ضابط بجهاز المخابرات القطرية بفندق شيراتون الدوحة، وتم الاتفاق على تسليمهم الوثائق نظير مبلغ مليون دولار، تسلم (سبلان) جزءا منه عبر إحدى شركات تحويل الأموال بعد أن تم تسليم الوثائق بالفعل عن طريق المتهم محمد عادل كيلاني بمطار الدوحة.
وتبين من التحقيقات أن 7 من المتهمين (من العاملين بقناتي الجزيرة و مصر 25 وشبكة رصد) قد ارتكبوا جريمة التخابر بصورة مباشرة وصريحة، باتفاقهم مع ضابط جهاز المخابرات القطري على العمل لصالح دولة قطر، وإمداد المخابرات القطرية بالوثائق السرية الصادرة عن الجهات السيادية المسلمة إلى مؤسسة الرئاسة، والتي تم اختلاسها بمعرفة الرئيس الأسبق ومدير مكتبه، وتم تهريبها بمعرفة سكرتيره الخاص ومتهمين آخرين.
وأكدت التحقيقات واعترافات عدد من المتهمين المحبوسين احتياطيا، أن المتهمين أمين الصيرفي ونجلته كريمة الصيرفي، هما من بادرا بالتواصل مع بقية المتهمين لتسريب تلك المستندات والوثائق إلى قطر بغية إذاعة محتوياتها على قناة الجزيرة، وأن عددا كبيرا من تلك الوثائق لم تكن تسلم سوى لمحمد مرسي شخصيا بصفته رئيسا للجمهورية آنذاك، والذي كان يتولى حفظها بنفسه داخل خزينة شخصية بمكتبه أو التخلص منها بطرق محددة بمعرفته.
وأسندت النيابة إلى محمد مرسي وبقية المتهمين ارتكاب جرائم الحصول على سر من أسرار الدفاع، واختلاس الوثائق والمستندات الصادرة من الجهات السيادية للبلاد والمتعلقة بأمن الدولة وإخفائها وإفشائها إلى دولة أجنبية والتخابر معها، بقصد الإضرار بمركز البلاد الحربي والسياسي والدبلوماسي والاقتصادي وبمصالحها القومية.
كما نسبت النيابة إلى المتهمين طلب أموال ممن يعلمون لمصلحة دولة أجنبية، بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة البلاد، والاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب الجرائم السابقة، وتولي قيادة والانضمام لجماعة إرهابية تأسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على حريات المواطنين والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، بهدف تغيير نظام الحكم بالقوة والإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر.