كشفت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية إن المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية عثرت مرارًا على آثار لغاز الأعصاب في مختبرات قالت سوريا إنها لم تكن أبدًا جزءًا من برنامجها العسكري الكيميائي، مثيرة أسئلة جديدة عما إذا كانت دمشق التزمت تعهداتها تدمير كل أسلحتها، وذلك وفقًا لتقرير جديد سري جدًا.
وشملت آثار الأسلحة الكيميائية عناصر "سومان" و"في أكس" في منشآت عدة غير معلنة، بينها اثنان في ضواحي دمشق، الأمر الذي يكشف بحسب تقرير من 75 صفحة وضعه المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أحمد أوزومجو نمطًا مقلقًا من البيانات السورية غير المكتملة والمقلقة خلال السنوات الثلاث الأخيرة عن حجم برنامج الأسلحة الكيميائية لسوريا.
المفتشون مربكون:
وقالت المجلة إن هذه الثغرات أربكت محاولات المفتشين للتحقق مما إذا كانت سوريا تخلت كليًا عن برنامجها للتسلح الكيميائي، معززة شكوك واشنطن ودول غربية أخرى بأن الحكومة السورية قد تكون تسعى إلى استعادة قدرات محدودة لاستخدام غاز الأعصاب ومواد أخرى ضد مقاتلي المعارضة الذين يحاولون إطاحة الأسد.
شروحات غير مقنعة:
وفي ملخص سري من صفحتين للتقرير، كتب المدير العام للمنظمة أحمد أوزومجو أن أكثرية العينات الـ 122 التي أخذت من "مواقع عدة" في سوريا، تشير إلى أن "نشاطات محتملة غير معلنة ذات صلة بأسلحة كيميائية"، وأن معظم الشروحات السورية لوجود العناصر غير المعلنة "غير مقنعة علميًا أو تقنيًا، ولا يزال يتعين توضيح وجود عناصر كيميائية عدة غير مصرح بها".
تناقض:
وتتناقض نتائج إعلان فريق التقويم لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية المصنف "سري جدا" مع الإصرار العلني للأسد على أن البرنامج الكيميائي لبلاده قد فكك.
أوباما وكيري:
ومن شأن النتائج الجديدة للمنظمة أن تشكل تحديًا سياسيًا للرئيس أوباما الذي اعتبر الاتفاق الكيميائي دليلًا على أن الديبلوماسية يمكن أن تكون أفضل من العمل العسكري في وقف انتشار أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط. وأبدى الرئيس الأمريكي فخره بقراره عدم شن غارات على النظام السوري بعد استخدامه غاز السارين ضد مدنيين قرب دمشق، ما أدى إلى مقتل 1400 شخص، بعدما كان اعتبر استخدام مثل هذه الأسلحة "خطًا أحمر" سيستدعي ردًا أمريكيًا عسكريًا.
وصرح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عام 2014 بأن الاتفاق يعني أن الإدارة الأمريكية نجحت في "إخراج 100 في المئة من الأسلحة الكيميائية من سوريا".
دمشق تخبئ أجزاء أساسية:
لكن مسؤولين أمريكيين وأوروبيين دققوا في تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الصادر في الرابع من يوليو (تموز)، يبدون قلقًا متزايدًا من أن تكون دمشق تخبئ أجزاء أساسية من برنامجها الكيميائي الذي كان سريًا. وتعززت هذه المخاوف في الأسابيع الأخيرة، مع إبداء المنظمة الدولية قلقها من الشروحات المتناقضة التي قدمها مسؤولون سوريون، بينهم نائب وزير الخارجية فيصل المقداد، في شأن وجود آثار أسلحة كيميائية في مواقع للحكومة لم تقر بأنها جزء من برنامجها للأسلحة الكيميائية.
وتقول فورين بوليسي إن هذا اللغط يفترض أن سوريا امتلكت شبكة من مواقع الأسلحة الكيميائية أكبر بكثير من تلك التي أقرت بها.
روايات متناقضة:
وكتب أوزومجو في الملخص أن "المعلومات الجديدة التي قدمتها الحكومة السورية خلال المشاورات الأخيرة لا تحل المسائل العالقة" المحيطة بالبرنامج الكيميائي العسكري لسوريا. وقال: "في حالات عدة، تمثل المعلومات الجديدة تغييرًا كبيرًا في الرواية المقدمة سابقًا، أو تثير أسئلة جديدة. وفي بعض الحالات، تتناقض المعلومات الجديدة مع روايات سابقة".
ولفت إلى أن الثغر في فهم القدرات الكيميائية السورية "تزايدت مع الوقت"، محذرًا من أنه إذا لم "تزد سوريا تعاونها مع الوكالة، لن تتمكن المنظمة أبدًا من التأكيد أن سوريا دمرت برنامجها كله".