لا أحد يعلم – سوى الله- إلى متى سيستمر صبر وصمود المصريين أمام غلاء الأسعار وتجاوزات بعض عناصر الشرطة، التي تصل إلى درجة الجرائم، وفساد بعض المسؤولين الذي أزكم الأنوف وأصبح واضحا للعيان، وعجز الحكومة أحيانا كثيرة عن حماية كرامة المصريين في بلاد الغربة، ولكن الثابت والواضح أن هناك حالة سخط وغضب في الشارع المصري، بل ربما أن هناك "نارا تحت الرماد".
يجب على الحكومة إذن ألا تجعل المواطن يتصور أنه تعرض لـ"عملية خداع" أو أنه يُعاقب على "دعمه وثقته" في الرئيس السيسي منذ 3 يوليو 2013 وحتى الآن، فمنذ الإطاحة بـ"مرسي وإخوانه" والمواطن في حالة "ثقة واستجابة كاملة" لنظام الحكم الجديد.. "انزل يا مواطن إديني تفويض"، فينزل المواطن ويتظاهر تأييدا لسحق الإرهاب بيد النظام، ثم يزداد كرم المصري ويمنح السيسي "ثقة جديدة ومميزة" ليصبح "المشير" رئيسا لمصر، ثم ينادي الرئيس: "يا شعب عايزين نبني قناة السويس الجديدة"، فيستجيب الشعب عن بكرة أبيه ويخرج "ما تحت البلاطة" ويضعه تحت إمرة الحكومة لبناء القناة الجديدة.. و.. "يا شعب صبَّح على مصر"، فيصبَّح المواطن ويمسِّي على مصر، ثم تزداد "نافورة الكرم" وتظهر "الحاجة زينب" و"أخواتها" من سيدات هذا الوطن للتبرع بمصوغاتهن "من أجل مصر".
ثم نجد ماذا بعد كل هذا؟!!.. ترتفع الأسعار.. يزداد الفساد.. تتكرر وتتعدد وتتوحش تجاوزات الشرطة.. تتوسع الحكومة في الحصول على القروض وتزيد العبء والديون على الوطن والمواطنين.. تخرج دعوات لئيمة وخبيثة من "الأثرياء" تطالب بإلغاء الدعم؛ وبالتالي "تجويع" الفقراء.... بالله عليكم هل هذا عدل وإصلاح أم خداع وإفساد؟
إن المواطن الذي وثق في الحكومة الجديدة بقيادة الرئيس السيسي "لن يرضى أبدا" أن يتعرض لأي خداع أو تراجع عن مطالب ثورتي يناير ويونيو، لأن رد فعله وغضبه هذه المرة سيكون مختلفا وصعبا لأبعد حد، وستنعدم الثقة لديه في أي نظام بسبب سقطات الحكومات، وحينئذ سنظل نبحث عن استقرار وعن وطن.. فلا تخدعونا ودعونا جميعا نبني مصر الديمقراطية والعادلة التي نسعى إليها.