يتوجه الناخبون في الجابون بعد غد السبت، إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جديد للبلاد لمدة 7 سنوات في الانتخابات الرئاسية التي يخوضها 11 مرشحا من أبرزهم الرئيس المنتهية ولايته علي بونجو ومرشح المعارضة جان بينج.
تأتي الانتخابات وسط أجواء من التوتر تسود البلاد نتيجة ارتفاع الأصوات الرافضة لترشيح علي بونجو لولاية رئاسية جديدة حيث ترى المعارضة أنه لم يحقق إنجازات للبلاد خلال فترته الرئاسية الأولى، كما أخذت تشكك في صلته بالرئيس السابق عمر بونجو، مشيرة إلى أنه ليس ولده وأنه طفل نيجيري تم تبنيه خلال حرب بيافرا في ستينيات القرن الماضي، وهو ما يعد مخالفا للدستور الجابوني الذي ينص على أن يكون المرشح للرئاسة جابونيًا بالولادة.
وتقدم بالفعل بعض المرشحين للرئاسة بالطعن أمام المحكمة الدستورية في أهلية ترشح على بونجو للانتخابات الرئاسية غير أن المحكمة رفضت الطعن وأقرت بقانونية ترشح الرئيس المنتهية ولايته.
من ناحية أخرى يبدو أن علي بونجو واثق من فوزه في الانتخابات القادمة، وأخذ يقلل من أهمية معارضيه الذين يتهمونه بتزوير شهادة ولادته، معتبرا أنها قضية "مثيرة للضحك" وتعكس خوفهم من خوض الانتخابات، كما أكد بونجو أنه يخوض هذه الانتخابات رافعا شعار التغيير حيث صرح في إحدى حواراته أن "التغيير هو أنا وليس هم، إنهم رجال من الماضي ولا يفعلون شيئًا" في إشارة إلى المعارضة.
وأخذ بونجو يدافع عن حصيلة أدائه الإيجابية خلال فترة توليه الرئاسة، مؤكدا أنه نجح في تحقيق تنويع اقتصادي بعيدا عن النفط وتطوير البنية التحتية والطرق والخدمات الصحية، مشيرا إلى أنه ينوي استحداث 12 ألف وظيفة سنويا ومواصلة سياسته التي تعطي "الأولوية للشباب".
ويهيمن الرئيس المرشح علي بونجو على مختلف وسائل الإعلام في الجابون للترويج لحملته الانتخابية فضلا عن اللوحات الإعلانية والمواكب المصحوبة بمكبرات الصوت، وذلك في ظل غياب كامل للمعارضة، الأمر الذي أثار استياء عدد من المرشحين لاسيما بعد رفض قادة الشرطة ورؤساء البلديات السماح لهم بإقامة مهرجاناتهم الانتخابية في ملاعب رياضية أو أماكن عامة وذلك تحت تأثير الحزب الديمقراطي الجابوني الحاكم.
وفي السياق، ذكرت صحف معارضة، من بينها الصحيفة الأسبوعية (ايكو دو نور) أنه تم تخصيص أكثر من 30 مليار فرنك أفريقي (أي ما يعادل 45،7 مليون يورو) لحملة إعلانات الرئيس وحده.
بالإضافة لذلك تشكو المعارضة من انعدام حرية التعبير واستخدام الشرطة للقمع ضد أي مظاهرة مناهضة للرئيس وتستشهد في ذلك بالمظاهرة السلمية التي جرت في مدينة ليبرفيل في 23 يوليو الماضي، والتي نظمت للاعتراض على ترشيح بونجو واستخدمت فيها الشرطة الغازات المسيلة للدموع لفض المظاهرة وتم القبض على عدد من المشاركين فيها.
وترى المعارضة أن الفترة الرئاسية الأولى لعلي بونجو كانت مليئة بالإخفاقات، فعلى الرغم من ثروة الجابون النفطية، والتي جعلت متوسط نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي فيها من أعلى النسب في الدول الأفريقية، غير أن الثروة موزعة توزيعا غير متكافئ حيث يعيش 30% من المواطنين في فقر مدقع.
كما ارتفعت نسبة الدين العام بصورة غير مسبوقة وبلغ معدل البطالة 35.7% بين الشباب وانخفضت مؤشرات الحريات العامة، وأصبح المشهد في العاصمة الجابونية "ليبرفيل" لا يخلو من الاضطرابات بصفة دائمة؛ فموظفو الدولة دائمو الاحتجاج على تدهور الحالة المعيشية، وتدني مستويات الخدمات الاجتماعية، والزيادات غير المحتملة في الأسعار، وعدم مواكبة ذلك بأي زيادات في مرتبات العاملين.
كما تشهد الجامعات إضرابات مماثلة يدعو من خلالها الطلاب إلى زيادة مساحة الحرية والمشاركة في الحياة السياسية، علاوة على ارتفاع معدلات الجريمة في البلاد، وعلى رأسها السرقة المسلحة.
وفي ضوء ما سبق يصعب التنبؤ بما ستسفر عنه انتخابات السبت القادم، ورغم الثقة الكاملة التي يتمتع بها الرئيس علي بونجو إلا أنه يخوض اختبارا حقيقيا خلال تلك الانتخابات، حيث لا يستبعد فريق واسع من المراقبين إمكانية حدوث مفاجأة وفوز مرشح المعارضة جان بينج، لاسيما بعد أن تنحى مرشحين آخرين عن المشاركة في الانتخابات لعدم تشتيت أصوات الناخبين وتعزيز موقف بينج في مواجهة بونجو.