يبدو أن الحكومة تشهد في تلك الآونة صراعًا من نوع جديد في ظل اشتعال أزمة قانون بناء الكنائس، والتي تشهد العديد من التطورات، فمن جانبها أعلنت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية التوصل إلى صيغة توافقية مع الحكومة بشأن قانون بناء وترميم الكنائس.
وقالت الكنيسة في بيان لها، إن المجمع المقدس عقد جلسة خاصة حضرها 105 من المطارنة والأساقفة من بين أعضاؤه البالغ عددهم 126 عضوًا لمناقشة مشروع قانون بناء وترميم الكنائس، والذي شاركت في إعداده الكنائس المصرية منذ عدة أشهر والمزمع تقديمه إلى مجلس النواب خلال أيام.
وأضاف البيان انه في إطار المناقشات والمقابلات التي تمت مع الرئيس عبد الفتاح السيسي والمهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء والمستشار مجدي العجاتي وزير الشؤون القانونية، وبعد طرح مواد القانون العشرة للمناقشة بين الحضور والتعديلات التي تمت مؤخرا وإجابة التساؤلات والاستفسارات وبعد التشاور والتوافق مع ممثلي الكنائس يعلن المجمع المقدس وبنية خالصة التوصل إلى صيغة توافقية مع ممثلي الحكومة تمهيدا للعرض على مجلس الوزراء وتقديمه لمجلس النواب.
وتابع البيان قائلا: إنه رغم أن أي قانون هو بمثابة نصوص جامدة فإنها تحتاج إلى فكر منفتح في التطبيق العملي وليس الحرفي وبصورة واعية في المجتمع من اجل سلامته ووحدته وصيانة علاقات المودة بين جميع المصريين في حياة مشتركة نحو غد افضل فيه العدل والمساواة.
وأكد البيان، أن الكنائس أنشأت على أرض مصر منذ القرون الأولي للميلاد وفيما بعد القرن السابع الميلادي تجاورت المنارات والمآذن في محبة ومودة، ويشهد بذلك تاريخ بلادنا العظيمة وجغرافية ارضنا الفريدة مما جعل لمصر مذاقا خاصة وشهادة حية عن أصالة المصريين وحياتهم وطبيعتهم وحضاراتهم.
وقال البيان: " في هذا الصدد نود أن نشكر كافة المسئولين وجموع القانونيين والكتاب والمثقفين ورجال الأحزاب والإعلام والذين تقدموا باقتراحات ثرية وقدموا جهدا مشكورا في صياغة مواد القانون ووضع معايير السلامة والوضوح والشفافية ونحن نصلي أن يكون تطبيق القانون بعد إقراره خطوة للأمام في بناء مصرنا الجديدة ونفهم أن السنوات الأولي للقانون ستكشف مدى فاعليته وصلاحيته واحترامه للآخر آملين ألا تظهر مشكلات على أرض الواقع.
وكان المهندس شريف إسماعيل رئيس الحكومة، قد تدخل لحل أزمة قانون تنظيم بناء الكنائس، متعهدًا "التشاور مع الكنائس لسرعة إصدار القانون" الذي يعول عليه لتخفيف حدة المشاكل الطائفية، فيما أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي حرصه "على إعلاء قيمة المواطنة وعدم التمييز بين المصريين".
وكان إسماعيل استبق اجتماع الحكومة الأسبوعي المقرر أن يحسم مصير مشروع قانون «تنظيم بناء الكنائس»، بلقاء جمعه مساء أول من أمس مع بطريرك الأقباط البابا تواضروس الثاني، أصدر بعده بيانًا أكد فيه «التنسيق الكامل مع الكنيسة لإصدار مشروع القانون»، مشددًا على "حرص الدولة على سرعة إصداره".
وأوضح أن "التواصل مستمر، والمشاورات تتم على مدار الساعة، لوضع مشروع القانون في صورته النهائية".
وكان تواضروس التقى قبل الشهر الماضي الرئيس السيسي.
وأعلنت الكنيسة بعدها بأيام انتهاء المناقشة حول مشروع القانون إلى مسودة توافقية، لكنها أصدرت بيانًا شديد اللهجة انتقدت فيه إدخال الحكومة تعديلات على القانون "غير مقبولة... وتعتبر خطرًا على الوحدة الوطنية".
وأشاد المستشار القانوني للكنيسة إيهاب رمزي بـ "سرعة تدخل الدولة لنزع فتيل الأزمة"، معتبرًا الخطوة "بادرة حسن نية تساعد على الاستقرار".
لكنه رفض الجزم بحل النقاط الخلافية في مشروع القانون، قائلًا: "حدث أكثر من مرة توافق في شأن المواد الخلافية، لكن الأزمة تعود مرة أخرى، ننتظر الاطلاع على مشروع القانون في صورته النهائية لنرى ما إذا كان تم تعديل تلك المواد من عدمه".
وأكد الرئيس السيسي خلال استقباله عضو اللجنة الفرعية لاعتمادات العمليات الخارجية في مجلس النواب الأميركي النائب جيف فورتنبيري، أن مصر "حريصة على إعلاء قيمة المواطنة وعدم التمييز بين أبنائها لأي سبب".
وعرض "جهود الدولة لتوفير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، جنبًا إلى جنب مع الحريات والحقوق المدنية والسياسية التي يتعين تنميتها وازدهارها".
جدير بالذكر أن المستشار مجدي العجاتي، وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب، على بيان الكنيسة الرافض لمشروع قانون بناء الكنائس، قائلًا إن "كافة الاعتراضات والملاحظات يتم بحثها من جانب الحكومة".
وأضاف العجاتي: "أننا حريصون على الوحدة الوطنية المصرية ولا نبغي سواها فهي المحرك الرئيسي لنا في كل ما نتخذه من خطوات في هذا الأمر".
وشدد على أن "الحكومة لازالت مستمرة في مناقشة مشروع قانون بناء وترميم الكنائس مع الأطراف المعنية ولم تنته منه حتى الآن"، مضيفًا: "الاختلاف في الرؤى لا يجب أن يفسد للود قضية، وأتمنى أن يخرج مشروع القانون بالشكل الذي يرضى جميع الأطراف.