"قتل ودمار وتخريب" هكذا يوصف الوضع في سوريا التي تعيش حالة من الفوضى العارمة، والتي تسبب فيها رئيس النظام بشار الأسد، ما أضعف الدولة وجعلها معقلًا للتنظيمات الإرهابية أمثال: "داعش وجبهة النصرة" وغيرهم من تلك التنظيمات، ناهيك عن التدخل الدولي الذي يسعى لتأمين مصالحه في المنطقة.
البداية "سلمية"
اشتعل فتيل الثورية السورية في 26 فبراير 2011، عندما قامت قوات الأمن باعتقال خمسة عشر طفلًا إثر كتابتهم على جدران مدرستهم شعارات تنادي بالحرية وتطالب بإسقاط النظام.
نزيف الدماء يسيطر على المشهد
وكانت الثورة السورية، في بادئ الأمر ثورة سلمية تنادي بالمطالب المشروعة وهي العدالة والحرية والإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، لكن قوات الأمن والمخابرات السورية، واجهتهم بالرصاص الحي، فتحولت الثورة إلى فوضي عارمة، فبدأت المواجهات المسلحة تعم البلاد وصيحات التظاهر ترتفع وتعلو في سماء سوريا التي فاض على أراضيها دماء أبناءها.
رافضي الثورة وعباءة إسرائيل
بينما كان يري الجانب الأخر (رافضي التظاهر)، أنها مؤامرة ضد محور المقاومة والممانعة العربية ونشر الفوضى في سوريا، وأن كل هذا يصب في مصلحة إسرائيل بالدرجة الأولى والغرب، الذين يسعون لتقسيم سوريا إلى دويلات عدة، منها: "السنة والشيعة والأكراد وغيرهم".
تصاعد وتيرة القتل
وفي 18 مارس من العام نفسه، اجتاحت التظاهرات الكثير من المدن السورية تحت شعار "جمعة الكرامة"، وقالت منظمات حقوقية، إنها أدت إلى مقتل 100 محتج بنهاية الأسبوع، واستمرَّت بعدها بالتوسع والتمدد شيئًا فشيئًا أسبوعًا تلو الأخر.
وبدأ الشعب السوري بأسره يجني حصاد تلك الثورة التي تحولت إلى دمار وخراب، فقد قتل واُصيب الآلاف ودُمرت الكثير من المباني وشُرد الآلاف في الشوارع وأصبح السوريون لاجئون هنا وهناك وأصبحوا عبأ على الدول المجاورة وبعض الدول الأوروبية.
"القتلى" تجاوز عددهم الـ 470 ألف قتيل، وفقًا لإحصائيات "المركز السوري للأبحاث السياسية".
الصراع الدولي وخطة تدمير سوريا
في الواقع لا يمكن أن نفهم الصراع القائم في سوريا دون أن ننظر بشكل أوسع إلى المنطقة، وإلى النظام العالمي القائم حاليًا، وهو أن ما يحدث هو صراع دائر بين مشروع حلف الناتو بقيادة "أمريكا " وحليفتها في المنطقة "إسرائيل" وبين "المشروع الشيعي" الذي يتخذ من "روسيا" غطاء دوليا لها، وكلا المشروعين يتنافسان على موارد المنطقة، وأهمها النفط.
والنظام السوري ما هو إلا "دُمية" في يد النظام الإيراني، وسقوطه يعني ضياع النفوذ الإيراني والروسي في المنطقة وانحساره تمامًا عن قلب الشرق الأوسط.
أما بالنسبة للكيان الصهيوني، الذي كان يرى نظام "الأسد" غريمًا مرهقًا لدعمه لحزب الله والمشروع الشيعي، فهو الآن يراه غطاء ضروريًا لعلمها بضراوة المقاومة الشرسة التي ستوجهها في حالة سقوطه، أي أن بقاء المشروع الشيعي يعني مناوشة إسرائيل، أما وجود مشروع إسلامي أو حتى شبة إسلامي يتشكل في سوريا، فهو أمر يهدد وجود الدولة المحتلة، وليس مجرد مناوشتها، وهو ما يُعني قيام مشروع إسلامي يناطح المشروعين الإيراني والصهيوني في المنطقة، لذلك فهو مرفوض من كلا الجانبين.
وما تسعى إليه "روسيا" و"إيران" الاَن هو بقاء النظام السوري الحالي، فإذا سقط "الأسد" يعني هذا تراجعًا كبيرًا لهما في المنطقة، وما يسعى إليه "المشروع الأمريكي" هو استبدال النظام الحالي بآخر خاضع لأمريكا مباشرة، أي استبدال العباءة الروسية بأخرى أمريكية.
وكلا الفريقين كانا غير راغبين في الحراك السوري من الأساس، ولكنهما اضطرا للتعامل معه كأمر واقع وتطوير أجندة خاصة لكل منهما.
فما يتضح أن النظام الأمريكي تقوم بجانب طفيف من المقاومة المحسوبة للنظام الحالي، بحيث تضعفه ولا تسقطه، فتكتسب من وراء ذلك دمار سوريا حتى لا تكون "شوكة" في حلق حليفتها إسرائيل، ومن هنا تدخل المنظومة الدولية بثقلها لتقوم بنوع من تقسيم الدولة بين السنة والشيعة بشكل يضمن أمن إسرائيل.
ومع كل هذا وذاك تتوقف كل الأمور عند الدمار والخراب الذي تسببه الجماعات الإرهابية والتنظيمات التكفيرية داخل الأراضي السورية.