أسئلة كثيرة لا زالت تطرح يوما بعد يوم بشأن تنظيم داعش ، فيما تتوالى الأدلة والبراهين بقدر الأسئلة التي تطرح، ولعل أن أحد الاسئلة الهامة متعلقة ببقاء داعش حتى الآن والبدء في تصفية القيادات وشكل العلاقة الحرام التي تشابكت أطرافها؟.
الإجابة على هذا السؤال بشقيه يستلزم أن نرى الصورة من زاوية أشمل، ففي الجزء الأول من السؤال لربما كنا في حاجة إلى قراءة الماضي والحاضر والمستقبل بشأن استراتيجية التنظيم وعلاقته بالغرب ومدى توافق المصالح وتعارضها وآلية العمل، فيما يتعلق ببقاء داعش فأنه باق ولن ينتهي الآن كما يزعم قادة الغرب، والأصح أن داعش أنهى ما كان يسعى له الغرب في سوريا والعراق، وتبقى بعض الدول التي يفترض أن يصل إليها داعش في الفترة المقبلة، ولعل أن السماح للتنظيم بالانتقال لليبيا كان بعلم الولايات المتحدة ودول حلف الناتو التي لم تبادر بضرب التنظيم في البحر ومن ثم تزعم محاربته على الأرض في ليبيا ، علما بأن الهدف واضح ومؤكد، وهو ذاته الأمر الذي اغتيل بسببه اللواء الركن عبد الفتاح يونس حين رفض المبلغ الذي طالبه به مندوب "الناتو" كأجر عن إسقاط نظام القذافي، كي تتضح الصورة وتكون مبسطة، فإن الدول التي دخلها داعش أصبحت غارقة في الديون للولايات المتحدة التي تقوم بالحرب ضد التنظيم وتموله في آن واحد وذلك بهدف تشغيل مصانع السلاح واستنزاف الدول العربية اقتصاديا وانعاش الاقتصاد الغربي وضمان الهيمنة على تلك البقاع، وقد يمكن المقارنة بين اعداد التنظيم واعداد الجيوش التي تحاربها لتضح الصورة أكثر حيث تقدرها الولايات المتحدة بما بين 20-25 ألف مسلح في العراق وسوريا يضاف إليهم 5 آلاف في ليبيا. وهذا العدد صغير جدا مقارنة بتعداد الجيش السوري "125 ألفا" والعراقي "271500" والمملكة السعودية "233 ألف" وتركيا "510600" وإيران "523000 ألفا".، كل هذه الأعداد توضح الفارق الكبير والذي يضاف إليه ان هذه الجيوش تمتلك طائرات حربية وهو العنصر الذي لا يمتلكه التنظيم الإرهابي وهو ما يجعل الإجابة على التساؤل يقينية بدعم الغرب للتنظيم من اجل البقاء والتمدد، وفيما يتعلق بتشديد الموجة على التنظيم في العراق وسوريا، فإن الإشارة الخضراء اعطت للتنظيم بالتوجه إلى أفريقيا إلا أن قادته اصروا على التواجد بسوريا والعراق والتوسع، وربما يجبرون على الفرار إلى ليبيا وبعض الدول الأخرى في القارة السمراء، خاصة بعد استهداف بعض القيادات وكان أخرهم أبو محمد الجولاني أمس الذي أعلن مقتله أكثر من مرة، ومن المؤكد أن استهداف الولايات المتحدة للتنظيم يأتي إزاء خروج التنظيم عن الأطر المسموح له بالتحرك فيها وتنفيذ عمليات في بعض الدول الغربية وهو اختراق لاتفاق غير موقع بين الجانبين.
يبقى التساؤل بشأن كيفية تعاون الغرب مع داعش واستهدافهم في نفس الوقت واستهداف التنظيم لبلادهم، دعني اقول لك عزيزي القارئ بأن العلاقة ليست بالحميمية كما يتصورها البعض، بل هي علاقة استغلال" علاقة حرام" ، الغرب يستغل التنظيم في تحقيق مصالح واهداف بصورة غير مباشرة فيدعمه ويسهل له الكثير من عمليات التسليح، والتنظيم يستغل تسهيلات الغرب حتى تقوى شوكته ومن ثم ينقلب عليها، إذا هي العلاقة الحرام بين الغرب وداعش، التي ستستمر ما دام الصمت هو سيد الموقف بالنسبة للدول العربية التي اقتصر دورها على تمويل الغرب لتدمير أرضهم، وعدم القيام بدور فعال من قبل القادة العرب الذين لم يجتمعوا على انشاء قوة عربية مشتركة بل سمحوا لطائرات تشبه تنظيم داعش بإطلاق قاذفاتها في العراق وسوريا لتدمر الأرض وتقتل الأبرياء إلى جانب عناصر التنظيم الإرهابي.