سيد قطب "منظر التكفير" في 4 صور.. من الشاعرية إلى القتل

نهاية المشنوق سيد قطب، لم تكن نهاية عادية، بل كانت نهاية لحقبة من الإرشاد العفن، الذي أوقع بمراجعات ممزوجة بمغالطات عديدة بالكثير من الشباب في براثن التطرف، هكذا يقول محللون.

انتهت رحلة حياة سيد قطب بقرار اعدام تم تنفيذه بناء على الحكم رقم 5482 الذي أصدره الفريق أول محمد فؤاد الدجوى "رئيس محكمة أمن الدولة العليا" آنذك بتاريخ 16 أغسطس 1966، كانت له عدة كتب تحوى أفكارا أشبه بخواطر قاتمة تستبيح نفس وروح من يخالفها، وعندما صدر حكم الإعدام تحولت أفكاره إلى مسلمات ونصوص مقدسة وفى سبيلها سقط الآلاف وسالت الدماء وعاثت حركات الإسلام الراديكالى في مصر والجزائر واليمن وسوريا فسادا وإرهاب.أمريكا التي رآها قطب ودرس خريطتها الاجتماعية والتعليمية هي كما يقول ( ما الذي تساويه في ميزان القيم الإنسانية ؟ وما الذي أضافته إلى رصيد البشرية من هذه القيم، أو يبدو أنها ستضيفه إليه في نهاية المطاف؟). وهذه النظرة هي ما تطور فيما بعد إلى نزعة عنف لم يشهدها التاريخ.تشكلت ملامح شخصيته من قرية "موشا" التابعة لمحافظة أسيوط، ذات الطبيعة الخاصة التي جمعت بين النيل والجبل والبساتين والحقول، فكانت هي المعين الأول الذي أمد نفسية الصبي النحيف بالشاعرية، التي كانت محطته الأولى في الحياة وكان كتابه الفريد «مهمة الشاعر في الحياة» هو الأول، كتبه وهو في سنته الأخيرة من دراسته في «دار العلوم» فأفصح هذا الكتاب عن نبوغ مبكر.

وفي عام 1948 سافر سيد قطب إلى أمريكا في بعثة تابعة لوزارة المعارف العمومية لدراسة النظم التعليمية حيث كانت وزارة المعارف بصدد وضع تصور جديد للتعليم في مصر وطرقه فذهب إليها سيد قطب وعاد ليكتب ( أمريكا التي رأيت).

قطب رأي أمريكا التي تتجه مشاربها حينا إلى العنف والغلظة والأنانية التي تصل إلى حد الإجرام كانت عقلية قطب هي عقلية عالم الاجتماع الذي يرى أن إنسانية المجتمعات مرهونة بالتوافق والتعاون تحت مظلة القيم الإنسانية لا فرق بين هذا وذاك إلا بقيمه وأخلاقه وإنسانيته، وكان يرى أن الصراع وشعور أمريكا بالتميز ورغبتها في إقصاء الآخرين هو أول معول يهدم حضارتها.ويعود قطب من أمريكا بعد عامين، كان قطب الذي ذهب إلى أمريكا وعاش فيها هو قطب الشاعر الفيلسوف صاحب النزعة الاجتماعية التي تهتم بالفنون وترى أنها تجعل للبشرية معنى وترفع من قيمة الإنسان وترتقي بقيمه، هو المصلح الاجتماعي الذي يبحث عن القواسم الحضارية المشتركة والذي يرى أن الإقصاء والعنف هما آفة من آفات البشر.

ويرى أن الانعزال لا يكون إلا من الضعيف الذي يخشى ما لدى الآخرين، وحين عاد استكمل مسيرته الفكرية، أدخل إليها تجربته الجديدة وأضاف إليها، إلا أن مشروعه الفكري ظل على ذات النسق فترة من الزمن، قبل أن يتحول إلى منظر للعنف والقتل، وإذ كانت إحدى أمنيات سيد قطب أن يفسر القرآن الكريم وأن يعرضه على أساس نظريته الأدبية "التصوير الفني" فقد تحقق له ما أراد.. ففي فبراير عام 1952 بعد عودته من أمريكا بعامين تقريبًا بدأ قطب في مجلة ( المسلمون ) كتابة مقال شهري رأى أن يكون في تفسير القرآن الكريم واختار له عنوان (في ظلال القرآن) ثم بدا له بعد ذلك أن يكتب تفسير القرآن في كتاب وليس في مقالات.

في عام 1954 تم اعتقال سيد قطب بسبب صلته التي كانت قد توثقت مع الإخوان المسلمين فقام في سجنه باستكمال كتابه تفسير الظلال في طبعته الأولى، وبعد أن صهر قطب تجاربه كلها خرج لنا مشروعه الفكري الأخير فقام بإصدار طبعة جديدة منقحة بمنهج يختلف عن الطبعة الأولى ركز فيها على المعاني والتوجيهات الحركية والدعوية والجهادية في القرآن.

ووضع قطب في طبعته المنقحة تصورات جهادية فاصل فيها بين مجتمع الإيمان ومجتمعات الجاهلية، ومن صفحات الظلال خرج للمطبعة كتابا مثيرا كان له أكبر الأثر في تكوين جماعات العنف فيما بعد ألا وهو كتاب "معالم في الطريق" الذي كانت لتجربة قطب في أمريكا أثر كبير في بلورة أفكاره لأنه رأى أن حضارة الغرب أصبحت غير مؤهلة لقيادة البشرية وأنه لا يوجد قواسم حضارية مشتركة."الحاكمية لله " هي عماد مشروع قطب في مرحلته الأخيرة أخذها من أبو الأعلي المودودي المفكر الباكستانى، وأضاف إليها من خلال تجاربه، وفي مشروعه الأخير أصبحت كل المجتمعات عنده هي مجتمعات جاهلية حتى ولو كانت تتعبد لله بالإسلام طالما غاب عنها منهج الحاكمية.

في يوم 30 يوليو 1965م ألقت الشرطة القبض على شقيق سيد محمد قطب وقام سيد بإرسال رسالة احتجاج للمباحث العامة في تاريخ 9 أغسطس 1965م. أدت تلك الرسالة إلى إلقاء القبض على سيد والكثير من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وحُكم عليه بالإعدام مع 6 آخرين وتم تنفيذ الحكم في فجر الإثنين 13 جمادى الآخرة 1386 هـ الموافق 29 أغسطس 1966م.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً