لا يزال حلم "إنارة أفريقيا" يراود قادة الدول والمؤسسات الأفريقية بعد عهود من الإظلام والفقر والجوع والأوبئة والتشرد، وهو ما حدا بالكثير من الأوساط الأفريقية بالحديث عن خطة طموحة لتزويد القارة بإمداداتها من الكهرباء بفاتورة استثمارات قدرت بنحو 45 مليار دولار على مدار السنوات العشر المقبلة، من بينها 12 مليارا تعهد بنك التنمية الأفريقي بتخصيصها للاستثمار في إحياء قطاع توليد الكهرباء خلال السنوات الخمس المقبلة.
ويتلاقى حلم إنارة أفريقيا مع أجندة طموحة للعديد من المنظمات الأخرى في العالم في مقدمها الاتحاد الأفريقي، واتفاقية الشراكة من أجل تنمية أفريقيا NEPAD "نيباد"، والاتحاد الأوروبي، والصين، والولايات المتحدة الأمريكية، تستهدف تعميم توصيل الكهرباء لمواطني القارة السمراء من خلال الاستثمار في بنية توليد الكهرباء وشبكات التوزيع والربط بين الدول المختلفة.
ويقول رئيس بنك التنمية الأفريقي، د. أكينوومي أديسينا، إن الـ12 مليارا تأتي كجزء من استثمارات يضخها البنك لتمويل العديد من الأولويات التنموية الجوهرية والتي ستركز مساعداتها على أنظمة الطاقة، والطاقة المتجددة وسياسات الطاقة، والإحصاءات، واللوائح، والشراكات المبرمة على هامش القطاع.
وأكد أديسينا أنه في غضون السنوات العشر المقبلة سيركز البنك على إنارة أفريقيا والتيقن من أن لدى الأفارقة جميعهم القدرة على الوصول إلى الكهرباء، موضحا أن بنك القارة التنموي يركز أيضا على أولويات أخرى أهمها، تأمين الغذاء لأفريقيا من خلال الاستثمار في الزراعة والإنتاج الغذائي، وهو ما يتماشى مع مبادرة "تغذية أفريقيا" إضافة إلى تشجيع الصناعة في أفريقيا، وتحسين مستوى المعيشة وجودة الحياة لشعوب القارة.
ويوضح أديسينا أن التركيز على تمويل مشروعات توليد الكهرباء برز في ضوء إدراكنا أن أفريقيا هى المنطقة الوحيدة على مستوى العالم التي تعاني فقرا شديدا ومعتادا في الكهرباء، مشيرا إلى أن أكثر من 645 مليون أفريقي لا تصل إليهم خدمات الكهرباء، بينما هناك 700 مليون إنسان في القارة ليس لديهم مصدر طاقة نظيفة لاستخدامها في أغراض الطهي وإعداد الطعام.
ويقول أديسنا "الأطفال يتعلمون في الظلام، الشركات تعمل في الظلام، الجراحات تجرى في الظلام"، مؤكدا أن أكبر ضرر يؤثر على نمو أفريقيا وتنميتها يتمثل في نقص الكهرباء.
ولفت مسئول البنك التنموي الأفريقي إلى أن الهدف يتمثل في توسيع شبكة الكهرباء في أفريقيا وتزويدها لتصل إلى 160 جيجا وات، وفي ربط 130 مليون شخص بشبكات توليد الطاقة، وربط 75 مليون شخص من خارج شبكات الكهرباء، وتزويد 150 مليون منزل بالقدرة على الوصول إلى مصدر طاقة نظيف لطهي الطعام.